إشراك النساء في مفاوضات السلام ضروري لتحقيق الاستقرار والأمان
لوحة تشكيلية/ انترنت

جمانة علي/ شبكة المرأة السورية- في الوقت الذي تستعر فيه صراعاتٌ مسلّحة في أكثر من مكان في العالم، وحيث تتمدّد شبكات إرهابية متطرّفة، ويواجه الأمن العالمي مستويات عالية من النزوح والتشرّد، ما زالت استراتيجيات تحقيق الأمن والسلام تتغاضى عن استراتيجية ثبتت جدواها في تحقيق الاستقرار: “إشراك النساء”.

ضمن هذا السياق، أجرى مركز العلاقات الخارجية الأمريكي بحثاً حول التفاعل الرقمي تحت عنوان “مشاركة النساء في عمليات السلام”. ونشر المركز بياناتٍ حول مشاركة نساء في عمليات سلام بدءاً من عام 1990 إلى الوقت الحاضر، بالإضافة للكشف عن أدوات مفيدة لصناع السياسات، مع نشر دراسات معمّقة حول أسباب تحقّق الأمن من خلال إدماج المرأة.

وتشمل ميزات التفاعل الرقمي:

  • أبحاث تسلّط الضوء على إحصائيات تتعلّق بالمساواة بين الجنسين وأمن الدول.
  • مقابلات مصوَّرة مع قيادات نسائية عملت في الصفوف الأمامية لمفاوضات السلام حول العالم، من ضمنهنّ ألين جونسون سيريليف من ليبيريا وتوكّل كرمان من اليمن.
  • دراسات حول جهود السلام الجارية في السودان وجنوب السودان.

براهين جديدة

وقد ورد في سياق هذا البحث ما يوحي بأن إشراك النساء في مساعٍ هادفة لمنع نشوب صراعات، فضلاً عن المشاركة في اتخاذ قرارات، تثمر عن نتائج مرضية، قبل وأثناء وبعد توقف القتال.

فقد اتضح أنه عندما تشارك المرأة في عمليات السلام والاتفاقيات الناتجة عنها، تقلّ فرص فشل العملية بنسبة 64٪، ويرَجّح تطبيق الاتفاق لمدّةٍ لا تقل عن 15 عاماً. وعند سدّ الفجوة بين الجنسين في دولٍ ما، يتحقّق مزيد من الاستقرار والازدهار، وتتعزّز مشاركة النساء في القطاع الأمني، فيما يؤدّي عدم المساواة بين الجنسين والعنف ضدّ المرأة إلى تزايد خطر الفوضى وزعزعة الاستقرار.

ورغم توفّر جميع تلك الأدلّة، ما زال إشراك النساء في عمليات السلام والأمن ضعيفاً، بل متخلّفاً. فقد كشف البحث بأنّه ما بين 1990-2018 مثّلت النساء نسبة 5٪ فقط من المُوَّقِعين على اتفاقيات سلام، وشكّلن نسبة 8٪ فقط من إجمالي المفاوضين.

مشاركة فريدة متميزة

يشير التقرير الصادر عن مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية (وهي مؤسسة رسمية) لمشاركاتٍ فريدة ومتميّزة لنساءٍ ضمن قوّات حفظ السلام، حيث استطعن تحقيق تقدّمٍ ملحوظ في عمليات حفظ الأمن والسلام في أكثر من منطقة حول العالم. ولأنه غالباً ما يسهل على النساء التواصل مع مدنيين، فضلاً عن تمكّنهن من دخول أماكن تُغلَق عادةً أمام الرجال، فمن شأن ذلك أن يوفّر معلوماتٍ استخباراتية حول أخطارٍ أمنية مُحتَملة. كما تستطيع النساء عادةً تفتيش نساء، ما يساعد على إغلاق ثغرةٍ يستفيد منها إرهابيون.

وعلاوةً عليه، يفيد تواجد مكاتب نسائية في تحسين سبل التواصل مع السكان والأفراد المحليين، مما يساعد بالتالي في نشر الوعي بالوضع الظرفي، ومساعدة قادةٍ عسكريين للاضطلاع بمسؤولياتهم، بما فيها حماية المدنيين.

تسوية خلافات

من جانبٍ آخر، يشير خبراءٌ لحقيقة أنّ ضمّ نساءٍ إلى قوّاتٍ أمنيّة يُحَسّن فرص تسوية الخلافات والنزاعات. فمن المُتَعارف عليه بأن عناصر الشرطة النسائية أقلّ ميلاً من زملائهم الذكور لاستخدام العنف المُفرِط، كما يكنّ أكثر ترجيحاً لتخفيف التوتّرات، وبناء الثقة مع مجتمعاتهنّ؛ ما يساعد بالتالي على توفير الاستقرار وتنفيذ أحكام القانون.

وترتبط مشاركة النساء في القطّاع الأمني بتراجع عدد الشكاوى بشأن سوء سلوك أو تصرّفات شائنة، وتحسين نظرة السكان حيال القوّات الأمنية. وعلى سبيل المثال، يرى سكانٌ محليون في ناميبيا وراوندا وجنوب أفريقيا، بأنّ الشرطيّات العاملات ضمن قوات حفظ السلام يكنّ أكثر فعّاليةً ونجاحاً في الحدّ من شدّة عنفٍ مُحتَمل، وهنّ أقلّ تهديداً للسكان، وأكثر استجابةً لشكاوى ومطالب المدنيين.

