أصوات مصرية- تحت عنوان “أنا مطلقة وسعيدة.. اكتبي قصتك”، أطلقت دار “ليان” للنشر مبادرة تهدف لإصدار كتاب يروي قصص نجاح مطلقات في مواجهة “ظلم” المجتمع لهن، والأفكار “الرجعية” السائدة عن المرأة المطلقة.
ودعت المبادرة، عبر صفحتها على موقع فيس بوك، نساءً اتخذن قرار الطلاق وانطلقن نحو بداية جديدة، لكتابة قصصهن بعد أن اكتشفن طعم الحياة من جديد، بدلا من العيش في بيت بائس، ولاقت الدعوة قبولا لدى بعض المطلقات حيث وصلت خمس قصص في الأسبوع الأول لكن الصفحة اكتفت بنشر قصة واحدة منها.
وقالت مبادرة “أنا مطلقة وسعيدة”، التي انطلقت الأسبوع الماضي وتستمر لثلاثة أشهر، “الطلاق مش نهاية الطريق، بالعكس ممكن يكون بدايته، وممكن تبتدي من جديد لوحدك أو مع شخص تاني”.
ويبدو أن فكرة المبادرة تعكس الواقع الذي نعيشه، فهناك 240 حالة طلاق يوميا، أي بمعدل حالة كل 6 دقائق، حيث يقدر عدد المطلقات بحوالي 2.5 مليون، وفقا لدراسة نشرها مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار في 2014، وتؤكد أن عدد حالات الطلاق يزيد حوالي 5 آلاف حالة سنويا.
مفاهيم رجعية
وقال فتحي المزين، صاحب دار ليان للنشر، “فكرة المبادرة تتماشى مع الوضع الحالي في مصر بارتفاع نسب الطلاق، وانتشار المفاهيم الرجعية عنه”، موضحا أن المبادرة في مضمونها تواجه ظلم المجتمع للمرأة المطلقة، وتشجعها على الكتابة لتغيير النظرة السائدة عن المطلقات.
وأضاف المزين “قابلت عشرات النماذج الرائعة لمطلقات حققن نجاحات بعد طلاقهن ولم يستسلمن للظروف التي يفرضها المجتمع عليهن بتحديد إقامتهن أو انتهاء حياتهن الخاصة”.
وأوضح أن فكرة جمع تجارب حية في كتاب جماعي تكتبه صاحبات التجارب بأنفسهن ناجحة جدا، قائلا “هيكون كتابا مهما خاصة أن القوة الشرائية نسائية في الأساس وبالتالي هيكون له سوق مميز”.
وأشار المزين إلى أن الكتاب لا يهدف إلى الهجوم على الرجال، مؤكدا أن الدار تبذل جهدا من أجل اختيار قصص تم تناولها بشكل مميز وجذاب بدون استخدام أسماء للأشخاص الحقيقيين أو الإساءة لأحد.
التغيير بالكتابة
“بعد الحرية”.. هو عنوان أول قصة نجاح شاركت في المبادرة لإيمان الأمير، التي تحمست لفكرة إصدار كتاب يروي قصصا واقعية لمطلقات، معتبرة أن الكتابة عن تجربة حقيقية يساعد صاحبتها على الاستمرار والنجاح ويساعد أخريات يعيشن ظروفا مشابهة على اتخاذ قرارت تغير حياتهن للأفضل.
وأوضحت إيمان الأمير أن هناك صعوبات قابلتها، أهمها رفض عائلتها فكرة الطلاق حيث إنها من جذور صعيدية تقيد المطلقة ولا تسمح لها بالخروج من المنزل، إلا أنها استطاعت إقناع عائلتها بمساندة شقيقها الأصغر، محطمة كل قيود المجتمع.
لم تكن هذه هي الصعوبة الوحيدة في حياتها، لكنها واجهت مفاهيم الآخرين عن المطلقة وكذلك مفاهيمها الشخصية التي تربت عليها، فلم تكن تسمح لنفسها بالسفر لأنها مطلقة حتى أقنعها شقيقها بالسفر للخارج وتطوير مهاراتها العملية، وتصف ذلك قائلةً “عشت دهرًا بقناعات زائفة”.
وقالت “بدأت الحياة تعيد رسم ملامحها بألوان مختلفة في عيني، اشتقت إلى شغفي بالكتابة وحجزت تذكرة ذهاب بلا عودة.. تنقلت بين محطات الوصول التي أبهرتني، ومع كل محطة جديدة أكتشف أننا لا زلنا في المهد، نحبو في طرقات الأمل ونبعث من جديد.. مع كل حلم نحققه نسعى نحو تحقيق حلم جديد”.
تجارب واقعية
ورأت إيمان الأمير أن هناك كثيرات لا يملكن الشجاعة للكتابة عن تجاربهن حتى لو حققن النجاح بعد الطلاق، وهناك أيضا من لا تملك الشجاعة على اتخاذ قرار الطلاق مفضلة العيش في سجن الزواج خوفا من المجتمع، قائلة “التجارب الواقعية بتأثر فينا أكتر من الحواديت”.
ولا تشجع إيمان الأمير، التي تعمل كاستشاري نظم معلومات بإحدى الشركات، النساء على الطلاق، لكنها تدعو النساء لمواجهة مخاوفهن من نظرة المجتمع للمطلقة، وتخطي صعوبات التجربة، مؤكدة أن الزواج غير المستقر يدمر حياة أي امرأة.
واستطاعت إيمان الأمير أن تحقق نجاحات في العمل وحصلت على درجة الدكتوراه بعد أن كانت تعتبر هذا مستحيلا في ظل العيش في مجتمع صعيدي يرفض عمل المرأة أو حتى خروجها، وخاصة إذا كانت مطلقة، لكنها صممت حتى أصبحت حاليا تشرف على رسائل الدكتوراه مع أساتذتها، كما مارست الكتابة وأصبح لها ثلاثة إصدارات “يا مسافر وحدك”، و”رحلة الخيال”، و”السفر والترحال”.