الحوار المتمدن- كيف يمكن أن تلعب النساء في الحروب أدواراً فاعلة في الواقع الراهن لدول المنطقة مثل سوريا والعراق ..؟ فعلى الرغم من الألم والمعاناة والقهر والعنف والتشريد والظروف القاسية التي تجتاح بلدانهن تسعى النساء لتحسين واقع بلادهنّ وتحقيق السلام في مناطق الصراعات، فالقول بأن المرأة نصف المجتمع قول نسمعه كثيرًا عند الحديث عن التنمية، وعن ضرورة الاستفادة من جهود المرأة وقدراتها في عملية التنمية، إلا أنه في المقابل تخفت هذه المقولة عند الحديث عن آثار النزاعات والحروب المسلحة على المرأة، فمن المعروف أن النزاعات والحروب المسلحة تؤدي إلى الإضرار بالطرف الأضعف في المجتمع والذي يتمثل في النساء والأطفال والمسنين هذا إذا لم يكونوا ضمن القتلى في هذه الحروب فإنهم يتعرضون لصور شتى من الأذى يتمثل في فرض الحصار والعزلة الاقتصادية والاجتماعية، أو النزوح القسري من مناطقهم، أو التعرض للاعتقال، أو الاغتصاب، أو الانتهاك الجسدي بأشكاله كافة.
وتلعب المرأة في ظروف الحرب دوراً كبيراً لا يستهان به بل ربما يتجاوز في أهميته ما يقوم به الرجال في تلك الظروف، حيث أنها كثيرًا ما تظهر صلابة وتماسكًا وشجاعة، وطاقات مذهلة من خلال تحملها ما ينجم عن الحرب من مآسٍ مثل: تفكك الأسرة، وفقدان العائل والأولاد والأراضي والممتلكات، والنزوح والهجرة وتحمل أعباء ومسؤوليات اجتماعية واقتصادية مختلفة عن مسؤولياتها في وقت السلم، وتلك المآسي غالباً لا تكون واضحة للعيان بل على العكس تكون معاناة النساء في الحروب والنزاعات المسلحة وآثارها المدمرة مكبوتة وغير واضحة للجميع، سواء على الجانب النفسي، أو الاجتماعي، أو الاقتصادي، فهناك الكثير من النساء اللواتي يقمن بدورجوهري في حماية أسرهن ومجتمعاتهن حتى يتحقق السلام على الرغم من أنهن في النزاعات أكثر تضرراً من الرجل.
ففي سوريا مثلاً أدت هجرة الرجال الإجبارية بسبب الحرب إلى تراجع عدد الأسر التقليدية التى كان يترأسها الرجل وزاد ذلك من عدد الأسر التى ترأسها المرأة حيث تغيرت الأدوار التقليدية للمرأة وازدادت مسؤولياتها تجاه كسب العيش، كما ازدادت عدد النساء الباحثات عن أطفالهن وأزواجهن لفترة طويلة، وقد أوضحت العديد من الدراسات الاجتماعية أن المرأة أكثر ارتباطا بالأسرة وتلعب دوراً إيجابياً أثناء قيامها بكل ما يختص بالأسرة من كفالة ورعاية.
وقد برز دور المرأة في المشاركة في الحرب حيث قامت بأدوار مختلفة ومتضادة في الحرب في كل من سوريا والعراق، ففي الوقت التي كانت فيه المرأة ضحية لتلك الحروب والنزاعات المسلحة كانت هي في الوقت نفسه مقاتلة وحاملة للسلاح، كما كانت داعية للسلام، وتتضح هذه الأدوار من خلال المساهمة بدور كبير في العمليات الحربية والنزاعات المسلحة بشكل مباشر كمقاتلة وحاملة للسلاح أو بالعمل في الوحدات والإدارات العسكرية، أو بشكل غير مباشر من خلال العمل في قوات الاحتياط، أو الإسناد، أو العمل في مخازن الذخيرة، أو العمل في أقسام التغذية؛ لإمداد الجنود بالغذاء، أو تمريضهم وتضميد جراحهم أثناء المعارك.
من ناحية أخرى شاركت المرأة بنفسها في القيام بعمليات العنف ضد المدنيين ضمن القوات المعتدية في مناسبات كثير، كما قامت بعض الجماعات المسلحة بتجنيد النساء للقيام بأدوار تجسسية، أو استخدامهن في إيصال الرسائل الاستخباراتية، وقامت المرأة بأدوار تطوعية تتمثل في المخاطرة بالنفس من أجل الوطن، أو من أجل جماعات مسلحة معينة تحت أفكار معينة حيث يتم تدريبهن من قِبَل هذه الجماعات على القيام بأعمال تفجيرية أو انتحارية.
إن النظر إلى الأدوار المختلفة للمرأة في الحرب يجعلنا نغير نظرتنا إلى المرأة على أنها ضحية فقط أثناء النزاعات المسلحة والحروب بل إنه يجعلنا نهتم اكثر بالجانب الفعال من شخصية المرأة من خلال تسليط الضوء على الأدوار الإيجابية الفعالة التي تقوم بها في خدمة عمليات السلام والمشاركة في عمليات التنمية وصنع القرار في بلدها فقد برز دور المر أة بصورة رئيسة وفعالة في عمليات المصالحة بين القوات المتحاربة، ومقاومة العنف المسلح، والإسهام في الأنشطة الرامية إلى تحقيق العدالة ونشر السلام في مناطقهن حيث شاركت الكثير من النساء في سوريا في التظاهر من أجل السلام في أماكن عملهن وفي الجامعات و في شوراع المدن الكبيرة والصغيرة وبغض النظر عن ولائهن وانتمائهن السياسي أو الطائفي سواء تلك المؤيدة أم المعارضة للنظام، وقامت بأعمال منظمة مع مؤسسات حقوقية وإنسانية ومع جماعات ومؤسسات تسعى لتحقيق السلام ونبذ الحرب والعنف وإيقاف الحرب.