الجازية الهلالية.. امرأةٌ حصلت على ثلث المشورة في مجتمعٍ قَبَلي
الجازية الهلالية هي الشخصية الأسطورية الأساسيّة التي تسيطر على “السيرة الهلالية”

مجلة ميم- الجازية الهلالية، هي الشخصية الأسطورية الأساسيّة التي تسيطر على “السيرة الهلالية”، تلك الملحمة الشعبية العربية التي مازالت متداولة إلى اليوم في كامل أرجاء الوطن العربي وتقصّ بأسلوبٍ شعري “تغريبة” أعراب بني هلال بعد سبع سنواتٍ من الجدب من هضاب نجد إلى مشارف إفريقية وزحفهم عليها واستيطانهم بها.

و”الأميرة الجازية الهلالية” واحدةٌ من الإشارات التي لم ولن يخفت ضوءها مهما مرّ عليها الزمن، فهي تجربةٌ لإمرأةٍ وُلِدت في مجتمعٍ قَبَلي بكلّ ما تعنيه كلمة قبيلة من مكانةٍ ودورٍ للمرأة، ورغم ذلك استطاعت أن تحصل على ثلث مشورة قومها وتساهم بفاعليةٍ في صنع القرار.

الجازية بنت سرحان الدريدي نسبة لدريد أحد بطون بني هلال تنتمي لقبيلة أولاد سرحان إحدى بطون قبيلة دريد الهلالية، وأخت السلطان حسن بن سرحان المشهور، أما عن بني هلال فهي أحد بطون قبيلة “هوازن” المعروفة (تعود قبائل بنو هلال في أصلها لهوزان)، وتنتسب إليهم أمّ المؤمنين “زينب بنت خزيمة” و“ميمونة بنت الحارس” “زوجتى رسول الله صلى الله عليه وسلم كانتا هلاليتين من بني هلال”، و(بنو هلال) هم أخوال (سيف الله المسلول) خالد بن الوليد، و(حبر الأمة) عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.

مُدبّرة الأمور

وُلِدت الجازية بصحراء نجد أوائل القرن الرابع الهجري، واسمها الأصلي ”نور بارق” ونسَبَها يرجع لدريد أحد بطون بني هلال، وأخوها الأمير حسن بن سرحان كان ملك الهلايل وقائدهم في تغريبتهم الشهيرة من نجد إلى تونس، وزوجها الأول الأمير شكر أبو الفتح شريف مكة والثاني ماضي بن مقرن أمير برقة وعاشقها دياب بن غانم فارس بني هلال ومُخلّصهم من عدوهم اللدود الزناتي خليفة·

كانت مُدبّرة أمور الهلايل، وكانت تقف دائماً في قلب معاركهم وغزواتهم، وسيرتها تتردد بين الناس حتى اليوم باعتبارها أهم شخصيات السيرة الهلالية ولا ينافسها إلا الأمير أبوزيد الهلالي سلامة.

على عكس أبطال وبطلات السير الشعبية، لم تكن “الجازية” فارسةً محاربة وليس لها في الطعان، وقوتها تكمن في أنوثتها الطاغية، إنها أسطورة الجمال الفاتن والعقل الراجع والرأي السديد، ورواة السيرة الهلالية وصفوها بأوصافٍ شتى منها أنها ”جميلة المنظر لطيفة المخبر، بديعة الجمال، عديمة المثال في الحسن والكمال وفصاحة اللسان لا يوجد مثلها في الخلق لا في الغرب ولا في الشرق”.

قائدة تغريبة الهلاليين

و تعود بدايات سماع رأيها وتنفيذه على الهلالية جميعاً إلى أنّها أشارت، وهي مازالت شابة، برأي أعاد أبا زيد وأمّه خضرة الشريفة إلى الهلالية بعد هجرٍ طويل وقاسٍ كاد ينتهي بإراقة دماء الأبّ رزق الهلالي على يد إبنه أبو زيد الهلالي.

والجازية من أبرز قادة تغريبة بني هلال وأبلت بلاءاً حسناً في كلّ حروبهم وكانت تُحلّ الشعور وتنزل وسط المعارك لتحثّ الفرسان وتشجّعهم بالأشعار والخطب، وهي التي أشارت على الهلايل بإرسال أبي زيد الهلالي واثنين من فرسانهم لاستطلاع مملكة الزناتي خليفة في تونس قبل مهاجمتها.

وخرج أبو زيد ورفيقاه يحيى ويونس في رحلةٍ استطلاعية استغرقت خمسين يوماً وعُرفت في السيرة بإسم ”رحلة الريادة” وهناك أسر الزناتي يحيى ويونس وهرب أبو زيد وعاد إلى الهلايل إلى ”تونس الخضراء”·

ومن هنا بدأت رحلة بني هلال ومن والاهم من القبائل العربية إلى تونس ومملكة الزناتي خليفة بحثاً عن الأرض التي لا تجدب والماء الذي لا ينضب، وتحرير اثنين من أشجع فرسانهم وأجملهم هما يحيى ويونس.

وقطعوا رحلةً طويلة وخاضوا العديد من المغامرات والمعارك في العراق والشام ومصر والساحل الأفريقي حتى وصلوا إلى تونس، غير أن حصونها وفرسانها صدّوهم وأعجزوهم عن مواصلة المسير. ولجأت الجازية وأبو زيد الهلالي للحيلة مع الحرّاس حتى تمكّنوا من فتح الأبواب ولكن دون جدوى، وبدأوا معارك طاحنة مع الزناتي خليفة ورجاله الذين أذاقوا الهزائم تلو الهزائم لبني هلال في بادىء الأمر.

الجازية الهلالية هي الشخصية الأسطورية الأساسيّة التي تسيطر على “السيرة الهلالية”

الجازية الهلالية هي الشخصية الأسطورية الأساسيّة التي تسيطر على “السيرة الهلالية”

تعليق واحد في “الجازية الهلالية.. امرأةٌ حصلت على ثلث المشورة في مجتمعٍ قَبَلي”

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015