الإمتناع عن مقاضاة المُعتَدين؛ سبب زيادة العنف ضدّ المرأة في المغرب
العنف النفسي الأكثر انتشارا في الوسط العائلي بالمغرب والأب والأخ متهمان رئيسيان بارتكابه.

الرباط/ alarab- لا تقدّم النسبة الأكبر من النساء المُعَنَّفات في المغرب أي شكاية ضدّ مرتكبي العنف عليهن، في المقابل فإن أغلب الحالات التي تُقَدَّم فيها شكاوى تكون ضحاياها من المُطَلَّقات أو الأرامل، وهو ما يدل على أن غياب الزوج يشجّعهن بشكل غير مباشر على السعي إلى الدفاع عن أنفسهن وكرامتهن.

أكّدت وزيرة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية في المغرب، بسيمة الحقاوي، أن نسبة 93.4 في المئة من حالات العنف لا تتقدّم بشكاوى في حقّ المعتدين. وبيّنت أن 6.6 في المئة فقط من النساء ضحايا العنف اللاتي يتقدّمن للتقاضي لدى الجهات المختصة، وبيّنت الوزيرة أن النساء المُطَلَّقات أو الأرامل ضحايا العنف، هنّ الأكثر مبادرة لتقديم شكاية في المُعنّف.

وأوضحت الوزيرة أنّ نسبة انتشار الظاهرة على الصعيد الوطني تصل إلى 54.4 بالمئة، وتقدّر هذه النسبة في المجال الحضري بـ55.8 في المئة، بينما لا تتعدّى في المجال القروي 51.6 بالمئة.

وانتشر العنف النفسي أكثر من بقية أشكال العنف الذي تعرّضت له النساء خلال الفترة المذكورة، بنسبة 49.1 في المئة، والعنف الاقتصادي 16.7 في المئة، والعنف الجسدي 15.9 في المئة، والعنف الجنسي 14.3 في المئة.

وصرّحت الحقاوي بأن نسبة 3.2 بالمئة من النساء أعما رهن من 18 إلى 64 سنة، أي 349 ألفا و688 امرأة، قد تعرّضن لجميع أشكال العنف، و12.4 في المئة من مجموع النساء المغربيات تعرّضن للعنف في الأماكن العامة؛ بنسبة 66.5 بالمئة في ما يتعلّق بالعنف الجنسي، و49.1 في المئة للعنف النفسي، و33.2 في المئة للعنف الجسدي.

أما في الوسط العائلي فتعرّضت 17.9 في المئة من مجموع النساء المغربيات للعنف؛ بنسبة 92.2 في المئة في ما يتعلّق بالعنف النفسي و21.5 في المئة للعنف الاقتصادي، و12.9 في المئة للعنف الجسدي، و2.2 في المئة للعنف الجنسي، حيث صرّحت النساء ضحايا العنف في الوسط العائلي أن الأب هو المُمَارس الأول للعنف ويليه الأخ في المرتبة الثانية.

وحسب النتائج الأولية للبحث، فقد تعرّضت 24.3 في المئة من النساء المُتَعرّضات للعنف في الوسط المهني، فيما تعرّضت 30.9 في المئة من النساء المُطَلَّقات والأرامل للعنف بعد الطلاق أو الترمّل، كما وصلت نسبة العنف في الوسط الزوجي إلى 52.5 بالمئة، بينما 54.4 في المئة من الفتيات المخطوبات تعرّضن للعنف في سياق الخطوبة.

وفي ما يتعلّق بالعنف الإلكتروني، أشارت الوثيقة إلى أن النساء ذوات المستوى التعليمي العالي هنّ الأكثر عرضةً للعنف الإلكتروني، حيث تعرّضت 13.4 في المئة من مجموع النساء المغربيات من سن 18 إلى 64 سنة للعنف الإلكتروني.

وأبرزت الحقاوي أن هناك دينامية جديدة في مجال محاربة العنف ضدّ النساء، تطرح كقضية أساسية مسألة التمكين الاقتصادي للمرأة وفسح المجال أمامها للمساهمة في التنمية، مذكّرة بأهمية التحسيس لاسيما من قبل الجمعيات المتخصصة في الترافع من أجل قضايا المرأة.

وأوضحت الوزيرة أن هذه الدينامية تستند بالأساس إلى تعزيز حقوق المرأة وتفعيل مبدأ المساواة، وإصدار القانون المُحدِث لهيئة المناصفة ومكافحة كلّ أشكال التمييز، وإطلاق سياسة وطنية لمناهضة العنف ضدّ النساء، فضلاً عن تقوية برنامج الإدماج الاقتصادي للمرأة وتمكينها في الحقل التنموي، وتعزيز دور القضاء في حماية الحقوق والحريات ومحاربة الجريمة.

الرؤية التي يُعَالج بها موضوع العنف ضدّ النساء اليوم ليست جزئية، بل تستند إلى مقاربة شمولية مبنية على منظور متعدّد يأخذ بعين الاعتبار جميع الأبعاد المتحكمة في الظاهرة، انطلاقاً من المقاربة الحقوقية كمدخل أساسي، والتماسك الاجتماعي المبني على التماسك الأسري، إلى جانب الوقاية والحماية والتكافل، دون إغفال الجانب الزجري والقانوني، وفق المتحدّثة.

