روزنة- مع استمرار الصراع، قالت إحدى راهبات ساليسايان، والتي كرّمها البيت الأبيض بوصفها “المرأة الشجاعة”، إنه ليس من المهم من يكون المسؤول؛ طالما أنه يعمل لإحلال السلام فإني سأمنحه صوتي.
وكانت الراهبة الأخت “كارولين طحان فشاخ” قد أخبرت الصحفيين يوم 11 أبريل/ نيسان بالتالي: “أنا أحب أي شخص يستطيع تقديم المساعدة في تحقيق السلام، سواءً كان الأسد أو الرئيس ترامب، أو أياً كان من يدعمنا للوصول إلى تلك الغاية”.
وأضافت الراهبة أنها ما تزال ترى أن السلام قائم في سوريا، لكن ترى أنه كلما اتُخذت خطوات في ذاك الاتجاه، يحدث أمر ما و”نرجع إلى الوراء”.
وعلى الرغم من العنف المتواصل، قالت: “يوجد أمل على الدوام في المستقبل. هناك خطوات باتجاه تحقيق السلام، وسنظل نتطلع إلى المستقبل بكثير من التفاؤل، فلكل شيء نهاية. ستكون هناك نهاية لهذا الصراع”.
وقد كانت طحان، وهي عضو في مدرسة بنات مريم الساليسايانية لمساعدة المسيحيين، واحدة من بين 13 امرأة حصلن على “جائزة نساء الشجاعة الدولية” من السيدة الأولى “ميلانيا ترامب” في واشنطن يوم 29 مارس/ آذار.
وقد رشحتها سفارة الولايات المتحدة للكرسي الرسولي تكريماً لعملها في إدارة مدرسة تمريض في دمشق، أنشأتها أخويتُها كمكان آمن وودود يستطيع أكثر من 200 طفل ممن تعرضوا للصدمة جراء الحرب، سواءً مسيحيين أو مسلمين، أن يلعبوا هناك وأن يكونوا أطفالاً فحسب.
بالإضافة إلى المدرسة، تدير طحان أيضاً ورشة خياطة بالتعاون مع المفوض السامي الأعلى لشؤون اللاجئين، ما يؤمّن الدعم والتضامن الذي تحتاجه النساء الضعيفات والمهجرات إلى حد كبير.
وقد قبِلت إدارة أوباما الترشيح لجائزة البيت الأبيض، لكنها علّقت تسليم الجوائز إلى أن وافق عليها وزير الخارجية الحالي “ريكس تيلرسون”، وسمح فيما بعد بتسليمها. وبعد تلقّيها الجائزة، أتت الأخت طحان إلى روما وتحدثت إلى الصحفيين حول عملها أثناء اجتماع على طاولة مستديرة برعاية السفارة الأمريكية للكرسي الرسولي.
وفي تصريحاتها للصحفيين، قالت طحان إن لقاءها بالنساء الـ 12 اللواتي تلقين الجائزة إلى جانبها كان شيئاً “ثميناً” بالنسبة لها.
وكجزء من رحلتها إلى الولايات المتحدة لاستلام الجائزة، تم اصطحاب الراهبة لزيارة الكثير من المشاريع التي تعمل مع اللاجئين والتي تؤمّن كذلك الخدمات النفسية التي قالت إنها “مفيدة لعملي”.
فالعديد من الأطفال الذين يأتون إلى المدرسة يعانون من آثار الحرب، حسب قولها، موضّحة أن في حين أن البعض لم يتأثر كثيراً، فالآخرون لا يتكلمون.
كما أعربت عن خوفها من مستقبل الثقافة التي ينشأ عليها الأطفال، مشيرة إلى أن “جميعهم قد تضرروا، ولديهم هذا الخوف من الحرب وبعض العنف في داخلهم، وهذا أمر طبيعي”.
وقالت الراهبة إنها في محادثة أجرتها مع أحد الأطفال بعد انفجار قذيفة، سمعت ضجة كبيرة وسألت عن مصدر الصوت، ليجيبَها أحد الأطفال على الفور، وقد كان بالقرب منها، إنها قذيفة.
وعندما سألت الطفل الذي يبلغ من العمر (4 أعوام) كيف عرف ذلك، أجابها: “عندما يكون ذلك صاروخاً تسمعين الصوت <<سسس بوم>>، وعندما تكون قذيفة فمباشرة يصدر الصوت <<بوم>>”.
وقالت الراهبة: “لقد أزعجني هذا بحق، هذه هي ثقافة أطفالنا”. وذكرت أيضاً أحد مقاطع الفيديو الذي أرسلته لها عائلة في حلب، يظهر فيه أحد أبناء إخوتها يريها صندوق “ألعاب” كان قد جمعه، لينتهي به المطاف ويصبح أشلاء مبعثرة متباينة في الحجم على شرفة منزلهم”.
وتساءلت طحان: “ما الذي سنفعله للمستقبل لإخراج هذا العنف من أطفالنا؟”، مشيرة إلى أن مقطع الفيديو من ابن أخيها “قد آلمني حقاً”.
