حياة/ شبكة اجتماعية- “هذا يشكّل مساساً بصورة المرأة، وحصر دورها بالمطبخ، وهي الصورة الحاطّة من كرامتها، والتي ناضلت ضدّها الحركة الحقوقية، فضلاً عن ترويج الإشهار لقيمٍ بالية ومُنحطّة كنا نظن أنّ بلادنا قطعت معها”.. بهذه الكلمات في صفحته على “فايسبوك” أعلن الصحافي المغربي سامي المودني، حملته الشرسة ضد إحدى الشركات الغذائية الشهيرة، والمتابعون كانوا إلى صفّه قلباً وقالباً في رفض هذه الحملة الدعائية.
“الفيلم البئيس” كما وصفها المودني، هي حملةٌ إعلانيةٌ اسمها “باغي نتزوج”، وهي حلقاتٌ تنشر على مواقع التواصل الاجتماعي، ذات فكرةٍ مشابهة لبرامج تلفزيون الواقع، وتروّج لمنتجات الشركة من جانب، ومن جانبٍ آخر فإنها تسيء إلى المرأة العربية وخصوصاً المغربية. إذ أنها مثّلت منافسة خمس فتياتٍ للزواج من “سيدي أنس”، الذي يختار عروسه بحسب الأطباق التي تقدّمها، هو وأمه التي ألبست الفتيات ملابس المطبخ، وانطلقن في تحضير الأطباق المُعدّة باستخدام منتجات نستله، والطبق الذي لن يعجبه ستغادر صاحبته، ولن تحظى بشرف المنافسة للفوز بقلبه.
وما أن تمّ بثّ حلقةٍ واحدة من هذه الحملة، حتى انتشرت مشاعر الغضب والرفض، من الرجال قبل النساء، في “السوشال ميديا”، الذين خاضوا كثيراً فيه وطالبوا بوقف هذا البرنامج، والوقوف ضدّ هذه الأفكار التي يروّج لها الإعلان. ولم تمضِ إلا أيامٌ قليلة على بثّ الحلقة، حتى أعلن أحد مسؤولي الشركة في المغرب عمر بنشقرون، عن قرار وقف بثّ البرنامج الدعائي، والاعتذار عن الإساءة التي وصفها بأنها “غير مقصودة”، وتوجّه بالشكر لجمهور المستهلك المغربي، للانتباه لهذه الهفوة، لينتهي الأمر إلى هذا الحد.
وفي هذا السياق صرّحت الباحثة المغربية في مجال الإعلام المرئي والمسموع خديجة شاكري لوسائل إعلامية متعدّدة أنّ “صورة المرأة المغربية في الإعلانات لا تزال نمطيةً مسيئة وتكرّر نفسها”، ورأت أنّه “تمّ حصر صورتها في ربّة منزل، أو جسدٍ لإرضاء المشاهد وزيادة استهلاك المنتوجات”.
حملات مشابهة في الوطن العربي
هذه الحملة الإعلانية مشابهة لأخرى انطلقت في مصر في وقتٍ سابق حملت عنوان “أنت عانس”، كان هدفها نشر قصص الفتيات اللواتي لم يتزوجن بهدف التخفيف عن غيرهم ممن عانين العنوسة، لكنها هي الأخرى أثارت نساء مصر اللاتي اعتبرنها إساءةً مكتملة الأركان بحقّ المرأة المصرية، وطالبن بتغيير اسمها لأنّ وصف “عانس” بحدّ ذاته يسيء إلى الفتيات ويجرح الشعور ويهين الكرامة.
وغيرها الكثير من الحملات الدعائية التي تمثّل أغراضاً مختلفة، بتصميمٍ على الإساءة لصورة المرأة العربية بقصدٍ أو من دون قصد، مثل ” ظلّ راجل ولا ظلّ حيطة”، وحملة “اكسر للبنت ضلع يطلعلها 24 ضلع”.
الوجه المشرق لإعلانات المرأة
مقابل هذا الابتذال والجهل في الحملات الدعائية، هناك حملةٌ توعوية سنوية في الأردن توجّه للنساء، تدعوهن إلى الفحص المبكر للكشف عن سرطان الثدي. الحملة الدعائية كانت في غاية الرقي والأناقة، إذ أنها خاطبت المرأة بالعقل والعاطفة أيضاً، وروّجت لضرورة إجراء الفحص بشعاراتٍ كثيرة مثل “أوعدينا تفحصي”، و” كلنا معك”، “افحصي وطمنينا.. لأنك غالية”، وبعضها كانت تخاطب الرجل مثل “منك أنت غير.. شجعها تفحص”، كلها تؤكّد على أهمية المرأة في حياة عائلتها بكافة أدوارها سواءٌ كانت أمّاً أو زوجةً أو أختاً أو ابنةً، وحتى جدةً، بأسلوبٍ حضاري ومطمئن أيضاً.