لينا عدرة/ البعث ميديا- مشاركة النساء السوريات في مختلف مجالات الحياة ليست بجديدة، أو بالأمر الطارئ، فلطالما كانت النساء السوريات سبّاقات ومتقدمات على نساء محيطهن~~ في الدول المجاورة، ولذلك نراهن مازلن يعملن لتحسين وضع المرأة في سورية.
ويساعدهن على ذلك دعم القانون السوري لهنّ من خلال مواد كثيرةٍ في الدستور تعطي للمرأة الحقّ بالمشاركة والمساهمة الفعالة في المجتمع، فعلى سبيل المثال لا الحصر المادة 23 من الدستور تنصّ على توفير الدولة للمرأة جميع الفرص التي تتيح لها المساهمة الفعّالة والكاملة في الحياة السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، وتعمل على إزالة القيود التي تمنع تطورّها، ومشاركتها في بناء المجتمع.
ومن هنا يتضح الدور الكبير المنوط بالمرأة، والذي من المفترض أن تقوم به، والذي كفله لها الدستور في الجمهورية العربية السورية، فلا تمييز في الحقوق والواجبات، حسب الجنس، أو اللغة، أو الأصل، أو الدين، أو العقيدة.
دور المرأة
تعتبر نسبة مشاركة المرأة السورية في انتخابات مجالس الإدارة المحلية لهذه الدورة من النسب المنخفضة، حيث سجّلت أعلى نسبة للمرشّحات في كل من محافظة دمشق، وطرطوس، وادلب بنسبة 13%، إضافةً إلى القنيطرة، أما أقلّ نسبة فكانت في السويداء، حيث لم تتجاوز نسبة المرشّحات 5%، وبكل الأحوال هي نسبٌ منخفضة.
السيدة نجوى جميل الطويل، تحمل إجازة باللغة العربية ودبلوم تأهيل تربوي، والمرشّحة من مدينة السويداء، وهي متطوّعة في حملة العودة إلى المدارس، توضح بأنّ عدد النساء قليل، ولكن القادم سيكون أفضل، لأنّ مشاركة المرأة الحقيقية ستشجّع النساء على الترشّح عندما تخرج من القواعد النمطية، وهي تعتبر ترشّحها، حتى ولو لم تفز، تجربة ناجحة، لأنها تسعى لتمثيل المرأة الحقيقية التي تثق وبقوّة بإمكاناتها الجبّارة إن أتيح لها الوصول مع الدعم طبعاً، وهي بحكم عملها على أرض الواقع لديها معرفة كبيرة بحاجات المرأة في مدينتها، ومتطلباتها، فالمرأة هي الأقدر على معرفة معاناة المرأة.
أما المهندسة الزراعية مياس شفيق خوري، مرشّحة من مدينة دير عطية، وهي ناشطة في المجتمع المحلي في مدينتها، وتهتم بالشأن العام خاصةً فيما هو متعلّق بالمرأة، فتعتبر أنّ المرأة في الكثير من مناطق الريف السوري لم تأخذ حقّها كما يجب، وتعيش حالةً من التخلف والجهل بسبب بعض العادات والتقاليد، لذلك من الضروري العمل على تحسين وضعها، وهذا ينطبق على بعض المدن السورية أيضاً، فهي ليست بأفضل حال، وتعتبر ما يميّز مدينتها دير عطية أنها كانت قبلةً للعلم منذ أكثر من مئة سنة، ما جعل الرجل هناك متصالحاً مع المرأة، فهو يحترمها، ويحترم دورها في المجتمع.
وحسب رأي خوري، لا يمكن تغيير الصورة النمطية للمرأة إلا إذا أنصفها القانون، خاصةً فيما يخصّ قانون الأحوال الشخصية، فنحن نعاني من مشكلاتٍ اجتماعية كثيرة، وبالتالي عندما تحصل المرأة على حماية اجتماعية ستتغيّر هذه الصورة النمطية حكماً، اليوم نحتاج لدعمٍ أكثر للمرأة العاملة المُلقى على عاتقها دورٌ مضاعف فرضته ظروف الحرب، وهذه النقاط هي من أهم النقاط التي تسعى خوري للعمل على تحقيقها في حال نجاحها بالانتخابات.