وشدّدت الحقاوي على أهمية تدخل كافة الفاعلين المعنيين، مؤكّدةً أنّ التجربة كشفت إمكانية تحقيق الالتقاء بين مكونات الحكومة، مركّزةً على أهمية المقاربة المجالية واتخاذ البعد التُرابي كبعد أساسي في مقاربة قضايا المجتمع، في إطار تنزيل الجهوية المتقدّمة، مسجّلةً الحاجة إلى تنزيل جهوي لجميع البرامج والمبادرات الرامية إلى محاربة العنف ضدّ النساء.

واستعرضت الوزيرة المكتسبات التي تحقّقت في مجال التنسيق والتكفّل بالنساء ضحايا العنف، وكذلك تطوير وتفعيل المنظومة المعلوماتية المؤسساتية حول العنف ضدّ النساء، وتطوير المعرفة في هذا المجال، من خلال المرصد الوطني لمحاربة العنف ضدّ النساء، وآليات أخرى للرصد واليقظة في مجال النوع، والبحث الوطني الثاني حول انتشار ظاهرة العنف ضدّ النساء.

وفي ما يخصّ المكتسبات التشريعية في مجال مناهضة العنف ضدّ النساء، أبرزت وزيرة المرأة أن هناك ترسانة قانونية متكاملة تضم على الخصوص القانون 103.13 المتعلّق بمحاربة العنف ضدّ النساء، والقانون المتعلّق بمؤسسات الرعاية الاجتماعية، والقانون المتعلّق بمكافحة الاتجار بالبشر، والقانون المتعلّق بهيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، والقانون المتعلق بإحداث المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة.

ومن أبرز مضامين القانون 103.13 المتعلّق بمحاربة العنف ضدّ النساء تحديد إطار مفاهيمي محدّد ودقيق من شأنه مساعدة المتدخلين لتمييز وحصر الأفعال والسلوكيات المدرجة في مجال العنف، وإحداث هيئات وآليات للتكفل بالنساء ضحايا العنف وإعادة هيكلة الخلايا بالمستشفيات والمحاكم، فضلاً عن تجريم بعض الأفعال باعتبارها عنفاً يلحق ضرراً بالمرأة ومن بينها الامتناع عن إرجاع الزوجة المطرودة من بيت الزوجية، والإكراه على الزواج، والمساس بحرمة جسد المرأة، وتبديد أموال الأسرة بسوء نية أو التفويت فيها.

وينصّ القانون أيضاً على تجريم بعض الأفعال باعتبارها صوراً من صور التحرّش الجنسي، مع تشديد العقوبات عليها في حالة ارتكاب الفعل في ظروف معيّنة ومن طرف أشخاص محدَّدين، وتشديد العقوبات في حالات العنف المرتكب ضدّ المرأة لكونها امرأة، وفي حالة بعض الأفعال كالعنف ضدّ القاصر أو ضدّ المرأة الحامل، أو ضدّ الزوجة أو الطليقة بحضور الأبناء أو الوالدين، إضافةً إلى التنصيص على عنصر الفورية في اتخاذ التدابير الحمائية، مع تقرير العقوبات.

وأشارت الحقاوي إلى أن الوزارة تتخذ التدابير النهائية لإخراج الاستراتيجية الوطنية الثانية لمحاربة العنف ضدّ النساء، التي تشمل أربعة محاور استراتيجية تهم الحماية من كافة أشكال العنف ضدّ النساء، في كل الفضاءات وفي مختلف مراحل العمر، والوقاية من العنف والتمييز ضدّ النساء والفتيات، والتكفّل بالضحايا وتمكينهن، والزجر وإعادة تأهيل وإدماج مرتكبي العنف.

وأكّدت أنّ الآفاق المستقبلية تهم توسيع المنظومة المعلوماتية المؤسساتية حول العنف ضدّ النساء، ومواكبة إرساء منظومة التكافل، وتفعيل الفضاءات متعدّدة الوظائف للنساء، إلى جانب وضع المبادئ التوجيهية لضمان الانسجام في تنزيل القانون، ووضع برامج للتكوين والتأطير والتأهيل لفائدة مختلف المتدَّخلين والمعنيين.

القضاء على ظاهرة العنف ضدّ النساء في المغرب تقتضي محاربة ثقافة العنف بشكل عام لدى كافة فئات المجتمع والحدّ من سيادة النزعة الذكورية داخل المجتمع والمؤسسات، ومقابلتها بإبراز قدرات المرأة وليس أنوثتها، لإخراجها من دائرة الاستهداف.

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.

العنف النفسي الأكثر انتشارا في الوسط العائلي بالمغرب والأب والأخ متهمان رئيسيان بارتكابه.

العنف النفسي الأكثر انتشارا في الوسط العائلي بالمغرب والأب والأخ متهمان رئيسيان بارتكابه.

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015