العنف الجنسي في حالات النزاع: ثغرات في تطبيق القرارات وتحديات مستجدة في ظل أزمة كوفيد غير المسبوقة
فتاة في 12 عاما (على اليمين) تعيش في مخيم للنازحين في ولاية شمال دارفور بالسودان، تقول إنها تعرضت للاغتصاب على يد جنود حكوميين/ UNICEF

UN News- بحث مجلس الأمن في جلسة مفتوحة يوم الأربعاء العنف الجنسي في حالات النزاع، لاسيّما حين يُتخذ كأسلوب وحشي من أساليب الحرب، والثغرات والتحديات المستمرة أمام التصدي لهذه الجريمة، مع التركيز على تقديم المساعدة والدعم للناجين والضحايا.

ووضعت المناقشة الافتراضية لمجلس الأمن، بعنوان المرأة والسلام والأمن: العنف الجنسي في حالات النزاع، برئاسة فييتنام، في الاعتبار مخاطر جائحة كـوفيد-19 على الصعيد العالمي التي أدّت إلى تفاقم الأزمات العالمية المتداخلة، واشتداد حدة الصعوبات الأمنية والاجتماعية والاقتصادية، على نحو ما أشار إليه الأمين العام في تقريره عن العنف الجنسي المتصل بالنزاعات.

وقدّمت براميلا باتن، الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالعنف الجنسي في حالات النزاع، إحاطة أمام مجلس الأمن أشارت فيها إلى أن نقاش العام الماضي ركّز على تحويل الالتزامات إلى امتثال، واتباع نهج يركز على الناجين وقائم على الحقوق في جميع جهود الوقاية والاستجابة، ويأتي اجتماع اليوم لتقييم ومعالجة الثغرات المتبقية.

وقالت: “تفاقمت العديد من هذه الثغرات والتحديات خلال العام الماضي بسبب جائحة كوفيد-19. هناك حاجة إلى جهود متضافرة لضمان عدم إخفاء الناجيات من العنف الجنسي تحت الظل الثقيل الذي تلقيه هذه الأزمة غير المسبوقة”.

وقد أدّت عمليات الإغلاق وحظر التجول والحجر الصحي والمخاوف من الإصابة بفيروس كورونا أو نقله، والقيود المفروضة على التنقل والوصول المحدود إلى الخدمات حيث تم إغلاق الملاجئ وإعادة توجيه العيادات للاستجابة للجائحة، إلى إضافة تعقيدات إلى آلية الإبلاغ.

وقالت السيّدة باتن: “تتطلب الجائحة نقلة نوعية: إسكات البنادق، تضخيم أصوات النساء، الاستثمار في الرفاهية العامة بدلا من أدوات الحرب”.

تقرير العنف الجنسي المتصل بالنزاع

يغطي تقرير العنف الجنسي المتصل بالنزاعات المقدّم إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، 18 حالة قطرية ويوثق أكثر من 2,500 حالة تم التحقق منها من قبل الأمم المتحدة للعنف الجنسي المرتبط بالنزاع المرتكب خلال عام 2020.

وقالت السيّدة باتن: “كما هو الحال في السنوات الماضية، استهدفت الغالبية العظمى من هذه الحوادث النساء والفتيات (96%). وتم تسجيل تقارير عن العنف الجنسي ضد الرجال والفتيان في جميع البلدان الواردة في التقرير، مع حدوث معظمها في أماكن الاحتجاز”.

ويوضح التقرير العلاقة بين العنف الجنسي والاتجار بالبشر مدفوعا بالنزاع والتطرف العنيف، الأمر الذي يتطلب تعاونا عبر الحدود واستجابة إقليمية.

ويدعو التقرير إلى تصنيف الرعاية الصحية الجنسية والإنجابية كخدمة أساسية. ففي المناطق الريفية والنائية، تكون المسافة إلى المراكز الصحية شاسعة، ووسائل النقل محدودة، مما يمنع العديد من الناجيات من الحصول على الرعاية -في غضون 72 ساعة من الاغتصاب- اللازمة للوقاية من مرض نقص المناعة البشرية (الإيدز) والأمراض المنقولة عن طريق الاتصال الجنسي، والحمل غير المرغوب فيه.

فظائع في تيغراي

وقالت السيّدة براميلا باتن إن النساء والفتيات في المناطق الجبلية النائية في شمال ووسط تيغراي، يتعرضن للعنف الجنسي بمستوى من القسوة يفوق الإدراك.

وقالت: “يقوم عمّال الرعاية الصحية بتوثيق حالات جديدة من الاغتصاب والاغتصاب الجماعي يوميا، على الرغم من خوفهم من الانتقام والهجمات على العيادات والملاجئ المحدودة التي لا تزال تعمل”.

ويسجل التقرير مزاعم بأكثر من 100 حالة اغتصاب منذ اندلاع الأعمال العدائية في تشرين الثاني/نوفمبر 2020. وأضافت المسؤولة الأممية تقول: “قد يستغرق الأمر عدة أشهر قبل أن نعرف حجم ونطاق ومدى تأثير هذه الفظائع”.

وأضافت أن الميليشيات المجتمعية استخدمت الاغتصاب والزواج القسري والاستعباد الجنسي في جمهورية الكونغو الديمقراطية والصومال وجنوب السودان.