دورٌ إيجابي

ويشير التقرير أيضاً للدور الكبير الذي يلعبه المزيد من التكافؤ بين الجنسين في قوات حفظ السلام في تقليل خطر الاستغلال الجنسي، والإساءات والجرائم التي تُضعِفُ من دعم عمليات حفظ السلام متعدّدة الأطراف تشارك بها قوّات محليّة ودوليّة، وهي أساسية لتحقيق الأمن الدولي.

وتشير تقديراتٌ إلى أنّ زيادة نسبة مشاركة النساء في وحدات حفظ السلام العسكرية من 0 إلى 5٪، يحدّ من مزاعم سوء المعاملة بأكثر من النصف.

تمكين النساء

وقد لوحظ بأنّ الوجود النسوي ضمن قوّات حفظ السلام، كان له أثره الكبير في تمكين نساءٍ وفتياتٍ في دولٍ مُضيفَة، ويمكن أن يرفع من معدّلات المشاركة في قوات الشرطة والجيش المحلية، ما يطوّر بالتالي قدرة قوّاتٍ وطنيّة على تولّي مسؤوليات أمنية، والحلول مكان بعثات حفظ السلام.

ففي ليبيريا، على سبيل المثال، يشير مراقبون لزيادة نسبة مشاركة النساء في القطاع الأمني الوطني – من 6٪ إلى 17٪ ،خلال مدّة تسع سنوات – ويقارنون تلك النسبة مع أمثلةٍ لدولٍ أسّست لها وحدات شرطة نسائية بالكامل، ما قاد لنشرها في إطار بعثات حفظ السلام الدولية.

فجوات

ورغم ما تدلّ عليه مشاركة النساء في تحسين كفاءة وفاعلية قوّات حفظ السلام الدولية، فإنه غالباً ما تكون النساء غير مُمَثّلات حال تنفيذ عملياتٍ حقيقيّة. وقد طرأ تحسّنٌ بطيء على معدّل المشاركة النسوية في قوات حفظ السلام خلال السنوات الخمس والعشرين الماضية، فارتفعت النسبة الإجمالية من 1٪  في عام 1993 إلى 4٪ من قوات حفظ السلام العسكرية، وإلى 10٪ من نسبة العاملين في القوات الشرَطيّة، على التوالي. ولا تضم قوات نصف الدول المشاركة في بعثات حفظ السلام الدولية عناصر مراقبة نسائية، أو من فئة الضباط.

وتقرّ بعض الدول بافتقارها لعناصر نسائية مؤَهّلة للعمل ضمن قوات حفظ السلام. ولكن كشفت دراسةٌ حديثة بأنه يتوفّر لدى 12 من أصل 21  قوة مشاركة في القوات الشرَطيّة والعسكرية في القوّات الدوليّة، من جميع مناطق العالم، نسبٌ  تقلّ بكثيرٍ عن معدّلات المشاركة النسوية في قوّات الأمن المحليّة في نفس تلك الدول.

وتوحي أدلةٌ أخرى بأن عدداً من الدول إمّا لا تُرَشّح نساءً مؤهّلاتٍ للعمل ضمن قوات حفظ السلام، أو لا يتم إرسالهنّ نتيجة تحيّزاتٍ واعية أو مقصودة من قبل رؤسائهن.

حوافز

ويرى خبراءٌ في الأمن الدولي بأنّ الأمم المتحدة لديها حالياً ما يكفي لتمويل عمليات حفظ السلام ما يساعد على تشجيع، أو تسريع نشر قوّات في مناطق فائقة الخطورة. وبالنظر للعوائد والمكاسب العظيمة التي تتحقّق من خلال مشاركة النساء في قوّات حفظ السلام، فمن المفترض توظيف آليةٍ مماثلة للتشجيع على رفع نسب مشاركاتهن.

وقد نصّ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2242 على تبنّي مثل تلك الحوافز بهدف تعزيز المشاركة النسائية، ولكن لم يتحقّق بعد إلا القليل لتطبيقها.

ومن أجل سدّ هذه الفجوة، يُفترض بالأمم المتحدة أن تُعطي الأولوية لقوات أمنية وعسكرية قادمة من دولٍ تستند مشاركتها لوجود نسبٍ عالية من النساء في صفوف وحداتها، ما يضمن فرصةً لأن تمارس النساء أدواراً نافذة، كمهام المراقبة والحراسة أو التخطيط.

من جانبٍ آخر، تحتاج الأمم المتحدة لإصلاحاتٍ أخرى كأن تجري برامج تدريب خاصة بأفراد شرطة من البلدان المساهمة والتي حقّقت قدراً من المساواة بين الجنسين، فضلاً  عن إجراء عمليات تدقيق صارمة لاستبعاد من لديهم سجلات إجرامية، خاصةً تلك المُتعلّقة بالاستغلال الجنسي. ومن شأن مثل تلك الحوافز أن تحسّن الكفاءة التشغيلية والفعالية وسهولة الوصول، ومصداقية بعثات حفظ السلام.

وقد يتحقق هذا المطلب من خلال توفير موظفين ذوي وجهات نظرٍ متنوّعة، ولديهم مجموعة واسعة من المهارات. ومن شأن ذلك أن يرفع من مستويات التدريب لتولّي مسؤوليات أساسية، ومن ضمنها حماية المدنيين من العنف الجنسي المرتبط بالحروب.

لوحة تشكيلية/ انترنت

لوحة تشكيلية/ انترنت

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015