ارتفاع عمر الزواج في سورية إلى 31 عاماً..
الزواج

موقع (الاقتصاد اليوم)- يلعب التعليم الدور الأكبر في تحديد العمر عند الزواج الأول، تحديداً للإناث فالتسرب من التعليم لا يترك خياراً عند الأهالي، تحديداً في المجتمعات التي يتدنى فيها مستوى الوعي إلا بتزويج بناتهن.

وبحسب دراسة لمركز دمشق للأبحاث والدراسات “مداد” وحصل موقع الاقتصاد اليوم على نسخة منه، يشير تركيب السكان 15 سنة فأكثر حسب الحالة الزواجية إلى ارتفاع في نسبة العزوبية من (34.6%)عام 2004 إلى (35.4%) عام 2009، ويعود هذا الانخفاض لأسباب اقتصادية واجتماعية عديدة منها ارتفاع تكاليف الزواج وأجور وأسعار المساكن وارتفاع معدل البطالة بين الشباب، ولا يخفى دور التعليم والوعي كأحد العوامل المؤثرة في هذا المجال. وكانت هذه النسبة أعلى عند الذكور عن مستواها عند الإناث.

وأدى ذلك إلى ارتفاع متوسط العمر عند الزواج الأول بشكل تدريجي من (27.1) سنة للرجال و (23.1)سنة للنساء عام 1994 إلى (29.4) سنة للرجال و (25.6)سنة للنساء طوال عامي 2004-2009، و يزداد هذا المتوسط بشكل طردي مع ارتفاع المستوى التعليميّ، سواء أكان ذلك عند الرجال، أم النساء.

ونظراً لغياب المسوح المتخصصة التي تتيح حساب نسبة العزوبية بين السكان يمكن الاستناد إلى عدد واقعات الزواج لمعرفة التغير في سلوك الزواج عند السكان.  بلغ عدد حالات الزواج (145721) حالة زواج في عام 2011، وانخفض العدد عام 2015 إلى (115492) حالة زواج والى (108717) عام 2016 وهو ما ينبِئ بارتفاع معدلات العزوبية بين السكان، وبالتالي ارتفاع العمر عند الزواج الأول إلى (31.8) سنة للذكور و (26.3) سنة للإناث في عام 2016.

هذا، ولمعرفة تأثير التعليم في سن الزواج يمكن اللجوء إلى معدلات الزواج المبكر بين المحافظات السورية ومستوى التعليم فيها كأحد السبل التي يتم انتهاجها في هذا المجال. إذ تشير بيانات المسح الصحي الأسري لعام 2009 إلى أن نسبة زواج الإناث المتزوجات زواجاً مبكراً دون سن خمس عشرة سنة بلغت في سورية 11% وترتفع هذه النسبة في المحافظات التي ترتفع فيها نسبة تسرب الإناث من التعليم،  تحديداً التعليم الثانوي بصورة كبيرة، حيث شهدت محافظات درعا والرقة ودير الزور وحلب أعلى نسب الزواج المبكر (بحدود 14%) وهي المحافظات التي ترتفع فيها نسبة تسرب الإناث من التعليم، وتراوحت معدلات الالتحاق بالتعليم الثانوي للإناث في هذه المحافظات للإناث (15-17 سنة) بين (46% في محافظة درعا 40% في محافظة حلب وفي محافظة الرقة 46%) مقابل معدل التحاق 33% على المستوى الوطني.

إن العمل على تخفيض نسب الولادات بين المراهقات لن يكون بالضرورة عبر الرعاية الطبية المباشرة ونسب الإشراف الطبي المؤهل والمدرب، بل يمكن القول: إن ولادات أقل بين المراهقات يعني أولاً نسب زواج أقل عند هذه الفئة (المراهقات) وبحسبان أن الولادات في سورية بين المراهقات وغيرهن في معظمها أو كلها تقريبا تتم بشكل شرعي عبر الزواج، فإن تخفيض تلك النسبة سيكون مرهوناً بارتفاع سن الزواج والابتعاد عن الزواج المبكر؛ ذلك متصل بطبيعة الحال بتعليم المرأة وقدرتها على تجاوز مرحلة التسرب الدراسي ونزع أسبابه.