وقالت: “ثمّة نقص مزمن في الإبلاغ عن العنف الجنسي في حالات الحرب بسبب وصمة العار وانعدام الأمن والخوف من الانتقام ونقص الخدمات من خلال تدابير احتواء فيروس كورونا”.

ثغرات بين القرارات والواقع

أوضحت ممثلة الأمين العام أن الهوة بين القرارات والواقع وبين التطلعات والأفعال، واضحة في التقرير السنوي الثاني عشر للأمين العام. وقالت: “على الرغم من ارتكابه على يد الجماعات الإرهابية على نطاق واسع ومنهجي، لم تتم مقاضاة العنف الجنسي في سياق محاكمات مكافحة الإرهاب”.

وشددت على أن العنف الجنسي لا يحدث من فراغ، فهو مرتبط بديناميكية أمنية أوسع، مثل تجدد الأعمال العدائية وظهور التطرف العنيف، وانتشار الأسلحة وتهجير السكان، وانهيار سيادة القانون.

آفة العنف الجنسي هي جائحة

وقدم الطبيب الكونغولي د. دينيس موكويغي، الحائز على جائزة نوبل للسلام، إحاطة أمام مجلس الأمن، قال فيها إن آفة العنف الجنسي هي عبارة عن جائحة حقيقية موجودة في كل سياقات النزاع، ولا تحظى الاستجابات لها بالتمويل الكافي، إضافة للإفلات من العقاب.

وقال: “نحن لم نقترب من وضع خط أحمر فيما يخصّ استخدام الاغتصاب والعنف الجنسي كاستراتيجية للحرب والهيمنة وبث الذعر في النفوس. وعليه فإن نضالنا من أجل عالم يكون لكل امرأة وفتاة الحق في العيش بعيدا عن العنف، هو نضال لا يزال مستمرا”.

وأوضح أنه منذ إنشاء ولاية الممثل الخاص للعنف الجنسي المتصل بالنزاعات، لم تستهدف الجزاءات الخاصة بمجلس الأمن أي شخص أو كيان ارتكب هذه الأعمال. 

وأضاف يقول: “هذا الخط الأحمر لا بُد أن يُترجم إلى قوائم سوداء وجزاءات اقتصادية ومالية وسياسية وملاحقات قضائية ضد من يقومون بهذه الجرائم أو يحرّضون عليها”.

جنوب السودان: أعلى معدلات العنف الجنسي في العالم

من جانبها، قدّمت مديرة شبكة نساء جنوب السودان ذوات الإعاقة، كارولين أتيم، إحاطة افتراضية بلغة الإشارة، وقالت عبر مترجم: “على الرغم من اتفاق السلام، لا يزال جنوب السودان يعاني من عنف قبلي وإثني وسياسي مسلح، ويُستخدم العنف الجنساني بشكل متعمّد كأداة لإذلال النساء والفتيات”.

وفقا للسيّدة أتيم، أكثر من 65% من النساء في جنوب السودان خبرن العنف الجنسي والبدني، وهذا الرقم هو ضعف المتوسط العالمي، ومن بين الأعلى في العالم. وقالت إنه بسبب إفلات الجناة من العقاب، وبسبب تجذر التفاوتات والتمييز، لا يُعتبر العنف الجنساني، بما في ذلك العنف الجنسي ضد النساء والفتيات، جريمة.

وأشارت إلى أنه حتى قبل النزاع الحالي، كان الاغتصاب الزوجي أمرا مقبولا، وما يزيد عن 50% من الفتيات زوّجن قبل سن 18. وقد تفاقم هذا الوضع بسبب الجائحة، حيث تجبر الناجيات على الزواج من مغتصبيهن.

النساء ذوات الإعاقة هنّ الأكثر عرضة للاغتصاب

وأوضحت كارولين أتيم أن النساء والفتيات ذوات الإعاقة أكثر عرضة بمرتين أو ثلاثة لخطر العنف الجنساني والاستغلال الجنسي، خاصة أثناء النزاع، ويواجهن العزلة ويفتقرن للدعم ويعجزن عن الحركة أو يتم إهمالهنّ.

وقالت: “المغتصب يعتبرهن فريسة سهلة ويفلت من العقاب. هؤلاء النساء يوجهن صعوبة في الحصول على المعلومات القانونية والصحية الضرورية، والجائحة فاقمت هذه الظروف بسبب تدابير الإغلاق وتوقف الخدمات”.

وأضافت أن النساء الحوامل بسبب الاغتصاب والأطفال يتعرّضن لتبعات مدمرة، بما في ذلك الوصم والتمييز، كما يتعرّضن للإقصاء في المجتمع ويُهملن ويفتقرن للموارد المطلوبة ويعانين من صدمات نفسية وجسدية طويلة الأمد.

وتابعت تقول: “السبيل الوحيد لمعالجة مأساة هؤلاء النساء والفتيات يتمثّل في معالجة أوجه التفاوت وحماية حقوقهن الأساسية في حالات النزاع”.

فتاة في 12 عاما (على اليمين) تعيش في مخيم للنازحين في ولاية شمال دارفور بالسودان، تقول إنها تعرضت للاغتصاب على يد جنود حكوميين/ UNICEF

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبتها/كاتبها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015