احذروا غضب النساء!
احذروا غضب النساء!

حياة مرشاد/ sharikawalaken- أنتِ امرأة؟ لا يهمّ إلى أي طائفة تنتمين أو بأيّ عائلة تتحصّنين أو أيّ امتيازات تمتلكين أو في ظل أي ظروف تعيشين… فقط لأنّكِ إمرأة، فأنتِ تعاملين كناقصة أهلية وحقوق، وكأداة للمتعة والإنجاب فقط، وكملحَقة بالرجل، وكناشز في حال تمرّدك على طاعة زوجك… فقط لأنّك امرأة، فأنتِ محكومة بأن تدفعي يومياً ثمن الظلم اللاحق بكِ، جرّاء تخلّي دولتك عن واجب حمايتك وتحكّم قوانين أحوال شخصية طائفية بمفاصل حياتك وحياة أطفالك.

فتحت قضية غدير الموسوي النقاش على مصراعيه حول ظلم وإجحاف المحاكم الجعفرية بحقّ النساء، لا سيما في ما يتعلّق بالحضانة، فحرّكت الإعلام والساسة للتهافت على التضامن معها وإعلان مواقف نصرةً لحقوق النساء، ولعلّ أبرزها دعوة النائبة عناية عز الدين المجلس النيابي اليوم للمسارعة الى مناقشة اقتراحات القوانين المتعلقة بالمرأة وبتّها.

ولكن مهلًا، هل من شأن ذلك التضامن كلّه أن يحرّك المياه الراكدة في بحر القوانين المَرمِيَّة في أدراج المجلس النيابي، الذي وبأدائه الشبه متخاذِل يقول يومياً إنّ قضايا النساء ليست بأولوية، فتزويج القاصرات مباحٌ باسم الدين، ولا نقاش جدّياً لقانون تحديد سنّ الزواج بثماني عشرة سنة الذي تقدّم به “التجمّع النسائي الديموقراطي اللبناني” منذ ما يتعدّى الثلاث سنوات والمرمي اليوم في أدراج لجنة الإدارة والعدل النيابية، والتحرّش بالنساء في العمل والشارع والحيّز الخاص لا يستحقّ دراسةً جديّة لاقتراحات القوانين المُقدَّمة لتجريمه، وحقّ النساء بالمواطنة الكاملة ومنح الجنسية لأسرِهنّ لا يزال يشكّل خطراً كونياً على “لبنانية” هؤلاء… أمّا كلّ ما يمسّ بحياة النساء الخاصة من زواج وطلاق وحضانة ونفقة وإرث وغير ذلك، فهنا الطامّة الكبرى!

مئات النساء سبقن غدير إلى درب الجلجلة وصُلبِن وفلذات أكبادهنّ على مذبح أبويّة قوانين الأحوال الشخصية الطائفية الـ15 وعنفها في لبنان. لا ليست المشكلة في المحكمة الجعفرية فحسب، بل هي مشكلةٌ عامة عابرة للمذاهب التي تجتمع بكلّيتها على قهر النساء والتحكّم بحيواتِهِن. فمن منكم\نّ سأل ماذا حلّ بدوللي الخباز، الأم التي آثرت الاعتصام أمام الصرح البطريركي في بكركي والإضراب عن الطعام رفضاً لقرار المحكمة الابتدائية المارونية بحِرمانها من حضانة ابنتها (7 سنوات) وابنها (15 سنة)؟ ومن تابع ما يحصل اليوم بحياة ميسا منصور التي واجهت قراراً من المحكمة الشرعية السنّية يقضي بانتزاع ابنها، البالغ من العمر تسع سنوات، منها بواسطة؟

من منكم\نّ يعلم عن خبايا أوجاع النساء من المذاهب الإسلامية والمسيحية كافة المهدّدات بالحرمان من أطفالهنّ واللواتي وإن حصلنَ على الحضانة، فإنّ هذه القوانين البالية تحرِمهنّ على أيّ حال من حقّ الولاية على أولادهن القُصّر ممّا يبقيهن وبقوّة الدين والشرع خاضعاتٍ لمزاجية وحكم “الوليّ الجبري”؟

نحن في المجتمع النسوي، وفي حين يتفاعل الرأي العام مع هبّات إعلامية في قضية أو أخرى ثم يركد، نعايش الألم اليومي لنساء، تهدّد أمومتهنّ وخصوصيتهنّ وحريّتهن وحياتهنّ من ذكورٍ يستندون على السلطة الأبوية التي منحتهم إياها المحاكم الروحية والشرعية في لبنان. فالتجمّع النسائي الديموقراطي اللبناني مثلًا والذي يستقبل سنوياً مئات النساء الباحثات عن استشارات ودعم قانوني وبشكل أساسي في قضايا الحماية من العنف والطلاق والحضانة، يشهد على رجالٍ يذلّون طليقاتهم وأطفالهم بالنفقة، التي يتهرّبون منها باستمرار، وفي حالات كثيرة لا يدفعون إلى بعد إصدار قرار حبس بحقّهم، ورجال يلاحقون طليقاتهم ويرعبونهن ويهدّدونهن ويعنّفونهن على مرأى من أطفالهنّ وقوى الأمن والقضاء والمجتمع، ورجال يعاقبون النساء بمنعهنّ من حق رؤية أطفالهن، ورجال يحرمون الأمّ من حضانة أطفالها عبر خطفهم أو إخفائهم عن نظرها حتّى لو كانوا سيرمون بأطفالهم بأحضان جدّة أو زوجة أب…

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”. 

احذروا غضب النساء!

احذروا غضب النساء!

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015