الحركات النسوية في العالم العربي
النسوية العربية

لها أونلاين- سنحاول من خلال هذه الدراسة: التعريف بالحركة النسوية، وأبرز سماتها، والآليات التي تنتهجها للتأثير في المجتمعات، مع رصد للمراحل التي مرت به هذه الحركات في عدد من البلاد العربية والإسلامية.

تعريف الحركات النسوية:

تعرف النسويات الحركات النسوية: بأنها حركات اجتماعية، تتبنى قضية النساء في المجتمع، من منطلق القناعة بوجود خلل في ميزان القوى الاجتماعية والسياسية بين الرجال والنساء، وتقوم على الوعي والفعل.

وتتشكل الحركة النسوية من الأفراد والمجموعات والمنظمات التي تشترك في الموقف.

وتعرف الدكتورة نورة العدوان “الحركة النسوية الغربية المعاصرة Feminism” بأنها: تنظيم غربي انطلَق من الولايات المتحدة الأمريكية، ويتَّخذ منها مركزًا له، وتعتبر هذه الحركة امتدادًا للحركات النسوية الغربية التي ظهرت في أمريكا وبريطانيا خلال القرن التاسع عشر الميلادي، والتي ناضلت في سبيل الحصول على الحقوق الإنسانية للمرأة؛ حيث كانت المرأة في تلك البلاد محرومةً من التصرف في مالها، ولا تُوفَّر لها فرص التعليم والعمل، وتمحورت مطالبهن حول الحقوق الفردية للمرأة، في أن تُعاملَ على أساسٍ مساوٍ للرجل في إنسانيته.

ومع تقدُّم الوقت، وبعد حصول هذه الحركة على المطالب السابقة، رفعت شعار التماثل الكامل بين الرجال والنساء في جميع الجوانب، بما فيها التشريعية، وكانت دول العالم الإسلامي من المناطق التي نشِطت فيها تلك الحركة؛ سعيًا وراء توطين الفكر الغربي والمبادئ التي تدعو لها الحركة في بلاد الإسلام، ويعد التنظيم النسوي الأقوى والأكبرِ والأكثرِ انتشارًا في العالم أجمع، ويعمل من خلال شبكةٍ ضخمة من المؤسسات والمراكز والجمعيات، وقد امتد تأثير أيديولوجية هذا التنظيم إلى السياسة، والقضاء، والتعليم، وغيرها.

والحركات النسوية لها سمات معينة – خصائص نسوية مميزة – لا تتسم بها العديد من الحركات الاجتماعية الأخرى.

 سمات الحركات النسوية:

تقوم الأجندة الخاصة بهذه الحركات، على أساس تحليل من منظور النوع الاجتماعي للمشكلة، أو الموقف الذي تواجهه الحركات أو تسعى لتغيريه.

• تشكل النساء كتلة حرجة في عضوية الحركة، أو قاعدتها الجماهيرية، فتهدف لكي تكون المرأة فاعلا وليست مفعولًا به، أو مجرد جزء من جمهور الحركة المستهدف.

• تعتنق تلك الحركات قيمًا وأيديولوجية نسوية: مثل المساواة بين الجنسين، والمساواة الاجتماعية والاقتصادية وكامل حقوق الإنسان، والتسامح وشمول كافة الأطياف، والسلام ونبذ العنف، واحترام مساحات الجميع وأدوارهم وما شابه.

• لديها قيادة نسائية، تنتخب وتأخذ دورها المركزي على أساس منهجي (وفق منظور نسوي) في الحركة. وهذا على عكس الحركات التي تتعامل مع مشاركة النساء بدون منطلقات نسوية.

• تصاغ الأهداف السياسية للحركة، من منظور النوع الاجتماعي، فهي لا تسعى لإحداث تغيير في المشكلة فحسب، وإنما لإحداث تغيير يضمن مصالح النسويات، ويسعى لتغيير علاقات القوى الاجتماعية، وتلك القائمة على أساس النوع الاجتماعي.

• استخدام إستراتيجيات ووسائل موضوعة على أساس النوع الاجتماعي. تُعول هذه الإستراتيجيات على قدرات التعبئة والتفاوض لدى النساء، وتشركهن في كل مرحلة من العملية.

• تُنشئ المزيد من المنظمات النسوية، أي منظمات تؤسس نظًما وهياكل، تتصدى عن وعي لمسألة توزيع القوة والمسؤولية بين الأدوار، وتعزز الممارسة النسوية في مجال القيادة.

وليس معنى هذا أن كل الحركات النسوية تتحلى بالضرورة بجميع هذه الخصائص. إنما هذه محاولة لرسم الصورة النموذجية التي تسعى الحركات النسوية لممارستها.