دعم المجتمع المحلي
تحدّثت السيدة نجوى الطويل عن تجربتها الشخصية عندما قرّرت خوض الانتخابات، قائلةً: “إننا عندما نتحدث عن العوائق نذكر فقط المجتمع، وربما يشكّل أحياناً عائقاً ببعض عاداته، ولكن يجب أيضاً أن نذكر أنّ المرأة اعتادت كما المجتمع على عدم تغيير وضعها، وعدم خروجها من الإطار الذي وضعت فيه، نحن كسيداتٍ مقصرات بالدخول إلى هذه المجالات، ومن هنا قررت أن أبدأ بنفسي، فلا يجوز أن أكون قدوةً، وفي الوقت نفسه أنادي بأدوارٍ حقيقية للمرأة في كل المجالات، وأنا بعيدة، فقررت أن أبدأ بنفسي لأشجّع الكثير، ترشّحي لأغيّر إن استطعت النظرة إلى وجود المرأة فقط كرقم في التمثيل، أو ككرسي فقط، لأثبت أن لها دوراً حقيقياً وفاعلاً، وتستطيع بل يجب أن تصل إلى مراكز صنع القرار، وهناك من شجّعني، والبعض عاتبني وانتقدني على مبدأ أنني لن أستطيع أن أغيّر شيئاً، وهنا أريد أن ألفت النظر إلى أنّ المرأة أحياناً تكون ضد نفسها، ولا تثق بدور المرأة بأيّ مكان أو مهمة.”
أما السيدة مياس خوري فتقول: “إنّ مجتمعها المحلي، بدءاً من أسرتها الصغيرة، كان المشجّع الأول والأساسي لها أثناء ترشّحها للانتخابات، خاصةً أنها ومنذ فترة طويلة تعمل ببرنامج تنمية المرأة الريفية في مدينتها، وتعيش في مجتمعٍ يحترم المرأة، ويحترم دورها ورأيها إلى حدّ ما، خاصةً أنها من أسرةٍ تنصف المرأة، فمجتمع دير عطية مجتمعٌ منفتح، ومتعلّم، ومثقّف يُعطي للمرأة حقّها، ويتقبّل وجود المرأة بكافة القطاعات.”
وتعتبر خوري أنّ المرأة هي العدو الأول لذاتها، تخاف من الخطوات الأولى، ورأي المجتمع، تضع الحجاب الفكري الذي يعيقها عن ممارسة دورها المطلوب، لذلك تنظر إلى المبادرات التي قد تقوم بها نساءٌ أخريات نظرةً سلبية.
يُساند المرأة أم يقفُ ضدّها؟
أشار بسام قرصيفي، مدير المجالس المحلية في وزارة الإدارة المحلية والبيئة، إلى أنّ القانون الخاص بالإدارة المحلية لم يُشِر إلى دورٍ خاص للمرأة، ولكنه في الوقت نفسه لم يُعاملها بأقلّ من الرجل، انطلاقاً من أنها متساوية مع الرجل بالحقوق والواجبات، وهذا بالتأكيد ما أشار له الدستور السوري. مضيفاً أنّ العملية الانتخابية هي عملية قضائية بموجب أحكام قانون الانتخابات العامة من خلال اللجنة القضائية العليا، واللجان الفرعية، فهي عملية قضائية منذ لحظة قبول الطلب، إلى الطعن به، حتى إصدار نتائج الانتخابات، ودور وزارة الإدارة المحلية والبيئة يقوم بتأمين مستلزمات عملية انتخابات مجالس الإدارة المحلية، لذلك الجهود اليوم كلها منصبّة على حثّ الناخب على المبادرة للاقتراع من أجل الوصول إلى مجالس محلية يجب أن تكون لممارسة الدور المطلوب منها في المرحلة المُقبلة من المرشّحين والمرشّحات على حدّ سواء.
ضعف المشاركة
مجموعةٌ من السيدات الناشطات في الشقّ الأهلي والإنساني يُرجِعن عوامل الضعف لأسبابٍ متعدّدة، منها غياب الوعي المدني، وثقافة المشاركة، وبعض العادات والتقاليد البالية التي لا تحبّذ عمل النساء في أماكن تتطلّب منهنّ التواجد ولفتراتٍ طويلة ومباشرة مع الرجال، وربما للمفهوم الخاطىء لدى الكثيرين، واعتقادهم بأنّ بيئة العمل غير آمنة في مجال الشأن العام، إضافةً إلى الدور السلبي الذي تُمارسه بعض وسائل الإعلام، والذي قد يعكس أحياناً صورةً غير مُرضِية للمرأة!.
ليس حكراً
تسعى المرأة السورية اليوم جاهدةً لتحسين واقعها المرير، ومواجهة مشكلاتها، والأعباء الإضافية التي فرضتها الحرب عليها، خاصةً في ظل غياب دور الرجل، أو عدم وجوده بالأساس نتيجة الحرب، لذلك نراها تبذل طاقةً مضاعفة لتحافظ على وحدة وسلامة الأسرة السورية، أساس المجتمع.
تتمنى المرأة السورية اليوم أن ترى نفسها بمنصب المحافظ الذي مازال يشغله الرجل فقط، على الرغم من أنّه ليس حكراً عليه، وهذا ما تسعى لتحقيقه لتثبت للعالم أنها كانت دائماً المتفوقة على نفسها، وقدوةً لنساء محيطها من دول الجوار.