شبكة “تضامن” ومنتدى “آمنه” وشبكة “سلمى” يطالبون السعودية ومصر بحماية المدافعات عن حقوق الإنسان لا أن تُحجز أو تُقيد حريتهن
تشهد الدول العربية تزايداً ملحوظاً في مظاهر التضييق على نشاط مؤسسات المجتمع المدني بما فيه الحقوقي والنسوي، في ظاهرةٍ تتطلب وقفة جادة لضمان إحترام الحقوق والحريات الأساسية التي نصت عليها الدساتير المحلية والصكوك والمواثيق الدولية، ومنها على وجه الخصوص الحق في الحماية من التعذيب والعنف والتمييز، والحقّ في تأسيس الجمعيات، والحق في التجمع، والحق في التعبير، إضافةً الى عدم التقيد بإعمال مبدأ سيادة القانون ومنع التعسف في إستعمال السلطة.
هذا وتتابع شبكة “تضامن” ومنتدى “آمنه” وشبكة “سلمى”، بقلقٍ وتنديدٍ بالغين، إستمرار السلطات السعودية إعتقال الناشطات السعوديات في مجال حقوق النساء، والتي كان آخرها إعتقال الناشطة هاتون الفاسي قبل أسبوع، وهي أستاذه مشاركة في جامعة الملك سعود وكاتبة في جريدة الرياض.
كما ويتابعون ما يجري في جمهورية مصر العربية من محاكماتٍ لنشطاء ونشيطات حقوق الإنسان، خاصةً القضية رقم 173/2011 والتي أصبحت تعرف يإسم قضية “منظمات المجتمع المدني”، والتي بموجبها تم منع العديد منهم من السفر والتحفظ على أموالهم والتحقيق معهم، ومن بينهم المحامية روضه أحمد من الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، والدكتورة عايده سيف الدولة والدكتورة ماجدة عدلي من مركز النديم لمناهضة العنف والتعذيب، إضافة الى مزن حسن وعزة سليمان وغيرهن.
يُشار الى أنه تمّ إعتماد أنه تم إعتماد قرارٍ أممي تاريخي عام 2013 لحماية المدافعات عن حقوق الإنسان، من قبل اللجنة الثالثة بالجمعية العامة للأمم المتحدة والمُكوّنة من ثمانية عشر دولة ومن بينها الأردن. وهو قرارٌ بالغ الأهمية في مجال حماية وتعزيز دور المدافعات عن حقوق الإنسان بشكلٍ عام وحقوق النساء والفتيات بشكلٍ خاص، ويقرّ القرار الأممي بالدور الهام الذي تقوم به النساء على إختلاف أعمارهِنّ وسواء بمفردهِنّ أو بالإشتراك مع الغير للدفاع عن حقوق الإنسان وحقوق النساء وعلى مختلف الأصعدة المحلية والإقليمية والدولية، وبوسائل شتى منها التصدّي لإنتهاكات حقوق الإنسان ومكافحة الإفلات من العقاب والفقر والتمييز، وتعزيز سبل اللجوء إلى القضاء والديمقراطية، والمشاركة الكاملة للنساء في مجتمعاتهِنّ، والتسامح وكرامة الإنسان والحقّ في التنمية.
وتضمّن القرار الأممي الإعراب عن القلق الشديد لما يتعرّض له المدافعون عن حقوق الإنسان؛ خاصةً المدافعات، في العديد من الدول من تهديدٍ ومضايقة، ويعشن في ظروف غير آمنة، كتقييد حرية تكوين الجمعيات وحرية التعبير والحقّ في التجمّع السلمي والتعسّف في إقامة دعاوى مدنية أو جنائية، وملاحقاتٍ لا أساس لها.
وشدّد القرار على أنّ المدافعات عن حقوق الإنسان يتعرّضن لأخطارٍ وإنتهاكاتٍ وتجاوزات ويعانين منها، بما فيها إنتهاكات حقوقهِنّ الأساسية في الحياة والحرية والأمان الشخصي، وفي السلامة النفسية والجسدية، وفي الخصوصية وإحترام حياتهِنّ الخاصة والأسرية، وفي حرية الرأي والتعبير. كما أنهنّ عرضةً لأنواعٍ مختلفة من الإنتهاكات كونهن نساء كالعنف والإغتصاب وأشكال العنف الجنسي والمضايقة والإيذاء اللفظي وتشويه السمعة سواء على شبكة الإنترنت أو خارجها أو من قبل الدولة وأفرادها، أو من أفراد المجتمعات المحلية في الأوساط العامة والخاصّة على حدّ سواء.