ومن المفيد هنا أن نفرق بين بناء الحركات النسوية وبناء الحركات وفقا للمنهج النسوي:

فبناء الحركات النسوية هو حشد النسويات مع حلفائهن ومؤيديهن؛ من أجل تحقيق أهداف تركز بوجه خاص على مخرجات ما يسمى بـ”المساواة” على صعيد النوع الاجتماعي، على سبيل المثال: بناء حركات لمحاربة ختان الإناث، أو المطالبة بالمساواة في الإرث أو الحقوق الإنجابية والجنسية. وبهذا المعنى: فإن الصراعات لتغيير نظام المواريث المطبق في البلاد الإسلامية، وحركات مكافحة ختان الإناث في بلدان عديدة، وحركات إلغاء الولاية على المرأة، تعد كل هذه أمثلة على الحركات النسوية.

أما بناء الحركات وفقا للنهج النسوي، فيمكن تعريفه بوصفه محاولة لاستخدام منظورات التحليل النسوي والمساواة على صعيد النوع الاجتماعي في حركات أخرى. ومن الأمثلة الكلاسيكية على ذلك: جهود العديد من النسويات في دمج منظور النوع الاجتماعي في التحليلات والأهداف والإستراتيجيات الخاصة بحركات البيئة والسلام وحقوق الإنسان والتنمية، وحركات العمال والفلاحين في شتى أنحاء العالم.

أسلوب الحركات النسوية في التغيير:

تسعى الحركات النسوية في التأثير في صناع القرار؛ بهدف إحداث تغيير في قضية معينة، وذلك من خلال ثلاث مستويات:

•التغيير في القوانين/ السياسات

•التغيير في التطبيق.

•التغيير في مواقف وسلوكيات الناس.

وتتغير الأساليب والجهود وفقا للهدف أو الأهداف المنشودة:

• فإذا كان الهدف هو تغييري القوانين والسياسات، فيتم ذلك عن طريق الحملات، سواء كانت حملات افتراضية أو جهود جمع التوقيعات، أو حشد النساء وإقامة التظاهرات والأنشطة الاحتجاجية، وكذلك الكتابة في الصحف والحديث في وسائل الإعلام المسموعة والمرئية.

• أما إذا كان هدف الحركات النسوية هو: تغيير الطريقة التي تطبق عبرها القوانين والسياسيات، فيتم استهداف صانعي القرار، ومنفذي السياسات عن طريق المفاوضات المباشرة، أو الحملات السياسية المنظمة أو الحملات الإعلامية.

• أما إذا كانت الأنشطة تهدف بالأساس لتغير سلوك الجمهور المستهدف من رجال ونساء، فإن ذلك يتم عبر خطط بعيدة المدى؛ لنشر الثقافة النسوية والتأثير لتغيير القناعات في المجتمع، عن طريق استخدام أدوات مختلفة، مثل: أنشطة الندوات والورش التدريبية، ووسائل الإعلام والأفلام السينمائية والوثائقية، والإعلانات والصحف، وتغيير مناهج التعليم والحملات السياسية، وكذلك العمل على تغيير المصطلحات والمفاهيم.

الموجات التي مرت بها الحركات النسوية

هناك تشابه كبير بين الموجات التي مرت بها الحركات النسوية في الغرب والعالم العربي؛ يعود ذلك إلى تأثر الأخيرة بالأولى. في البداية طالبت الحركة النسوية في موجتها الأُولى بـ”Equity Feminism” بتحقيق  المساواة بين الرجل والمرأة. أما الموجة الثانية للحركة النسوية، فتسمى بـ” Gender Feminism“؛ أي: “نسوية الجندر”، أو نسوية النوع. بدأت هذه الحركة الأخيرة في عام 1960م، وأخذت منحنًى مختلفًا في أيدولوجياتها ومطالبها، وأصبحت تحمل أيدولوجية شاذةً وغريبة. وفي عام1990م ظهرت موجة جديدة للحركة النسوية، وهي ما يطلق عليها “الموجة الثالثة”، حيث إنها ظهرت كرد فعل للتيار المعارض للحركات النسوية.

النسوية العربية

النسوية العربية

المراجع:
– ماهية وأهداف الحركة النسوية، د. أحمد إبراهيم خضر.
– موسوعة ويكيبيديا، حركة نسوية.
– كتاب: إطلاق دليل المبادرات النسوية/ النسائية الشابة، إصدارات مركز نظرة للدراسات النسوية – نسخة إلكترونية.

أترك تعليق

المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015