دمشق/ جريدة الثورة- حضور إعلامي من وسائل إعلامية مختلفة، ومعنيون من الهيئة السورية لشؤون الأسرة، اجتمعوامعاً في ورشة عمل تصدّت لمناقشة “بنود اتفاقية سيداو .. وإشكاليات مازالت قائمة على بعض التحفّظات” مع د. شادية محرز، عضو الهيئة السورية لشؤون الأسرة.
ورشة عمل تميّزت بحضور أنثوي استثنائي ملحوظ مما يعكس، وقبل الخوض في أيّ تحفّظ لبلدنا على بعض بنود هذه الاتفاقية، نسبة حضورها الحقيقي في مجال الإعلام واقتحامها هذا الميدان، ومشاركتها هذه ليست وليدة اليوم إنما تعود إلى زمن بعيد، إلى زمن مريانا مراش، الأديبة الحلبية والتي كانت أول سيدة عربية تكتب في الصحف وقد جذبت اهتمام القراء بمقالاتها الجريئة عن المرأة، تقوم فيها بنقد تقاليد بنات عصرها، وتحثّهن على التحلّي بالعادات الصحيحة، وتفتح عقولهن على العلم.
أيضاً كانت ماري عجمي ودعوتها في مجلة العروس لتحرير المجتمع من رواسب التخلف والجهل.
وليس فقط في الإعلام، حضرت وعبّرت عن أفكارها من خلاله مما قربها من مواقع صنع القرار، إنما ما تحقّق للمرأة السورية من مكتسبات خلال 1946 إلى عام 1970 يكاد لا يُذكر، أمام ما تحقق لها مؤخراً.
حيث نصّ دستور الجمهورية العربية الصادر عام 1973في المادة (44) على أن الأسرة خلية المجتمع الأساسية وتحميها الدولة، كما نصّ في المادة (45) على أن الدولة تكفل للمرأة جميع الفرص التي تتيح لها المساهمة الفعالة والكاملة في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية وتعمل على إزالة القيود التي تمنع تطورها ومشاركتها في بناء المجتمع.
ومن هنا كانت المناصب التي احتلتها والمواقع التي وصلت إليها، فقد حصلت على عددٍ من المقاعد في مجلس الشعب ومازالت حصتها تزداد، وتولّت وظائف قيادية وعملية ومفصلية في المؤسسات، وأُسنِدَت لها حقائب وزارية، ودخلت المرأة السلك العسكري وسلك الشرطة ورأينا القاضيات والمحاميات.
وفي الحرب، كانت المرأة السورية الاستثناء، ضحّت بأغلى ما تملك من أجل أن يبقى الوطن.. فقدت الزوج والأبناء والأخوة، مسحت دموعها ونهضت من تحت ركام الوجع والألم لتُعيل أسرتها.. لتبني الوطن، وكان الصمود والتحدّي والصبر.. دروساً للأجيال، وصفحاتٍ ناصعة للتاريخ في العطاء والعمار بأجمل صوره.
انطلاقاً من المبادئ الأساسية التي نصّ عليها الدستور ومنها المادة (45) التي أشرنا إليها أعلاه، وبناءً على خطط وجهود جبارة على أرض الواقع لتمكين المرأة، وأقرب الأمثلة المرأة الريفية والجهود الحكومية الرامية لتمكينها وما قدّمته لها من تسهيلات ودعم مادي ومعنوي للنهوض بواقعها الأسري والاقتصادي والتعليمي.
وبناءً على توافق بعض المواد المتحفظ عليها مع روح أحكام الشريعة الإسلامية، وبناءً على واقع المرأة السورية من خلال مشاركتها في المجالات كافة.. بناءً على ما سبق فإن بعض التحفّظات على بنود الاتفاقية تبدو أمراً محيّراً.
والتحفّظات هي الاستثناءات التي تضعها الدول الأطراف على وثيقةٍ تُصادق عليها، أي توافق الحكومة عليها قانونياً، من بين هذه التحفّظات الفقرة الرابعة من المادة 15 والمتعلّقة بمنح المرأة نفس حقوق الرجل في السفر واختيار مكان السكن والإقامة. وقد تحفّظت عليها سوريا علماً أن ذلك لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية، ونصوص الدستور كفيلةٌ لحركة الأفراد. وكذلك شأن التحفّظ على الفقرة (ز) من المادة السادسة، والتي تتضمن المساواة في اختيار اسم الأسرة والمهنة ونوع العمل (منح المرأة كوالدة الحقوق والمسؤوليات الممنوحة للرجل نفسه) علماً أن الشريعة الإسلامية أقرّت حقّ المرأة في الحضانة، بينما للتحفّظ على الفقرة ج من المادة التاسعة ونصّها (الحقوق والمسؤوليات نفسها أثناء الزواج وعند فسخه) مبرراته ويؤيّد الأغلبية إذ يفرض المساواة المطلقة ويتنافى هذا مع مسؤولية كلاً من الزوجين، ويتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية.
وأما المادة (29) من هذه الاتفاقية والتي تتعلّق بحلّ النزاعات دولياً، فكان التحفّظ الضروري والحتمي والكامل عليها لأنها تمسّ بسيادة الدولة ولئلا يكون لمحكمة العدل الدولية أي سلطة على القوانين والأنظمة السورية.
وأما التحفّظ على المادة الثانية، المتعلّقة بشجب جميع أشكال التمييز ضد المرأة واعتماد مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في التشريعات واتخاذ التدابير المناسبة التي تتضمن ذلك، فقد تمّ رفع التحفّظ وذلك بعد خمس سنوات.
مازالت المرأة السورية تطمح للوصول إلى مواقع صنع القرار ضمن النسب التي تلبّي طموح الدستور السوري وقوانينه وتشريعاته، ومازالت تسأل سؤال العارف بالجواب.. عمّا فعلته المنظمات والمؤتمرات والاتفاقيات والمؤسسات الدولية والتي خصّت المرأة بحماية خاصة ولاسيما أثناء الحروب، ومن دون تحفّظات.. ماذا فعلت للمرأة السورية التي تعرّضت لشتى صور الأذى المادي والمعنوي.. والحصار والعزلة اقتصادياً واجتماعياً.. وللنزوح القسري.