الدكتورة مارسيل جوينات/جريدة الدستور الأردنية- ها نحن على أبواب العقد الثالث من القرن الواحد والعشرين، وما زلنا نعاني من العنف ضد المرأة والفتاة، ويدق أبوابنا وقلوبنا وعقولنا كل يوم، بقصة مؤلمة وحزينة من هنا وخبر من هناك.
من منّا لم يسمع أو يرى امرأة أو فتاة تمّ تعنيفها؟
والعنف ضدّ المرأة كما عرّفه الاعلان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1993 «أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتّب عنه أو يرجّح أن يترتّب عليه، أذى أو معاناة للمرأة سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية، بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسّفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة.»
ولنوضح أكثر، إن هناك تعنيفاً نفسياً لفظياً ومعنوياً؛ كالتهديد والشتم والوعيد والذم والترهيب والسيطرة والإهانة التي تمسّ كرامة المرأة وإنسانيتها، وكذلك التعنيف الجسدي كالضرب بأنواعه وقساوته، أو كليهما معاً.
والحملة الدولية التي تنطلق كلّ عام بتاريخ 25 تشرين الأول ولمدة 16 يوماً، والتي تهدف إلى إنهاء العنف ضد المرأة بكلّ أشكاله والقضاء عليه. (وموضوع اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة لهذا العام هو «تحويل العالم إلى البرتقالي: موّلوا، واستجيبوا، وامنعوا، واجمعوا»).
والآن ونحن نعاني من جائحة كورونا، أوضحت البيانات والمعلومات التي تمّ رصدها من قبل الاختصاصيين أن النساء والفتيات اللواتي في الصفوف الأمامية، إن كنّ في مكان العمل أو في المنزل، زادت نسبة التعنيف بحقّهنّ. بالإضافة إلى المعاناة والتحدّيات ما قبل الجائحة.
ومن أسباب تعنيف المرأة والفتاة: ثقافة المجتمع، الاتكال على الآخر اقتصادياً، المستوى التعليمي والاختلاف الثقافي بينهما، افتقار الآخر لثقته بذاته والشعور بالنقص والاضطرابات النفسية، والتربية الأسرية، وبعض العادات والتقاليد، الثغرات القانونية، بعض المواد والرسائل الإعلامية والاتصالية.
وأما الاثار النفسية والجسدية التي تعاني منها المرأة أو الفتاة والأولاد جرّاء التعنيف؛ فهي عديدة ومنها العزلة والاضطرابات النفسية وتزعزع الثقة بنفسها والاكتئاب ومحاولة الانتحار عند البعض، والألم النفسي والجسدي، وتفكّك الأسرة والطلاق، ونشوء الأطفال في بيئة غير مستقرة.
إذاً على المرأة والفتاة أن تكون لديهنّ أدوات الوقاية حتى لا يقع عليها أي نوع من أنواع العنف، كالتمكين الاقتصادي ومشاركتها بالعمل المجتمعي والسياسي، وتنمية ذاتها علمياً وعملياً، والتعبير عن آرائها وقناعتها بكل صراحة، والابتعاد عن المجاملات غير المبررة، والانفتاح على العالم واكتساب المعرفة والخبرات وتنمية مهاراتها، والبحث عن ذاتها وتعزيز ثقتها بنفسها للوصول الى الرضى عن الذات، والابتعاد عن كل ما يحدّ من عزيمتها والانتقاص من كرامتها وانسانيتها، فهي شريكة الآخر بالإنسانية ووجوب المحافظة عليها.
دعونا نعمل معاً للوصول الى العدالة والمساواة والسلام، ونساهم في تنمية ذواتنا ومجتمعاتنا.
*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.