أشعر بقوتي كامرأة
لوحة للفنانة أماني الحجيري

كفاح زعتري/ayyamsyria- ترى غنى حياتها السابقة خاوية، لازمها إحباط مديد إثر طلاقها الغادر كما تسميه، وحرمانها من ابنها بسبب عدم تقبّل عائلتها للطفل.

لم تكن قد تابعت تعليمها، كما لم يكن عمل النساء من الأمور المطروحة ضمن محيطها الاجتماعي. اهتماماتها بسيطة لا تتعدّى زيارات ومجالس نسائية ودروس دين وتسوّق. تقول ”لم يكن تطوير الذات واكتساب خبرات ومعارف حديثة من ضمن اهتماماتي ولا تدعمه أو تشجّع عليه بيئتي الاجتماعية، التي تعطي اهتمام وقيمة للمرأة من خلال زوجها. كنتُ اتكالية، فالنساء مخلوقات هشّة، وهنّ بوضع التابع للرجل وعليهنّ بذل أقصى طاقة بخدمته وطاعته وإسعاده.” و”بلاه ما منسوى شي”.

تتابع ”هكذا تربيت وعلى تلك المسلَّمات الاجتماعية تشكّلت شخصيتي، وضمن بيئة مغلقة لديها موروث كبير من الاعتقادات التي تحطّ من قدر المرأة وغالباً تربطه بالحلال والحرام، الذي يتسع أو يضيق تبعاً لدروس الشيخ أو الآنسة.”

تتابع ”كان همّي الارتباط بزوج، لرغبتي بحياة طبيعية من جهة، وحتى أستند إليه ويكون المعيل والمنفق وأشعر بنفسي امرأة كاملة وأستعيد ثقتي بنفسي وبأنوثتي.

حتى حصل البركان الذي زلزل البلد وغير حالنا وحياتنا. كانت منطقة سكني من المناطق التي طالها قصف شديد، أجبر أغلب السكان على هجر بيوتهم. شعرتُ بأني ورقة في مهب الريح، التجأت إلى أخي الذي ساعدني بمغادرة البلد وفيما بعد هيّأ لي سبيل الوصول إلى ألمانيا.”

”وفي ألمانيا كانت الصدمة الثقافية شديدة الوقع عليّ، كل شيء مختلف، لا أثر لما تعلّمته ونشأت عليه. ساعدني بدايةً أشخاص طيبون ومتعاونون من جنسيات مختلفة؛ كان الدرس الأول (لسنا الوحيدين ولسنا الأفضل، كل الناس خير وبركة) لكن برؤية مختلفة.”

”رجعتُ إلى المدرسة والتعلّم، بتململ وتكاسل الطفل الذي يفضّل الاستمتاع بالدفء واللعب؛ ولكن تغيّر الوضع بسرعة، اكتشفتُ لدي موهبة تعلّم اللغات، أحببتُ ذلك وتابعت وصار بإمكاني الحديث في الشارع ومع الجيران، بل وحضور فعّاليات اجتماعية ثقافية، شاركتُ بأعمال بسيطة تطوّعية لأقوّي لغتي وأوسّع نطاق علاقاتي الاجتماعية ومعارفي. وهذا فتح أمامي فضاء واسع للتعلّم واكتساب المعارف والتجارب والخبرات. صارت حياتي أسهل وأكثر متعة وإثارة.”

”وصلتُ إلى مستوى عالٍ بتعلّم اللغة، أعملُ بدوام جزئي، وملتزمة بعمل تطوّعي. مستقرة ومرتاحة على الصعيد الشخصي. اعتمدتُ على نفسي ولم أنكسر أو ينقص مني شيء، على العكس أنا الآن حرّة ومسؤولة وصاحبة قرار بكل تفاصيل حياتي، باتت شخصيتي قوية، أشعر بقوتي كامرأة، لا أرى نفسي تابعة للرجل مهما كانت صفته،ولا أقبل أن ينتقص من احترامي، كما تغيّرت نظرتي للرجل، ولن أقبل الارتباط برجل يعتبر نفسه متفوّقاً فقط لكونه ذكر، أو يعتبرني حرف ناقص.”

تختتم حديثها قائلةً: ”نعم تغيّرتُ بشكل كبير نحو الأفضل، أُقرُّ لقد فُرِضَ التغيير عليّ بدايةً، لكنه تحوّل إلى قرار وتطلّب رغبة وإرادة وتصميم ومتابعة.”

لوحة للفنانة أماني الحجيري

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبتها/كاتبها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015