رشا الصالح/ هي ميديابرودكشن- بعد أن علت صرخة الحرب بأوجاعها المدمرة للنفس البشرية والتي مازالت مستمرة حتى عامها السادس تقريبا،والتي طالت بأنينها ودموعها القسم الأكبر في المجتمع وخاصة نصفه الحيوي الجميل الذي يعبر عن صيرورة الحياة والجمال والأمومة، هذا النصف هو المرأة السورية التي عانت على مدار أيام الازمة السورية حربا نفسية واجتماعية أضيفت إلى رصيدها السابق من المعاناة القسرية والقهرية التي كانت تعانيه في مسيرتها المجتمعية الأزلية باعترافها بحقوقها كاملة أمام الرجل وتحملها المسؤولية التربوية الكاملة والاقتصادية، أيضا حيثما أصبحت بمثابة المصدر والممول الوحيد لعائلتها في كثير من الأسر التي فقدت رجالاتها وأبنائها في ظل الحرب، إما نزوحاً أو استشهاداً أو تهجيراً.
الأمر الذي ضاعف أيضا مشاكل المرأة ذاتها النفسية، إضافة إلى الخلل في التركيب الديموغرافي الذي أحدثته هذه الحرب في توزع السكان وازدياد نسبة الإناث على الذكور،وإشارة إلى تقرير خطة الاستجابة الإقليمية للأمم المتحدة 2017-2018 وتقرير التشتت القسري- المركز السوري لبحوث السياسات. فإن نسبة الاناث شكّلت 51% في عام 2014 بينما شكلت نسبةالاناث عام 2010من إجمالي السكان في سورية نسبة 49%، ورغم ذلك احتلت سورية المركز 142 من أصل 144 دولة في مؤشرات المشاركة الاقتصادية وتساوي الأجور للمراة مشيرة إلى الفجوة بين الجنسين وذلك حسب المنتدى الاقتصادي العالمي، ، وتتمثل معاناة المرأة السورية بمظاهر عدة أنجبتها الحرب وسأستعرضها تباعا واهما أولا.
ظاهرة النزوح و اللجوء
يشير التقرير أن الإناث السوريات يشكلن 57% من إجمالي النازحين في سورية، وتتجاوز هذه النسبة 70% في بعض أحياء دمشق، بينما يشكلن نسبة 48.5% من اللاجئين في دول الإقليم، ومع التقارب في نسب النساء والرجال بين اللاجئين، إلّا أن النساء هنّ المعيل الأساسي لربع أو ثلث العائلات، حيث إن صعوبات الحصول على إقامة وتصريح عمل في بعض الدول وخاصةً لبنان يدفع المرأة للبحث عن مصدر للدخل، بحكم أنّ حركتها في مثل تلك الظروف ودرجة تعرضها للمساءلة القانونية أسهل من الرجل، وبالتالي فإن معظم الأعمال هي التي تقوم بها، والتي تكون هي إما أعمال غير قانونية أو أعمال منزلية مما يعرضها لمستوى أعلى من الاستغلال والحصول على أجر منخفض. إضافة إلى ماتتعرضه هذه المرأة لإشكال المساومة الجنسية واستخدامها للعمالة بمواضيع غير أخلاقية للحصول على لقمة عيشها
وكذلك من المشاكل التي صادفت المرأة في محض هذه الحرب هي مشكلة الزواج المبكر، فمع ارتفاع نسبة الفقر في سوريا وانعدام الأمان ، ساهمت عدد من العوامل إلى زيادة نسبة الفتيات اللواتي يتم تزويجهن تحت السن القانوني ، واذ ترى الاسرة ان زواج الفتاة يشكل مصدر مالي واقتصادي يوفر حصيلة مالية لهم ولها، وحسب تقرير صادر عن اليونيسف تشير الإحصائيات فيه ان حوالي 20 % من الفتيات يتم تزويجهن تحت السن 16 عام أو دونه، حيث لظاهرة التزويج المبكر التي تتعرض لها الفتيات أعراض غاية في الخطورة ما ينجم عنها من مشاكل صحية للفتيات الصغيرات الحوامل وأثناء الولادة، إضافة إلى الآثار النفسية المعقدة التي تسفر عن زواجهن المبكر وخاصة في حال سفرهن وإبعادهن خارج البلاد حيث يتم المتاجرة بهن وتعرضهن لأساليب الدعارة والمتاجرة الجنسية، كذلك الطلاق في حال حصوله وحقوق هذه المرأة الصغيرة المطلقة.
