طيبة فواز/ ساسة بوست- ظهرت الحركة النسوية في العلاقات الدولية في ثمانينات القرن العشرين، وقدمت نقدًا لاذعًا للطرق التي تشكلت بها معرفتنا للعلاقات الدولية من خلال خبرات الرجال والتي أهملت تمامًا الطرق المختلفة جدًا التي تمارس بها النساء السياسات الدولية.
طرحت سينثيا إينول (1989) في دراستها النسوية السؤال التالي: أين النساء؟ وقد كان سؤالًا مهمًا؛ لأن النساء كن مغيبات بشكل ملحوظ عن مجال السياسة الدولية، حيث لم تمثل النساء إلا بأعداد قليلة جدًا في كل المجالات التي ترتبط تقليديا بالعلاقات الدولية: رؤساء الدول، والسلك الدبلوماسي، وضباط كبار في الجيش، وشخصيات رائدة جدًا في مجال الأعمال، ورؤساء المنظمات الدولية… إلخ. ماحاولت إينول فعله هو القول بأن النساء لسن مغيبات عن العلاقات الدولية، بل تم تجاهلهن تمامًا. ولأننا نعرف العلاقات الدولية بأنها تتعامل مع العلاقات السياسية العالمية بين الدول، فإننا نفشل في إدراك الأدوار الأساسية، ومع ذلك غير المثمنة جيدًا، التي تلعبها النساء كزوجات دبلوماسيات، أو عاملات في الشركات متعددة الجنسيات، أو في المزارع.
قد زعم النسويون أنه لا يمكن الوصول إلى فهم كلي للتاثير التمييزي لنظام الدولة والاقتصاد العالمي على حياة النساء والرجال، إلا من خلال تقديم تحليل في الجندر النوع الاجتماعي.
إذ يعرف النسويون الجندر بأنه مجموعة من الخصائص المبنية اجتماعيًا، والتي تصف وينبغي للرجال والنساء أن يكونوا عليه.
لقد لفت مناصرو الحركة النسوية الانتباه للطريقة التي نبني لها أفكارًا محددة حول الصفات الذكورية والأنثوية. إذ ينظر إلى الرجال عادة، وبصورة نموذجية، بأنهم أقوياء وعنيفون، لكن مع ذلك عقلاء أيضًا. في حين ينظر إلى النساء على أنهن سلبيات وعاطفيات وحنونات. إذ يقول مناصرو الحركة النسائية إن الرجال والنساء هم كذلك بطبيعة الحال، إلا هذه تصنيفات مؤسسة اجتماعيًا تصوغ الطريقة التي نفكر بها بالفروقات ما بين الجنسين. إذا ما فكرنا بشروط هذه التصنيفات، يمكننا أن نرى بوضوح أن الواقعية والواقعية الجديدة تأكيدهما على الدولة العقلانية التي تسعى جاهدة للعيش في عالم عنيف ومعاد، هما نظريتان صممتا بوضوح مع افتراضات ذكورية بالمخيلة.
إذ يمكن تقسيم البحث النسوي في تخصص العلاقات الدولية إلى جيلين منفصلين يكمل أحدهما الآخر وهما:
الجيل الأول: الذي تخصص بالدرجة الأولى بإلقاء الضوء على الأسس الجندرية المتحيزة جنسيًا لنظريات العلاقات الدولية ولممارسات السياسات الدولية ونقدها جميعًا.
الجيل الثاني: إذ يتخصص بتطوير البرامج البحثية الخاصة بهم من خلال التوسع في حدود التخصص، والتحقيق في قضايا مختلفة، والاستماع إلى أصوات غير مألوفة.
وقد ركّز هؤلاء على التحليل في دراستهم لحوادث العالم الواقعي في السياسة العالمية، مضمنين انتقادات مفاهيمية في تحليلاتهم لمواقف محددة. وقد درسوا الطبيعة المتحيزة جنسيًا للاقتصاد العالمي، والسياسة الخارجية، والأمن، من خلال تفحصهم لمواقف سياسية واقتصادية محددة ضمن سياقات تاريخية وجغرافية حقيقية.
هنالك أيضًا تشكيلة واسعة من الرؤى للنظرية النسوية، ويبني العديد منها على بعض من منظورات العلاقات الدولية، لا بل يذهب إلى ما هو أبعد من هذه المنظورات، كالليبرالية، والبنائية، والنظرية النقدية، وما بعد البنيوية، وما بعد الاستعمارية. وفيما قد تختلف في ما بينها حول أسباب تبعية المرأة، فإنها جميعا تحاول أن تفهم هذه التبعية.
الخلاصة أن تخصص العلاقات الدولية النسوي قد ساهم بشكل كبير في فهمنا السياسة العالمية عبر السنين الأخيرة. وقد أعادت النسوية إبراز النساء، وحققت في الهياكل الجندرية للمفاهيم والسياسات الدولية، وشككت في طبيعة الفئات الجندرية التي تشكل السياسة العالمية وتتشكل منها.