ومع ذلك، حذّرت من الوقوع في شرك ما أسمته بتقارير الإعلام الكاذبة التي تدّعي أنه لا يوجد في سوريا سوى الدمار.
وعلّقت على ذلك بقولها: “ليس صحيحاً أن كل شيء مريع في سوريا، وأنه لا يوجد إلا حرب أهلية”. ووضّحت أنه “ما يزال هناك تضامن وتعايش بين المسلمين والمسيحيين”.
وأضافت أيضاً: “إننا نعيش معاً، هنالك تعايش”. وبيّنت أن هناك العديد من النساء المسلمات يسهمن في ورشة الخياطة، ولدى حاجتها إلى بعض المواد، فهن اللواتي يذهبن لشرائها”.
كما لفتت أيضاً إلى أنه “منذ عام 2010، دخلت ما يربو على 500 امرأة إلى دورنا، وحضرن دروس الخياطة وغالبيتهن مسلمات”. وأضافت أنها في حال لم تكن لتقبل سوى المسيحيات منهن “عندها سأكون متعصّبة مثلهم”.
وفي كثير من الأحيان، عندما يحدث انفجار بالقرب من الدير، تسمع طرقاً على الأبواب بعد مدة وجيزة من رجال مسلمين يأتون للاطمئنان عليهن ويقولون: “أيتها الأخوات، هل أنتن بحاجة إلى شيء؟ هل أنتن على ما يرام؟”.
وقالت: حتى في المدرسة لا يميّز الأطفال بين المسيحيين والمسلمين، ذلك أنهم قد تضرروا بالحرب قبل كل شيء، بدلاً من الاختلافات الدينية. وأضافت: “لست أقول إنه لا يوجد تعصب” لكنها أكّدت على أن التعايش ما زال موجوداً بينهم.
وتعبيراً عن رفضها للاستياء المتزايد من الرئيس الأسد لدى الرأي العام العالمي، أكّدت طحان على تأييدها للأسد، قائلة: “أنا أحب رئيسنا”. وأضافت أنه وزوجته “مقربان منا جداً” وقد قدّما الحماية وأمنا الدعم المادي والمالي للمسيحيين في سوريا، بما في ذلك المدرسة التي تديرها. وأضافت أن زوجة الأسد قد اتصلت وطلبتها شخصياً، والتقت بها إلى جانب أخوات غيرها لتسألهن إذا كان هنالك من شيء يحول بينهن وبين مواصلة عملهن، ولتستفسر عن الدعم الذي يحتجنه.
بيد أن المجتمع الدولي بدأ يتّحد في معارضة الأسد. وفي يوم الثلاثاء التقى قادة مجموعة السبع، التي تضم الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة وإيطاليا واليابان وكندا، التقوا بحلفاء من الشرق الأوسط، بما فيهم المملكة العربية السعودية وتركيا، لمناقشة الضرورة المحتملة لقيادة جديدة في سوريا وللموافقة على فرض عقوبات على حليفها الأكبر، روسيا.
وفي إشارة إلى قرار ترامب بقصف قاعدة الشعيرات الجوية السورية عقب الهجوم الكيماوي بغاز السارين، قالت طحان إن هذا التصرف كان “خطوة إلى الوراء بعيداً عن السلام”.
وعندما يتعلّق الأمر بالسلام في سوريا، قالت الأخت كارولين إنه على الرغم من وجود أمل دائم في المستقبل، إلا أنه كلما حصل وتقدمنا خطوة إلى الأمام “يحدث شيء ونتراجع إلى الوراء”.
وقد ذكرت أنها تلقّت الأنباء عقب الخروج من حفل توزيع الجوائز في واشنطن، وقالت إنها “تألّمت كثيراً” لدى سماعها خبر القصف، وأضافت “بالنسبة لي في الوقت الراهن، نحن نتراجع إلى الخلف”.
ذلك أن الحرب لم تندلع، حسب رأيها، لأن الأسد يتسبب في المتاعب وإنما بسبب “وجود مصالح مختلفة” بما في ذلك الموارد الطبيعية.
وقالت إن البابا فرنسيس “يقوم بالكثير” عن طريق النداءات والمناشدات الكثيرة التي يطلقها، لا سيما للمجتمع الدولي ووصفته بأنه “نبي حقيقي”.
وتابعت في وصفه “إن كلماته توقظ الضمير… إذ لا تجده ساكناً. إنه سبب في التنوير، وصوته قوي ومسموع يصل إلى ضمائر الجميع”.
وفيما يخص الخوف من أنه في حال لم يتم الحد من الإرهاب الإسلامي فلن يبقى هناك مسيحيون في الشرق الأوسط، قالت الراهبة إن الكنيسة تعمل على ضمان عدم حدوث ذلك.
وأضافت: “إن الكنيسة تعمل من أجل الحفاظ على المسيحيين، ولطالما وُجدت الكنيسة، سيظل هناك مسيحيون”.