الرجال يصنعون الحرب فهل تصنع النساء السلام؟
فتاة في مخيم للاجئين/ أرشيف

أسماء كفتارو/ جريدة النهار- تتعدد الآراء والتحليلات في أسباب الحرب الدائرة في سوريا، وأسباب الدمار الذي ذاقه هذا البلد المنكوب بشكل لم يسيق له مثيل خلال تاريخ سوريا المدون الممتد لأكثر من ستة آلاف عام.

ولكن القدر الذي لا يختلف فيه هو أن الحرب كانت من صناعة الرجال، وهذه المرة لم تتهم حواء بالإغواء في جنون الحرب، ولم تبرز المرأة على الإطلاق في أي من مراحل هذه الحرب فاعلا أو قائداً مؤثراً فيها، ويمكنني القول بدون أدنى تحيز نسوي أن هذا ما جلبه المجتمع السوري الذكوري من الكارثة، حيث غابت المرأة عن تفاصيل هذه الحرب تسليحا واشتعالا وفصائل وجلادين وسجانين.

المرأة كانت في هذه المحنة محض ضحية، وتم ممارسة أشد ألوان العذاب ضدها من تهجير وقمع واعتقال واختطاف وقهر وشراد في الأرض وغربة لا تنتهي.

وهذا الواقع هو عينه الذي يتكرر في البلاد العربية المنكوبة، في ليبيا والعراق واليمن، وحين تستعرض موائد القمار السياسي والعسكري والحربي التي حملت البلاد إلى هذا التيه فإن المرأة هي الغائب الأكبر في حين يمتلئ المشهد الدموي بنجوم من فئة الرجال فقط، ف يحين تركن النساء دوماً في الزوايا الكئيبة من هذه الأوطان المنكوبة.

هكذا نسدل الستار على الفصل الأول من الحرب الذي امتد ست سنوات كانت سنوات ذكورية بامتياز مارس فيها المجتمع الذكوري قهره وعنفوانه، في حين اقتصر دور المرأة على الدموع.

فهل حان الوقت لتقوم المرأة السورية بدورها في صناعة السلام بعد أن أفلح الرجال في صناعة الحرب؟

ليست المسألة هنا انحيازاً جندرياً بقدر ما هي استنفار للمراة السورية أن تخرج إلى الحياة العامة بدور الفاعل وليس المنفعل، وروح القائد وليس غريزة القطيع، وبأمل الحرية وليس ذل العبودية.

في الداخل أصبح من المؤكد أن اختلالاً ديمغرافياً فظيعاً حصل على الأرض، حيث أصبح عدد النساء أكثر من عدد الرجال بشكل مخل، خاصة في العمر الشبابي حيث انخفض عدد الشباب انخفاضا كبيراً بسبب الحرب والشهادة والتجنيد، والسبب الأكبر هو الخروج من البلاد فراراً من التجنيد أو بحثاً عن حياة أكرم ومن الطبيعي أن عدد الذين يغادرون من الشباب أضعاف النساء وستمضي سنين كثيرة قبل أن ينجح المهاجر في لم شمل اسرته، هذا إن لم يقرر الذهاب الى عيش آخر مع امرأة أجنبية تقطع كل وصاله بأرضه.

وفي السياق نفسه فإن بإمكاننا أن نلحظ مشاركة أكبر للنساء في منظمات السلام والإغاثة العاملة على الأرض السورية، وفي هذا السياق فإن عدداً من منظمات السلام العاملة على الأرض السورية تعتمد بشكل أساسي على فرق من النساء، ويمكن القول دون تردد أن عدد النساء العاملات في حقل التعليم في سوريا تجاوز ضعف عدد الرجال، ونستطيع ملاحظة الأمر نفسه في السلك الصحي والوظيفي والإعلامي والاجتماعي، والإغاثي في سوريا.
المرأة اليوم في سوريا هي ثلثا المجتمع إن لم نقل أكثر من ذلك، وعليها أن تتصدى بنفسها للمبادرة في صناعة السلام وبناء ثقافة الإخاء بين أبناء الوطن الواحد بعد أن نشرت الحرب ثقافة الكراهية.

هل يبدأ عصر زنوبيا السورية من جديد، وهل يعود سطوع تلك القائدة المذهلة التي فجرت الصحراء لهيباً وأملاً وحيوية، وأعلنت تحدي المرأة السورية لأباطرة روما، وعلى الرغم من أن الامبراطور أورليان وجيسوشه الجرارة قد عصفت بهذه الآمال الثائرة، ولكنه لم يستطع أبداً أن يطفئ لهيب الثورة الزنوبية وجذوتها المتوقدة، وعلى الرغم من مرور مئات الحكام الذين مروا على تدمر من أباطرة وقياصرة وجنرالات ودواعش فإن تدمر عروس الصحراء تبدو بعد هذا التاريخ كله وكأنها لم لم تخلق إلا لزنوبيا ولم تتتوقد إلا بلهيبها ولم تحفل بغير تاريخها الكبير.

فتاة في مخيم للاجئين/ أرشيف

فتاة في مخيم للاجئين/ أرشيف

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015