لبنان/ جريدة الحياة- لكل فتاة حلمها الوردي بارتداء الفستان الأبيض مع فارس أحلامها، آملة بإيجاد الاستقرار مع هذا الشريك. لكن، فجأة، يتدمر هذا الحلم عندما تتعرض الفتاة للاغتصاب، ويصبح زواجها في ظل القانون اللبناني من المادة 522، شفاعة لمغتصبها.
وينص قانون العقوبات اللبناني في مادته رقم 522، على أنه “إذا عقد زواج صحيح بين مرتكب إحدى الجرائم الواردة في هذا الفصل (الاغتصاب – اغتصاب القاصر – فض بكارة مع الوعد بالزواج – الحض على الفجور – التحرش بطفلة – الاعتداء الجنسي على شخص ذي نقص جسدي أو نفسي…) وبين المعتدى عليها، أوقفت الملاحقة، وإذا كان صدر الحكم بالقضية علق تنفيذ العقاب الذي فرض عليه”.
وبدأت مؤسسة “أبعاد – مركز الموارد للمساواة بين الجنسين” بإطلاق حملة تحت شعار “الأبيض ما بيغطي الاغتصاب” بالتزامن مع انعقاد لجنة الإدارة والعدل في مجلس النواب اللبناني، للبحث في اقتراح القانون المقدم من النائب إيلي كيروز الرامي إلى إلغاء المادة 522 المذكورة.
ونشرت المؤسسة عبر صفحتها الرسمية على فايسبوك فيديو يجسد واقع كل امرأة مجبرة على هذا الزواج وشعورها، مرفقة الفيديو بهاشتاغ (وسم) #ما_تلبسونا_522 #إلغوا522.
وتعقيباً على هذه حملة، خرجت مجموعة من الفتيات اللبنانيات إلى شوارع العاصمة بيروت احتجاجاً على القانون، وارتدت المتظاهرات ثوب زفاف أبيض ملطخاً بدماء مزيفة وضمادات جروح، في مشهد يروي رفض المرأة التي تؤكد أن من حقها رفض الزواج من المغتصب، وعدم وصم المجتمع لها بالعار.
وقالت رئيسة المؤسسة، غيدا عناني: “إن القانون يحول السيدة الناجية من الاغتصاب الى ضحية يومية تتقاسم حياتها مع الشخص الذي اعتدى عليها”. ومن المقرر أن يبحث البرلمان اللبناني الأربعاء المقبل، المادة 522 من قانون العقوبات التي يجري تطبيقها منذ أربعينات القرن الماضي.
وأكدت المؤسسة أهمية خلق رأي عام داعم للقضية “عبر الفصل ما بين فعل الاغتصاب كجريمة، وما يعتبره المجتمع شرف النساء، والتشديد على أن إجبار النساء على الزواج من المغتصب هو عمل قمعي، يكرس فعل الاغتصاب بحق النساء في شكل يومي، لذلك يجب على الأهل أن يكونوا على اقتناع بأن تزويج الضحية من المغتصِب ليس الحل، وليس سترة للنساء، إضافة إلى أن الاغتصاب جريمة، وعلى المجرم أن ينال العقاب”.
وتعاطفت مجموعة من الفنانين والمدونين والإعلاميين مع هذه القضية على وسائل التواصل الاجتماعي، فكتب الممثل الكوميدي نعيم حلاوي: “إذا القانون يُبرّئ المغتصِب إذا تزوّج ضحيته، يعني يجب أن يحصل سارق البنك على البنك إذا أعاد المسروقات”.
وعبر الفنان يوسف الخال على الصفحة الرسمية للمؤسسة قائلاً: “لا يوجد منطق بشري أو اجتماعي أو ديني أو روحاني يمكن أن يتقبل هذا الشيء أو أن يكون وارداً”، فيما قالت الفنانة عايدة صبرا: “الاغتصاب جريمة، والقانون موجود كي يحمي الضحية، وليس أداة عقاب إضافية للضحية”.
وأجرت “أبعاد” خلال العام الحالي، استطلاعاً بالتعاون مع مركز البحوث والاستشارات، أظهر مجموعة من النتائج الآتية:
واحد في المئة فقط من اللبنانيين يعلمون بوجود المادة 522 من قانون العقوبات اللبناني. 60 في المئة يطالبون بإلغاء المادة 522. 85 في المئة يعتبرون أن المادة 522 تمس بكرامة المرأة التي تعرضت للاغتصاب. 84 في المئة يعتبرون أن المادة 522 تحمي المغتصب من الملاحقة والعقاب 84 في المئة يعتبرون أن زواج المغتصب من المرأة يؤدي إلى مشاكل أسرية واجتماعية 80 في المئة يعتبرون أن المادة تتجاهل حق المرأة بالتعويض عليها عن الأضرار الجسدية والنفسية والمعنوية 81 في المئة يعتبرون أنها تحرم المرأة المعتدى عليها من حقها في العدالة 73 في المئة يعتبرون أن وجود هذه المادة يشكل عنصر ضغط إضافياً على المرأة لكي تقبل بالزواج بالمغتصب 70 في المئة يرفضون مقولة أن المادة 522 تحفظ شرف المرأة.