وعند التعرض إلى الجانب الاجتماعي الذي يخص المرأة السورية حصراً لابد الإشارة إلى موضوع انخفاض معدل الخصوبة عند المرأة السورية.
غيرت الأزمة من التركيب الجنسي والعمري للسكان، نتيجة عوامل متعددة، منها الارتفاع النسبي في وفيات الذكور، مقارنة بالإناث، إضافةً إلى أثر النزوح.
تباينت الارقام والتقديرات حول نسبة الوفيات والنزوح فيشر التقرير الديمغرافي الذي اصدره مؤخرا المركز السوري لبحوث السياسات والمستند في نتائجه على مسح السكان ام 2014 إلى ان الحرب رفعت معدلات الوفيات من 4.4 بالف عام 2010 إلى 10.9بالالف عام 2014 وارتفعت لتصل وتراجعت توقعات الحياة عند الذكور بكافة الفئات العمرية من 69.7 سنة إلى 48.2 عام 2015 كما تراجع معدل الحياة بحدة أقل لدى النساء لعدم اشتراكهن مباشرة في العمليات القتالية لتصير معدلات توقع الحياة عند الولادة من 72 عام 2010 ليصل إلى 65 عام 2015.
ويشير القرير السابق الصادر عن مركز الدراسات والبحوث إلى تراجع معدل الخصوبة عند النساء من 5.2 عام 2010 إلى 3.7 عام 2014، بينما بلغ مستويات مرتفعة جداً وصلت إلى 7.9 في عام 1970 و7.8 مع بداية الثمانينات ليصل إلى 5.9 عام 1990، ويعود ذلك التراجع خلال الأزمة إلى ارتفاع معدل الوفيات والهجرة وصعوبة الظروف المعيشية والاقتصادية…
أي أن فرص الإنجاب لدى النساء السوريات انخفضت بنسبة 30% تقريباً خلال الأزمة..
أما من حيث الرعاية الصحية والإنجابية للنساء الحوامل، فإن نسبة 22.4من النساء السوريات، لم يحصلن على أي نوع من الرعاية الصحية
كذلك الأمر المتعلق بالرضاعة الطبيعية وحصول المرأة الام في ظل الازمة الاقتصادية والتهجير على امكانية ارضاع طفلها طبيعا ، حيث انعدم احيانا المورد المالي للتغذية المناسبة إلى جانب الخوف والرعب والصدمات النفسية المتوالية التي اعترتها من جراء مشاهد العنف الذي اثر على نفسيتها ، كل ذلك الى عدم قدرتها على الإرضاع الطبيعي لطفلها ، ، اضافة لمشاكل الحصول على بدائل الحليب الطبيعي لتساعد في ارضاع طفلها ،الامر الذي ساهم بإحداث مشاكل تتلق بحياة الاطفال وامكانية بقاؤهم على قيد الحياة.
العقبات الاقتصادية
وتشير الأرقام إلى التفاوت الكبير، بين مشاركة الذكور ومشاركة الإناث في سوق العمل قبل الأزمة وخلالها، إذ بلغت 81% للذكور عام 2001 مقابل 21 % للإناث، وتعرضت هذه النسب للتراجع لدى الجنسين حيث بلغ معدل المشاركة لدى الذكور 72.2% عام 2010 بينما بلغ 12.9 % لدى الإناث فقط، و 14% عام 2014، ليعكس توسع البطالة تأثيراً سلبياً، على القوى العاملة ذكوراً، وإناثاً.
تراجعت فرص العمل في سورية، خلال الأزمة لكلا الجنسين، بالمقابل فإن متوسط الأجور للنساء هو أقل مقارنةً بالرجال، حيث تشير دراسات إلى أن متوسط الأجر للمرأة عام 2015 هو أقل بنسبة 15 إلى 32%.
