القوانين التمييزية وأثرها المضاعف على النساء في النزاعات المسلّحة
أوقفوا العنف ضد المرأة

شبكة الصحفيات السوريات- تكفي بعض المؤشرات على أرض الواقع ليدور النقاش عن جدوى الخطة الوطنية لحماية النساء من العنف في سوريا والتي ساهم في إعدادها جهات عدة بهدف تشكيل ” اللجنة الوطنية لحماية المرأة من العنف”. فمن المفترض أن تشمل هذه الخطة حماية المرأة من كل أشكال العنف وتعديل أنماط السلوك الاجتماعي واعتماد وسن التشريعات التي تكفل الحماية الأفضل لها، والسعي نحو تطابق القوانين السورية مع الاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية المرأة من العنف (التي صادقت عليها سوريا) مع تأمين الدعم والحماية وإعادة الدمج للنساء المعنفات قانونياً ونفسياً، وإلغاء جميع النصوص القانونية التي تبرر العنف ضد المرأة، وتعديل قانون الأحوال الشخصية واصدار تعليمات وزارية لحماية من يُبلّغ عن العنف ضد المرأة.

لكن وبعد اثني عشر عاماً من الخطّة لا تزال “سنية الحلواني” تتخبّط في أرجاء المحاكم الشرعية بين دواوينها وقضاتها وكتّابها لتسأل عن طريقة تحمي بها نفسها من العنف الأسري الذي يمارس عليها من زوجها وعائلته.

منذ ما قبل الثورة وعقب اندلاعها ظلت “سنية” تعاني من العنف ولم تتغيّر الأوضاع بالنسبة لها بل تنوعت أشكال العنف وتلونت بين الرمادي والأزرق والبنفسجي؛ تلك الألوان التي انطبعت على جسدها، وأصبحت حجّة العنف حجتان، فوضع البلد لا يساعد على الوصول إلى حلّ لمشكلتها، ولا قوانين تحميها رغم كل الاتفاقيات الدوليّة الرنانة والتي قرأت عنها وعرفتها.

منذ ما قبل الثورة وعقب اندلاعها ظلت “سنية الحلواني” تعاني من العنف ولم تتغيّر الأوضاع بالنسبة لها بل تنوعت أشكال العنف وتلونت بين الرمادي والأزرق والبنفسجي؛ تلك الألوان التي انطبعت على جسدها.

وكانت “سنية” قد وصلت إلى مرحلة متقدمة من الدراسة لكن “صفقة” الزواج بين والدها وزوجها وعائلتهما أنهتها لتبقى صابرة لا طريق أمامها إلا الهرب. لكن كيف وأولادها لا يمكن حمايتهم ولا يستطيعون البقاء أو السفر معها إلى أي مكان، ولا حتى يمكنها ترك بيت الزوج الذي استحال مكاناً للقهر والظلم، وخاصّة بعد أن أصبح الزوج الذي كان عاطلاً عن العمل، من اللجان الوطنية (التابعة للنظام) وبات يستطيع أن يفعل ما يشاء حتى أنّه هددها بالسجن أكثر من مرّة.

“سنية” هي واحدة من آلاف النساء السوريات اللواتي يعانين اليوم من العنف المركّب وهو العنف الذي يتضاعف مع الحروب والأزمات بما يسمى ” العنف الواقع على النساء في النزاعات المسلّحة”، فهي تعاني من العنف العادي الذي تتعرض له النساء في مجتمع يفتقر لقوانين حماية واعتراف بما يحصل بشكل واضح بنصوص قانونية، وهو أيضاً عنف قائم على النوع الاجتماعي. وبالإضافة لذلك فهي تعاني أيضاً من العنف نتيجة الحرب وتواجد السلاح بشكل فوضوي بين الناس فضلاً عن النزوح واللجوء والموت والاعتقال والخطف والقتل المجّاني الذي يجعل النساء عرضةً للانتهاك في مجتمع يعتبر النساء هنّ الشرف، وهو ما يفسح المجال لمعاقبة الرجال من خلال النساء وذلك عبر الانتهاك الجنسي لهن والذي يعدّ وسيلة للعقوبة والأخذ بالثأر، فتغلب بالتالي العقلية القبلية وما كرّسته القوانين من تمييز ليظهر بشكل أقوى على الساحة الاجتماعية والإنسانية.

