المرأة السورية تكشف عن الشجاعة والقدرات التي كانت دوماً تتحلّى بها
منظمة الفاو/ سوريا

FAO- منذ عام 2011، تلقت الأسر في سوريا ضربة شديدة نتيجة الصراع. ففُقد أفراد الأسرة، وهُجرت المنازل وتُركت الأصول. وتم التخلي عن الممارسات الغذائية والزراعية المنقولة منذ أجيال. بل وتحطمت الروابط بين البلدات والقرى والتقاليد والتاريخ هي الأخرى.

وغالباً ما تتحمل النساء العبء الأكبر الذي يخلفه هذا الاضطراب. بالنسبة لعادلة حسن، على سبيل المثال، عندما توقفت أشجار الزيتون عن إنتاج الثمار، لم يكن الأمر مجرد خسارة مورد كسب معيشتها، بل كان يمثل فقد جزءًا من تاريخ عائلتها.

“أنا أصنع منتجات الزيتون لأن هذه هي المنتجات التي صنعها والداي وأجدادي لسنوات. وأنا أحب عملي “. تنتمي عادلة إلى صافيتا، طرطوس في الجزء الشمالي الغربي من سوريا، شمال لبنان. وهي بلدة ينمو فيها الزيتون، ويناسب مناخ البحر الأبيض المتوسط ​​تمامًا هذه الأشجار القوية وثمارها الثمينة.

قبل الأزمة، كان بإمكان عائلة عادلة أن تعيش من إنتاج الزيتون. والآن كل الأموال التي تجنيها تذهب إلى توفير احتياجاتهم اليومية. ولا يبقى لها ما تنفقه في مزرعتها – على الأسمدة والري والتشذيب – لذا لم تعد الأشجار تنتج. وليس لديها أي حصاد.

التجأت عادلة إلى العمل في مصنع للبلاستيك في طرطوس، وهي مدينة تبعد 25 كيلومتراً عن منزلها، إذ لم يبق لها اي سبيل آخر لإعالة نفسها وشقيقها وأطفاله الستة.

في أماكن أخرى من سوريا، اضطرت عائشة دالاتي وزوجها مغادرة منزلهما في حلب بسبب الوضع الأمني. ورحلا إلى قرية تسمى الذهبية، وهما يعيشان من تربية النحل، وبيع المنتجات إلى القرويين الآخرين. نظرًا لتضاعف تكاليف النقل، أصبح بيع منتجاتها في قرى أخرى أمراً مكلفا للغاية وخطيرا جدًا.

هذا النمط من النزوح والاضطراب واقعا في جميع أنحاء سوريا. فقد أصبحت تكاليف الإنتاج للمزارعين والمعالجات أكثر تكلفة بشكل متزايد، في حين أن ربح بيع المنتجات انخفض بشكل مطرد. لا يمكن للناس شراء العسل أو التين، أشياء غير ضرورية للحياة اليومية.

“أي سوري يفضّل شراء الزيت أو التدفئة أو المواد الغذائية الشتوية ليخزّنها،” تقول عفاف جعفر، وهي أم لخمسة أطفال من محافظة حماة، إذ إن هذه الأشياء أكثر أهمية بالنسبة للعائلة من شراء التين الذي يعد غير ضروري.

عملت عفاف في الزراعة منذ أن كانت فتاة وكانت أسرتها دائمًا تنتج التين، لكن الآن، مثلها مثل كثيرين آخرين، لا يمكنها مغادرة قريتها لبيعها بسبب النزاع. يجب عليها أن تبيعه بأي ثمن دُفع لها في قريتها. وفي كثير من الأحيان هذا لا يغطي تكاليف الإنتاج.

كما كشف النزاع عن صعوبات أخرى تواجهها النساء. ثقافياً، نادراً ما كانت النساء هي العائل الرئيسي. إذ كان الرجل عادةً يرث الأرض وكان يحصل على قسط أكبر من الدراسة. وكان يتم تدريب الرجال على أنواع مختلفة من الوظائف وكان من المتوقع منهم بيع المنتجات.

وقد غيّر الصراع كل هذا. فقدت العديد من الأسر الأزواج أو الآباء أو المعيلين الآخرين، وبقيت النساء وحدهن المسؤولات عن كسب المال ورعاية الأسرة. وتبدأ بعض هؤلاء النساء من البداية، حتى قد يتوجب عليهن التعلم لمعرفة من أين الحصول على التدريب أو الموارد التي يحتجن إليها.

لكن غالباً ما تُقدّر إمكانات المرأة بأقل بكثير مما هي عليه في الواقع. فإذا ما توفّرت لها الفرص نفسها، مثل التدريب، والحصول على الأرض، والأدوات، والمدخلات، مثل البذور أو الموارد المالية لبدء عمل تجاري، يمكن أن تكون النساء مهنيات يعتمدن على أنفسهن بسهولة ومرونة. وغالباً ما يتعلّق الأمر بالثقة، ويتمثّل أحد أدوار المنظمة في تشجيع ذلك في المجتمعات حول العالم.

“لقدغيَّر هذا العمل حياتي … فعندما عملت، شعرت بتوتر أقل وأكثر ثقة بنفسي. فكنت أُسَرّ أيضاً بمقابلة أشخاص قدّموا لي الدعم” وتقدّم ديما طلال جديد، منتج عصير الليمون في محافظة اللاذقية.

وإذ أدركت منظمة الفاو الإمكانات الكبيرة التي تتمتّع بها تلك النساء، وتلك الموجودة في القطاع الزراعي، تعاونت مع الجمعية الدولية للوجبات المتأنيّة من أجل توفير فرص للنساء السوريّات لاكتساب المهارات والثقة التي يحتجن إليها لتعزيز إنتاجهن، لكن من المهم أيضاً مساعدتهن في تحديد الأسواق.

كجزء من هذه المبادرة، سافرت سبع سيّدات سوريّات، بالإضافة إلى عدد من التقنيّات، إلى منطقتي بييمونتي وليجوريا في إيطاليا، للتعلّم من المجتمعات الزراعية التي تنتج وتروّج للأطعمة المحلية والعضوية والحرفية. وتعرّفت النساء أيضاً على الطرق الحديثة لنمو وحصاد منتجاتهنّ، وهي طرق يمكن أن تساعد في تقليل اليد العاملة الضرورية لإنتاجهن.

لدى عودتهنّ إلى سوريا، زودتهنّ المنظمة بمزيد من التدريب على الزراعة المستدامة والمعالجة الصحية والتسويق. ويهدف المشروع كذلك إلى إنشاء وتعزيز مجموعات النساء المُنتِجَات، وتعزيز دور المرأة في وقتٍ تتحمّل فيه الكثير من المسؤوليات.

في مناطق النزاع، تدعم المنظمة الناس في حياتهم اليومية، وتساعدهم على ضمان مواصلة كسب الدخل، وتوفير الغذاء لأُسَرهم، والحصول على الرعاية الطبية وإرسال أطفالهم إلى المدرسة. ويمثّل هذا مساهمة صغيرة، لكنها حيوية في إنشاء مجتمعات مسالمة وشاملة، وفق الهدف السادس عشر من أهداف التنمية المستدامة، وواحد من أهمّها.

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”. 

منظمة الفاو/ سوريا

منظمة الفاو/ سوريا

أترك تعليق

مقالات
يبدو أنه من الصعوبة بمكان أن نتحول بين ليلة وضحاها إلى دعاة سلام! والسلام المقصود هنا هو السلام التبادلي اليومي السائد في الخطاب العام.المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015