وبشكل عام فإن مساهمة النساء والأطفال، تتركز في سوق العمل غير النظامية، في القطاع غير المنظم، حيث لا التزام بالحد الأدنى للأجر، ولا تأمينات اجتماعية، أو ضمان صحي، وينبغي الإشارة إلى أن هذا القطاع شغّل في عام 2010 نسبةً قاربها البعض بـ 65% من المشتغلين في سورية، والأجر الوسطي للنساء كان أقل من وسطي الأجر للرجال بنسبة 21% تقريباً، في هذا النوع من الأعمال.
من ناحية أخرى، ارتفعت مشاركة المرأة في بعض القطاعات، ففي القطاع الزراعي وعلى الرغم من تراجع الإنتاج ككل، ارتفعت نسبة مشاركة المرأة في الإنتاج من نسبة 59% عام 2009 إلى 65% و90% في بعض المناطق عام 2015، وذلك يعود إلى الطابع العائلي للعمل الزراعي، وهجرة جزء كبير من القوى العاملة في الزراعة، للعمل الزراعي خلال الفترة بين 2005- .2010
عقبات التعليم:
نتيجة الحرب الحاصلة التي كانت المرأة ضحيتها الاولى الى جانب اطفالها وخاصة الاناث ، الذي ساهم في ابعادهن عن مدارسهن وعدم اتمام تحصليهم العلمي اضافة لحالات التسرب المدرسي المرتبط بهروب الفتيات من المدارس لمساعدة امهاتهن في العمل ورعاية اخواتها الصغار ، إضافة الى ضعف الموارد الاقتصادية لإتمام التعليم والتغير والنزوح المستمر الذي حال دون بقائهن بسبب الصراع في مدارس ليكملن تحصيلهن العلمي الأمر الذي ساعد في ارتفاع نسبة الأمية في المجتمع وفي شريحة النساء حصرا .
تبين الأرقام: أن البطالة وخط الفقر ازداد بشكل كبير حيث أن معدل البطالة بلغ حوالي 52% عام 2015 مرتفعا من 8% حسب المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية الرسمية للتقرير السابق وغير الرسمية إضافة إلى ازدياد معدلات الفقر التي وصلت حسب تقرير الاسكوا عام 2015 إلى 54.2 من السكان يعيشون تحت خط الفقر الشديد، كذلك انتشار ظاهرة التسرب المدرسي والتدمير الذي نال قطاع التعليم حيث بينت الاحصائيات بالأرقام والإحصائيات التي تتنوع مصادرها، يزيد كل عام معدل التسرب المدرسي، ففي العام 2013 زادت نسبة التسرّب بما لا يقل عن 10% عن العام 2012.
وأوضحت مديرية التعليم الأساسي في وزارة التربية، أن نسبة التسرب في المحافظات السورية بلغت في عامي 2012 و2013 حدود 6.2% مع تفاوت في نسبتها من محافظة لأخرى.
وبحسب تقارير مختلفة فقد بلغ عدد الطلاب المتسربين من العملية التعليمية خلال العام الدراسي 2013-2014، نحو نصف مليون تلميذ وتلميذة، مقابل 4 ملايين التحقوا بمدارسهم في جميع المحافظات.
أرقام وزارة التربية: أن الأضرار لحقت بـ”4382″ مدرسة في محافظات القطر، منها “1494” مدرسة متضرّرة لكنها لاتزال تستقبل الطلبة. ومنها”2888″ مدرسة غير مستثمرة ضمن العملية التعليمية، و”379″ مدرسة مدمّرة بالكامل، و” ″ 1489مدرسة لايمكن الوصول إلى موقعها الخطر، فيما خرجت “510” مدرسة عن الخدمة مؤقتاً إلى حين إصلاحها واستثمارها مجدداً في العملية التربوية، إضافة إلى انتشار ظاهرة الزواج المبكر لدى الفتيات بين الداخل والخارج حيث زاد هذا الموضوع من نسبة الأمية وقلة التعليم.