“النبّاشة”.. امرأة شامخة وسط منظّمات نائمة
المرأة السورية & المنظمات

غازي عنتاب/ أنا برس- يراقب أحد روّاد “دار نون” للطباعة والنشر في مدينة غازي عنتاب التركيّة، تلك المرأة الأربعينيّة مع أطفالها الثلاثة، وهم ينبشون أكياس القمامة بحثاً عن علب النايلو والبلاستيك بهدف بيعها.

وعلى الرغم من أنّ الدار التي يملكها ناشرٌ سوريّ تطرح عدداً من المواضيع الاجتماعيّة والإنسانيّة كلّ يوم خميس خلال جلسةٍ تحت عنوان “لمّة سوريّة”، يحضرها الكثير من الأدباء ونشطاء المجتمع المدني، إلا أنّ مشهد المرأة مع أطفالها الذين يفوحون نظافةً وترتيباً، يبدو أنّه أثّر بعمقٍ في هذا الرجل أكثر من كلّ المواضيع المطروحة سابقاً –على شدّة مرارتها-، كانت نظراته للمرأة لا هي حزنٌ ولا أسفٌ ولا شفقة، بل مزيجٌ ما بين تلك المشاعر الثلاث.

تقول المربيّة والناشطة في مجال حقوق المرأة “سميرة البهو” إنّ المرأة السوريّة لم تكن تصل بها الأمور للعمل في مثل تلك الأعمال المؤذية في نفس الإنسان، وكان من الصعب على الرجل أن يرى المرأة تعمل في مثل تلك الأعمال، لكن ضيق الحال الذي خلّفته ظروف السوريين دفع بالمرأة والرجل للعمل في مثل تلك الأعمال، بهدف توفير لقمة العيش وتكاليف التعليم لأطفالهم.

وتلفت -في تصريحاتٍ خاصة لـ “أنا برس”- إلى أنّ عدد المنظّمات التي تختصّ وتهتمّ بشؤون المرأة في عنتاب وحدها أكثر من 30 منظّمة، فهل من المعقول ألا تستطيع تلك المنظّمات الإحاطة بشؤون النساء؟

وتتساءل: لماذا لاتعمل هذه المنظّمات على جمع البيانات عن النساء اللواتي يعانون الفقر ويوصلوا صوتهن إلى الهلال الأحمر التركي أو باقي المنظّمات الداعمة؟ في الواقع إنّ تلك المنظّمات تهتمّ بالمواضيع التي يستطيعون من خلالها الحصول على تمويل، وهذا مايهمّهم فقط.

وتختم بالقول: “إنّ الحصول على الدعم هو من حقّ الأسر المحتاجة، وما يجري من دعمٍ فيه الكثير من عدم الضبط وسوء التوزيع، ومن واجب المنظّمات إرشاد الجهات الداعمة على الأسر الفقيرة والتي تستحقّ فعلاً الدعم المادي والعيني”.

يبدو أنّ مشكلة النساء اللواتي فقدن أزواجهنّ أو فقد أزواجهنّ أيّ فرصةٍ للعمل في دول اللجوء -سوى تلك الأعمال المؤذية لنفوسهن- آخر ما تهتمّ به تلك المنظّمات التي تتشدّق على الدوام بحقوقهنّ.

ويبدو أنّ الرجل الذي كان يراقب المرأة “النبّاشة” أمام دار النشر، ثمّ هرول وراء أحد أطفالها ليعطيه بعض المال بعيداً عن أعين الناس، قد وجّه رسالةً لتلك المنظّمات دون أن يشعر، رسالةٌ مفادها “إنّ تخليتم عن المرأة السوريّة في أحلك ظروفها، فالسوريّون لن يتخلّوا عن نسائهم، وكما تقاسم الرجل والمرأة الهموم والمصائب، فإنّهم سيتقاسمون لقمة العيش أيضاً”.

المرأة السورية & المنظمات

المرأة السورية & المنظمات

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015