وتضمّن القرار الأممي أيضاُ الإعراب عن القلق البالغ بسبب عدم تكافؤ علاقات القوة بين الرجال والنساء وممارسة التمييز الذي يؤثّر على وضع النساء ومعاملتهِنّ، وإلى إنتهاكٍ لبعض حقوق المدافعات عن حقوق الإنسان بسبب الممارسات التمييزية والمعايير الإجتماعية التي تبرّر التغاضي عن العنف أو تديم ممارسته. كما أنّ إستمرار سياسة الإفلات من العقاب وعدم الإعتراف بالدور المشروع الذي تقوم به المدافعات عن حقوق الإنسان يرسّخ التمييز على أساس النوع الإجتماعي ويعطيه طابعاً مؤسسياً.
ويهيب القرار بجميع الدول للعمل على تعزيز الإعلان المتعلّق بحقّ الأفراد والجماعات وهيئات المجتمع لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية المعترف بها عالمياً ومسؤوليتهم عن ذلك، ويشدّد على أن إحترام ودعم الأنشطة التي تقوم بها المدافعات عن حقوق الإنسان أمرٌ أساسي لكفالة التمتع التام بحقوق الإنسان، ويحثّ الدول على الإعتراف علناً بالدور الهام الذي تقوم به المدافعات عن حقوق الإنسان، ويهيب بالدول أن تعمل جاهدةً على منع إرتكاب الإنتهاكات والتجاوزات ضدّ المدافعات عن حقوق الإنسان وأن تعزّز مكافحة الإفلات من العقاب، وأن تكفل عدم تجريم أنشطة تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها وعدم تقييدها.
ويحثّ القرار الدول على تعزيز وحماية حقوق الإنسان لجميع النساء، ويؤكّد على مبدأ إستقلال القضاء ووضع الضمانات الإجرائية من أجل حماية المدافعات عن حقوق الإنسان، ويحثّ الدول على تعزيز وتنفيذ التدابير القانونية والسياسات الرامية للنهوض بالمساواة بين الجنسين وتمكين النساء وتعزيز إستقلالهِنّ، وضمان مشاركتهِنّ الكاملة.
القرار لم يُغفل التأكيد على أهمية إحجام الدول عن ممارسة أيّ ترهيبٍ أو أعمالٍ إنتقامية ضدّ المدافعات عن حقوق الإنسان، ويحثّ الدول على تنفيذ سياساتٍ وبرامج عامة وشاملة ومستدامة ومراعية للنوع الإجتماعي تدعم المدافعات عن حقوق الإنسان، وضمان مشاركتهِنّ في جميع المبادرات بما فيها عمليات العدالة الإنتقالية، وتقديم الخدمات والرعاية للمدافعات اللاتي يتعرّضن للعنف، وتحسين عمليات الرصد والتوثيق للإنتهاكات التي يتعرّضن لها وتحمي حقوقهن، إضافةً الى تشجيع المدافعات عن حقوق الإنسان والإعتراف بأدوارهِنّ الريادية الهامة في حماية حقوق الإنسان وحقوق النساء خاصةً، على قدم المساواة، ومحاربتهنِ ّلمختلف أشكال التمييز والعنف وإنتهاكات حقوق الإنسان، وتقدير مساهماتهِنّ في هذا المجال.
ويدعون الحكومتين السعودية والمصرية إلى حماية المدافعات عن حقوق الإنسان لا أن تحجز أو تقيّد حريتهنّ، وتطالبهما بإزالة كافة أشكال العنف الممارس ضدّهنّ بسبب ممارستهِنّ لأعمالهِنّ في الدفاع عن حقوق الإنسان بشكلٍ عام وحقوق النساء بشكلٍ خاص.
يُذكر بأنّ شبكة “تضامن” هي شبكة أهلية أردنية تأسست عام 2009، تضمّ في عضويتها مجموعةً من أبرز الجمعيات النسوية في الأردن وناشطات ونشطاء حقوق الإنسان، وقد تمّ إنشاؤها بهدف تنسيق الجهود للتضامن مع النساء في نضالهِنّ من أجل العدالة والحرية والمساواة، ومن أجل الحقوق الإنسانية المدنية والسياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية في أيّ مكانٍ في البلدان العربية والعالم.
كما أنّ “آمنة” المنتدى الديمقراطي للنساء قد تأسّس عام 2013، ويضمّ في عضويته مؤسسات وهيئات نسوية من 16 دولة عربية، وهو منتدى يعمل على تعزيز دور النساء في بناء المجتمعات الديمقراطية وفي تحقيق التنمية المستدامة، كما يعمل من أجل تطوير وتعزيز التشبيك والتعاون في مجال نشر وحماية حقوق النساء وحقوق الإنسان بشكلٍ عام.
وشبكة “سلمى” لمناهضة العنف ضد المرأة هي شبكة إقليمية عربية تضمّ مجموعةً من المنظمات غير الحكومية النسوية الحقوقية الناشطة في المنطقة العربية في مناهضة العنف الموجّه ضدّ النساء، بهدف القضاء على كافة أشكال العنف ضدّ النساء في المنطقة العربية، حيث تستند الشبكة إلى خبرة عشرات السنوات من عمل المنظمات العضوة في معالجة قضية العنف ضدّ النساء.