المنزل آمنٌ من كورونا؛ لكنه مليء بالعنف ضدّ النساء
لوحة إعلانية للتوعية حول جائحة كورونا/ الهلال الأحمر العربي السوري

لينا ديوب & رهان حبيب/snacksyrian- لم تنفع محاولات “منار” (اسم مستعار) المتعددة التي فرضها عليها زوجها لإرضاء رغباته في كسب وده ومنعه من ضربها الذي بدأ منذ عشر سنوات وزاد خلال فترة العزل المنزلي، مع أنها تجاوبت مع كل طلباته التي كان أقساها جملة من عمليات التجميل التي فرضها عليها لتصل إلى الشكل الذي يتخيله، وكل ذلك دون جدوى..

تقول “منار” 35 عاماً في حديثها لمراسلة سناك سوري في “السويداء” :«تغيرت معاملة زوجي لي بعد الزواج وأخلّ بوعوده لي، لم يسمح بمتابعة دراستي الجامعية كما منعني من زيارة صديقاتي اللواتي كنت أعرفهن قبل الزواج، وفي كل يوم فور وصوله إلى المنزل يبدأ تفتيش موبايلي، تعرضت للضرب الذي ترك آثاراً وندبات في جسمي وآلاماً كثيرة وأمام أولادي أيضاً، لكن أهلي رفضوا طلبي بالطلاق منه لأن الزوجة وفق رأيهم مطلوب منها الصبر لحماية مستقبل الأولاد ولم أجد مكاناً أذهب إليه لحماية نفسي منه».

خلال العزل المنزلي زادت حالة العنف التي تتعرض لها “منار” والحجة ضيق الحال حيث يضربها ويهينها لأتفه الأسباب، وتضيف:«لجأت بعد أسبوعين من العزل المنزلي لشخص متخصص تواصلت معه بالسر عن طريق صديقة لي، قدم لي نصائح وساعدتني لحماية نفسي وأسرتي من فورات غضبه التي لم ينفع معها الصبر.

يقول”نجيب رعد” المنسق لمنظمة “ثريا” المعنية بقضايا المرأة في “السويداء” :« إن المرأة بشكل عام لاتجرؤ على الاستعانة بمحامي أو دخول باب القضاء أصلاً خوفاً من أهلها وزوجها وهي لا تتحمل فكرة خسارة حضانة أولادها وفي بعض الأحيان تكون غير قادرة على تأمين مصروفهم»، ويضيف:««ليس لدينا مركز للمعنفات أو جهة اجتماعية تناقش أوضاعهن ومع زيادة العنف بالعزل المنزلي لابد من البحث عن وسائل وطرق حماية للمعنفات وعدم الاكتفاء بالحوار معهن لابد من تمكينهن اقتصادياً واجتماعياً كي لا تكون أسوار المنزل سجنا لمعاناتهن الكبيرة تحت سلطة الرجل والمجتمع اللذان يمنعان المرأة المعنفة من التصريح والشكوى».

ذريعة أخرى استخدمها زوج “علا” (اسم مستعار) لتوبيخها، وهي ضعف مهارتها بالطبخ، أو ترتيب البيت والخروج يومياً إلى العمل، تقول:« اليوم وقد مر على بقائي بالبيت بسبب العزل المنزلي حوالي الشهر لم يتغير شيء، ولا يقتصر الأمر على الملاحظات المستمرة والمسبات، وإنما يرافقها ضربي بأي شيء بيده».

أصوات الاعتداء بالضرب يسمعها الجيران، تقول “سهى” إنها تسمع صوت جارتها التي تتعرض للضرب وتستذكر قبل أيام صوت صراخها وبكائها بسبب الضرب المبرح من زوجها حتى الرابعة صباحاً، دون تدخل أحد من الجيران.

لم تقتصر شكوى السيدات على الأعباء الإضافية في الطبخ والتنظيف بسبب بقاء الجميع في البيت، بل تعدّتها أيضاً إلى الشكوى من توجيه الملاحظات المستمرة والمسبّة والضرب، وقد لجأت النساء إلى الجارات بالشكوى وإلى الجمعيات لطلب النصح فقط وليس للتدخّل.

رأي قانوني

تقول المحامية “رهادة عبدوش” والتي عملت سابقاً مع مركز راهبات الراعي الصالح لحماية النساء ضحايا العنف الأسري: «يمكن للجيران الاتصال بالشرطة في حال سماع صريخ للنجدة، لكن الشكوى يجب أن تكون من الضحية كي يعاقب المجرم، لكن في الواقع غالباً لاتتقدم المرأة بالشكوى لأسباب عائلية، و إن اشتكت يجب ألا تذهب الى مخفر الشرطة بل إلى الطبيب الشرعي أولاً ليعاين الجرح ويصوره باللحظة نفسها قبل ذهاب المعالم ثم الإدعاء للنيابة العامة في قصر العدل أو في المخافر عند النائب، ويجب أن يكون الإدعاء شخصي».

لا يجرّم القانون السوري العنف الأسري حسب “عبدوش” ولايوجد مايشير إلى العنف ضد المرأة كفصل خاص، بل إلى الجرائم التي تمس الأسرة وهي الزنا والسفاح وإهمال الأطفال والعاجزين وكل من يحتاج رعاية، ولا تستفيد المرأة من القانون إلا بجرم الايذاء وهي في المادة ٥٥٠ و ٥٥١ من قانون العقوبات يعاقب أي شخص إذا تسبب بايذاء أحد وتعطيله عن العمل مدة فوق العشرين يوماً والعقوبة ٦ أشهر على الأكثر، وكي يعاقب الزوج أو المعنِّف يجب تقديم شكوى إلى النيابة العامة من صاحب العلاقة المعتَدَى عليه أو ولي أمره.

وتضيف عبدوش: إن حماية النساء من العنف تتطلب وجود مراكز تلجأ إليها المرأة وتستقبلها مع أطفالها، لكنها غير موجودة في “سوريا” حالياً، باستثناء مركز وحيد في منطقة “قدسيا” يتبع لهيئة الأسرة والسكان، وهنا تذكر “عبدوش” أن فتاة طلبت المشورة منها يعد تعنيفها من أخوها وتقدمت بشكوى للنيابة العامة لكن لعدم وجود مكان تلجأ له لم تفعل، وهناك سيدة اضطرت أن تبقى مع زوجها الذي يضربها أمام أولادها، لأن أهلها لا يستقبلوها مع أولادها، ولاحتى المركز الذي كنت أعمل فيه لأن أحد أبناءها صبي وعمره فوق الـ ٧ سنوات، لم تقبل التخلي عنه، داعية للعمل الفوري على تأمين مراكز حماية في كل سوريا.

يُذكر أن نسبة العنف المنزلي ارتفعت بشكل كبيير خلال فترة العزل حيث تمضي الأسر معظم أوقاتها في المنازل وتشير منظمات وجمعيات معنية بقضايا المرأة إلى أن هناك أعداد كبيرة من النساء اللواتي يقعن ضحايا هذا العنف في المنزل الذي لجأن له للحماية من كورونا لكنهن وجدن الخطر فيه.

لوحة إعلانية للتوعية حول جائحة كورونا/ الهلال الأحمر العربي السوري

لوحة إعلانية للتوعية حول جائحة كورونا/ الهلال الأحمر العربي السوري 

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015