تعقّدت حسابات تأثير التعليم في الزواج المبكر والعمر حين الزواج الأول في ظل الأزمة، فتداخلت مجموعة العوامل الاقتصادية والاجتماعية المؤثرة في قرار الزواج بين ضغوط المستوى المعاشي وقرار الهجرة والتسرب من التعليم الذي ارتفع بشكل كارثي طوال سنوات الأزمة لدرجة تصعب معها معرفة درجة تأثير كل من هذه العوامل، إلا انه من الطبيعي ارتفاع نسب الزواج المبكر بسبب ارتفاع التسرب من التعليم، تحديداً مع ترافقه بزيادة الضغط على موارد الأسرة الاقتصادية، وقصورها عن تلبية متطلبات العيش.

تزداد المأساة بالنسبة للإناث اللاجئات في دول الجوار، إذ تشير الإحصاءات الرسمية الأردنية أن نسبة الفتيات اللواتي تزوجن زواجاً مبكراً سجلت عام 2012 ما نسبته (12%) من إجمالي واقعات الزواج للسوريات، وارتفعت هذه النسبة عام 2013 إلى (25%) وإلى (35.4%) عام 2016.

التعليم والخصوبة

ترتبط معدلات الخصوبة ارتباطاً وثيقاً بالمستوى التعليمي للإناث، إذ تشير بيانات المسح الصحي الأسري أن معدل خصوبة النساء الأميات أكثر من ضعف ونصف معدل خصوبة النساء الحاصلات على شهادة التعليم الأساسي وأكثر  (2.3) من ضعف خصوبة النساء اللواتي حصلن على شهادة التعليم الثانوي أو الجامعي.

ويُعزى هذا التفاوت إلى تأثير التعليم في رفع سن الزواج الذي تم تناوله سابقاً، وهو المحدد الأول من محددات الخصوبة، ويتعلق الثاني بعدد مرات تكرار الحمول أثناء الزواج، تشير البيانات في سورية إلى الارتباط الوثيق لهذين المحددين مع كل من:

– المستوى التعليمي، تحديداً للإناث إذ تشير البيانات إلى أن معدل الخصوبة للمرأة الأمية يساوي ضعف هذا المعدل لدى المرأة المتعلمة تعليماً ثانوياً، وفي الفئات العمرية الأنثوية الأولى (15-24 سنة) يرتفع أربعة أضعاف ونصفاً.

– مشاركة المرأة في النشاط الاقتصادي، تحديداً في ما يتعلق بالحالة العملية للمرأة في القطاعات الاقتصادية خارج القطاع الزراعي.

مستوى الوعي المجتمعي

سجّلت معدّلات استخدام وسائل تنظيم الأسرة تفاوتاً بين المحافظات السورية بشكل يرتبط ارتباطاً كبيراً مع المستوى التعليمي في هذه المحافظات، إذ سجلت محافظات دير الزور ودرعا والرقة وحلب أدنى معدلات استخدام وهي المحافظات التي تعاني من معدلات التحاق منخفضة للإناث في التعليم، تحديداً الثانوي منه (كما تم ذكره سابقاً) بينما سجلت محافظات اللاذقية ودمشق والسويداء معدلات مرتفعة لاستخدام وسائل تنظيم الأسرة، وهي محافظات ترتفع فيها معدلات الالتحاق بالتعليم وانخفاض في معدلات التسرب.

في ظل الأزمة السورية ارتفع معدل الخصوبة الكلية بشكل جوهري من (3.5 مواليد للمرأة) عام 2010 ليبلغ عام 2015 نحو (4.2 مولود للمرأة)،  كما ارتفع معدل الخصوبة الزواجية من (5.4 مولود للمرأة المتزوجة)  عام 2010 إلى (6 مواليد للمرأة المتزوجة) عام 2015. يعزى هذا الارتفاع في الخصوبتين الكلية والزواجية إلى ميل الأسر للإنجاب لتعويض الفاقد في عدد الأبناء الذي خلفته الحرب، وظهور ميول احترازية للأسر لتعزيز عدد أفراد الأسرة تحديداً الأسر التي لديها مولود أو مولودين، إضافةً إلى تأثير تسرب الإناث من التعليم وارتفاع معدلات الزواج المبكر التي تم تناولها سابقاً.

الزواج

الزواج

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015