يارا نحلة/ موقع (المدن)- تماماً كما في العالم الواقعي، تواجه النساء في السوشيال ميديا، خصوصاً اللواتي يشغلن مساحة من الحيّز العام، كمّاً هائلاً من التنمّر والتمييز الذكوري الذي يرمي إلى النيل من سمعتهن.
من بين هذه التجارب الرائدة في لبنان، إختارت جمعية “مهارات”، التي تعنى بقضايا الإعلام وحرية التعبير، تسليط الضوء على ثلاث نساء إستخدمن التكنولوجيا بشكلٍ فعال، يخدم قضاياهن وطموحاتهن، وذلك خلال لقاء بعنوان “المرأة والتكنولوجيا: الفرص والتحديات” الذي نظم في مساحة “Antwork”.
ضمّ اللقاء كلاً من الصحافية جومانا حداد، التي إعتمدت وسائط التواصل اللإجتماعي للترويج لحملتها الانتخابية. ومنال قرطام التي خلقت لنفسها، خلال الانتخابات النيابية الأخيرة، مقعداً وهمياً للفلسطينيين في العالم الإفتراضي. بالإضافة إلى ليال جبران، وهي مؤسِّسة لعدد من المشاريع النائشة في مجال التكنولوجيا الرقمية أهمها “مبرمج”.
إختلاف مجالات عملهن، أثبتت شهادات النساء الثلاث أنهن يخضن معركةً واحدة؛ وهي معركة الدفاع عن وجودهن في الحقل العام. فجبران مثلاً، ورغم أنها ترأس شركتها الخاصة، تواجه بشكلٍ مستمر محاولات لإسكاتها خلال إجتماعات العمل التي يهيمن عليها الذكور، وذلك على إعتبار أنها لا تملك الخبرة والمؤهلات الكافية.
كذلك، خاضت حداد في عالم السياسة الذي ما زال الرجال يسيطرون على غالبيته. فاعتبر كثيرون أنها تتعدّى على هذا المجال، وإنهالت عليها الجيوش الإلكترونية بالإهاناتٍ الذكورية. أما قرطام، فهي تخوض نضالاً مضاعفاً للدفاع عن مكانها كإمرأة وكلاجئة فلسطينية غير معترف بحقوقها في لبنان.
واللافت في تجربة قرطام هو طابعها الخلاق غير التقليدي. فقد أطلقت حملة إنتخابية كاذبة وساخرة، لجذب الأنظار إلى قضية أضحت شبه منسية. إستهزأت قرطام بأركان النظام اللبناني، فاستولت على شعارات الحملات الانتخابية للأحزاب اللبنانية وألصقت عليها صورتها، داعيةً المواطنين إلى إنتخاب حملة “#موجودين” المُطالِبة بحقوق الفلسطينيين.
والطريف في الحملة هو طريقة قراءة المتلقين لها، فقد صدّقها كثر، ودعموا ترشيحها شاكرينها على مبادرتها ومواقفها. فيما ذهب آخرون إلى شتم أحزابٍ معادية كونها دعت لإيجاد مقعد فلسطيني. إلا أن قرطام حرصت على عدم مهاجمة أحد ولا إثارة نعراتٍ إستفزازية، مشيرةً إلى أنها استخدمت خطاباً جديداً “يكسر الصورة النمطية عن الفلسطينيين وعن المرأة الفلسطينية خصوصاً”.
وقالت في حديثٍ لـ”المدن”: “لقد ظننت أنني بحكم خلفيتي الإعلامية وظهوري المتكرّر في الشاشات التلفزيونية، ستتمّ إستضافتي في البرامج السياسية من دون أن أضطر إلى دفع المال، لكن ذلك لم يحدث، وتجاهلني الإعلام اللبناني، ولم يستضفني سوى في المرحلة المبكرة قبل إحتدام المعركة الانتخابية، وكانت الحلقات التي ظهرت فيها برعاية إحدى الجمعيات التي تدعم المشاركة السياسية للمرأة”.
إلا أن الحملات الإلكترونية، وإن كانت مجانية، فلها ثمنها المعنوي. فالشتائم والإهانات تسيل بسهولةٍ أكبر في العالم الإفتراضي، “خصوصاً تلك التي تحوي إيحاءاتٍ جنسية”، ذلك أن “أصحاب هذه الهجمات الإلكترونية لا يريدوننا أن نكنّ موجودات، ولهذا يجب أن تحاربهم المرأة بقوتها الرقمية،” وفق حداد.