“سنية” هي واحدة من آلاف النساء السوريات اللواتي يعانين اليوم من العنف المركّب وهو العنف الذي يتضاعف مع الحروب والأزمات بما يسمى ” العنف الواقع على النساء في النزاعات المسلّحة”.

على هذا الأساس تزداد المظاهر العامة للعنف ضد المرأة في فترات النزاع والحروب حيث تختبر النساء والفتيات تجربة النزاع المسلح بالطريقة نفسها التي يختبرها الرجال. فيتعرضن للقتل والإصابة، والإعاقة، والتعذيب..وسوى ذلك. وكثيرًا ما يتعرضهن للمزيد من الأذى والعنف كالاغتصاب، والزواج والحمل والإجهاض القسري، والتعذيب، والاتجار، والاستعباد الجنسي، كما أن النساء يصبحن ضحايا للإبادة الجماعية والعمل القسري.

بالإضافة إلى ذلك فالنزاعات المسلحة تُحدث تأثيراً بالغاً على حياة النساء. مثل تغيّر الدور الاقتصادي والاجتماعي، وتفكك الأسر، والعمل في مجال التسوّل والدعارة، والقيام بأعمال شاقة يؤديها الرجال عادةً مثل الزراعة وتربية الماشية، والهجرة إلى المدن للعمل فيها. كما تقل فرص الزواج وتزداد العنوسة، فضلاً عن تراجع فرص المرأة في اكتساب مركز اقتصادي واجتماعي، لأنّ الزواج هو السبيل الوحيد أو الأكثر أهمية لتحقيق ذلك.

النزاعات المسلحة تُحدث تأثيراً بالغاً على حياة النساء. مثل تغيّر الدور الاقتصادي والاجتماعي، وتفكك الأسر، والعمل في مجال التسوّل والدعارة، والقيام بأعمال شاقة يؤديها الرجال عادةً

وفي القمة التي أطلقت في لندن للحد من العنف الجنسي في مناطق الصراعات 2014 رصدت طبيبة أثناء عملها في سوريا حالات كثيرة للعنف الجنسي تتعرض لها النساء السوريات. بينها حالات زواج قسري تضطر خلاله قاصرات لا تتجاوز أعمارهن 12 أو 14 سنة إلى الزواج ممن يكبروهن سناً أو من أجانب لأن ظروفهن الاجتماعية والمادية صعبة، بالاضافة إلى حالات الإجهاض والعقم الإجباري والاجبار على التعرّي والاذلال الجنسي.

كل هذا لا يعني أن “سنية” لا تحاول بكل ما تستطيع الوصول إلى حقها فهي رغم التهديد لا تبارح القصر العدلي تصارع من أجل حقها، فهي سيدة تعلم أن الحق لا يعطى بل يُؤخذ بالجهد والمثابرة. تعتمد على نفسها اقتصادياً وتبحث عن مخارج وحلول دون يأس أوتردد.

هذه الظرووف التي يعكسها واقع “سنية” ومثيلاتها يحتّم الإضاءة على القوانين الداعمة للنساء وكذلك القوانين التي تنتهك حقوقهن على أمل تغييرها بما يناسب حقوق المرأة الإنسان، وما يساند النساء والمجتمع الحرّ في دعم قضايا لا تزال عالقة بأروقة المحاكم وبعقول المجتمعات التميييزية.

أوقفوا العنف ضد المرأة

أوقفوا العنف ضد المرأة

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015