فاديا الحاج فاضل/ ayyamsyria- لماذا يتخذ مصطلح العنف في الأذهان منحىً جسديا فقط؟ وهل العنف ضد المرأة يتجلى فقط في الضرب والجنس؟ وهل يختلف شكل العنف في حياة المرأة اليومية ما بين بيت أهلها وبيت زوجها؟
يتخذ مصطلح العنف في الأذهان منحىً جسدي، فأول ما يرد في البال عند ذكر “العنف المنزلي” هو الضرب، وهذا تحجيم كبير للمصطلح بشكل واحد من أشكال العنف. ولا ينحصر العنف المنزلي ضد المرأة بضربها من زوجها أو أبيها، أو أخيها، بل وحتى يختلف شكل العنف بين بيت أهلها وبيت زوجها.
سيطرة ذكر العائلة
من أشكال العنف التي تعاني منها المرأة في بيتها، سيطرة ذكر العائلة، سواء كان الأب أو الأخ، أو حتى الابن، على قراراتها وإن كانت مصيرية، مثل الدراسة ونوع الدراسة والأعمال المسموح لها بها، مواعيد خروجها ودخولها إلى البيت وإن كانت بالغة تجاوزت الخامسة والعشرين وأحياناً الثلاثين، ويزيد هذا “التدقيق” عليها بحال كانت مطلقة أو أرملة مثلا.
في بيت الزوج.. عنفٌ من شكل آخر
يتسّع مجال العنف في بيت زوجها أكثر، فبالإضافة إلى ما كانت تعانيه في بيت أهلها، يضاف له العنف الجنسي، ونعني بذلك إجبارها على “القيام بواجباتها الزوجية” وإن لم تكن في المزاج الملائم أو كانت مرهقة من العمل طوال اليوم في المنزل أو خارجه، أمر الزوج أنه يريد، فسيكون.
وفي حالة معاكسة، إن أرادت هي الممارسة الزوجية ولم يكن هو في المزاج فلن يكون الأمر كما تريد، فالرجل في المنزل هو صاحب الكلمة في كل شيء، وهذا شكل من أشكال العنف.
لاينحصر الأمر في المزاج أو الرغبة، بل تمضي إلى أبعد من ذلك لتأخذ شكل الإغتصاب المسموح شرعاً وقانوناً، فمتى ما انتهى الزوج من تلبية رغبته يدير ظهره وينام أو يكمل ما عليه من أعمال دون الإلتفات نحو المرأة التي تقدم له ما يريد حين يريد بأفضل مايمكنها ضمن كافة مناحي الحياة والإحتياجات.
العلاقات العاطفية بين جيل الشباب
إذا خرجنا من التأطير ضمن العلاقة التي يكون فيها الرجل هو “المعيل” ورب العائلة، إلى العلاقات العاطفية عند الشباب فلا يختلف الأمر، يبقى الرجل مثلما هو، يريد، فسيكون. لم تعد العلاقات العاطفية اليوم كما السابق، بمعنى لم يعد الحب عذرياً، فالتواصل الجنسي بين الحبيبين، وفي بعض الأحيان بين صديقين، يكون من ضمن أسس العلاقة التي يمكن أن تنهار بسببه.
بذات الصورة، تكون العلاقة حين يريد هو، وبشكل مختلف قليلاً عن العلاقة الزوجية، قد يمنحها بعضاً من “الدلال” و “الرومانسية” في النهاية، ليس كرماً، إنما لضمان تكرار واستمرارية هذا الشكل من العلاقة، وهذا ما لايتبّعه الزوج غالباً فهي زوجته وانتهى الأمر، بالنظر لصعوبة حصول الطلاق في المجتمعات الشرقية بسبب الخوف من “كلام الناس”، فيغلب الواقع على ألا يتم الطلاق إلا في حالات خاصة وبعد محاولات وصبر كبير.
هل المرأة كائن جنسي؟
يتخذ العديد من الشبان اليوم موقف المتحرّر والمناصر لحقوق المرأة، لإقناعها أنها يجب أن تتحرر، وبالطبع التحرّر يكون جنسياً، فهذا لصالحه هو، وحين يدخل في علاقة جنسية مع إحدى الفتيات وإنتهائه من مرحلة اقناعها أنه الرجل المتحرر والمناصر لها، يأتي دوره لأخذ ما يريد وما كان يسعى إليه منذ البداية، وحين فراغه منها، أو إيجاده فتاة أخرى أو ضجره ربما، تبتدئ الحلقة الأخيرة من تمثليته، وهو إذلالها بأنها منحته ما منحت، مع شلالٍ من الألفاظ التي تصفها بالعاهرة وتوابعها.
فالمرأة كائن جنسي في نظر الرجل، خُلقت لإسعادهم وتلبية رغباتهم فقط، وهنا يتجلى حجم العنف الجنسي المباشر القائم على المرأة، أما اللامباشر فيتمثل بأن كافة الشتائم المتداولة تتناول المرأة وأعضائها، والإهانة بالأم أو الأخت.
الحرية والاحترام تُكتسبان ولا تُعطيان
وكي لا نغرق في التطرّف في صف المرأة، ونصوّر الرجل على أنه الذئب المفترس، يجب أن نقول أن المرأة ليست براء من وضعها، وليست الحمل الوديع حقاً، فالحرية والاحترام لا تُعطيان، إنما تُكتسبان.
ما زالت المرأة إلى اليوم غارقة في انتظار منحها حقوقها الإجتماعية والقانونية كإنسان مكتمل دون أن تكلّف نفسها عناء النضال لأجله، بل وأكثر، تغرق في محاولة تلبية رغبات المجتمع والاعتناء بنفسها وبجسدها لتكون كاملة في نظر الرجل.
ما زالت المرأة ترضخ وتُحني ظهرها، مصدّقة أنها كامرأة، بالفعل مكسورة الجناح وتحتاج دائماً لرجل إلى جانبها، فتسعى للحصول عليه، وتسعى أكثر للمحافظة عليه من أخريات يحاولن اصطياده ليشعرن بإكتمالهن أيضاً.
*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.