النسوة العرب يتيمات عل مائدة القرار 1325
المرأة العربية والقرار 1325

سيدة سوريا- بعد أعوام على صدور القرار 1325، أعلنت مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة “راشيل مايانجا”، بأن نتائج تطبيقات القرار المشار إليه كانت مخيبة للآمال، فكيف الحال بعد ستة عشر عاماً؟

ما زال الواقع النسائي على حاله، خاصة في دول العالم العربي، وما زال التطبيق العملي للقرار رهين سياسات التأجيل، رغم أن القرار 1325 الذي يؤكد على أهمية مشاركة المرأة المتكافئة والكاملة كعنصر فاعل في منع نشوب المنازعات وإيجاد حل لها، وفي مفاوضات السلام، وبناء السلام وحفظه، طلب من الدول الأعضاء أن تكفل مساهمة المرأة المتكافئة ومشاركتها الكاملة في جميع الجهود الرامية إلى صون السلام والأمن وتعزيز هذه الجهود.

واقتصر الأمر بداية على زيادة عدد المؤسسات التي تُعنى بتمكين النساء وإعداد كوادر نسائية مؤهلة لقيادة تطبيق هذا القرار، ولم تلحظ السياسات الحكومية أي أثر ملموس في تطبيق فعلي على أرض الواقع.

يقول الكاتب جعفر الجمري في مقال نشرته مجلة الوسط عام 2015 عن الدراسة العالمية حول تنفيذ قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم (1325)، الصادرة عن هيئة الأمم المتحدة للمرأة، “إن العالم تغيَّر منذ اعتماد القرار 1325 في تشرين الأول/ نوفمبر 2000، إذ تُبيِّن التقارير والوقائع على الأرض أن طبيعة النزاع في بعض المناطق اختلفت اختلافاً نوعياً، كما تطوَّر محتوى ما يرمي إليه التقرير بكلمتي «السلام» و«الأمن»، مع حدوث تحول في فهم كلمة «العدالة». ذلك الواقع دائم التغيُّر والتطوُّر، دفع إلى حدوث وبروز معضلات كبرى «تواجه الأركان الأربعة للقرار 1325، والقرارات التي لحقت به، وهي أركان المنع، والحماية، والمشاركة، وبناء السلام والتعافي”.

ويتابع أنه “بين أخطر العقبات في سبيل تنفيذ التزامات القرار ١٣٢٥ على مدار الخمسة عشر عاماً الأخيرة، الفشل في تخصيص موارد كافية، وتمويل كافٍ”. وترى الدراسة أنه يمكن التغلُّب على قلة التمويل إذا ما التزمت الدول الأعضاء والمنظمات الإقليمية، ومنظومة الأمم المتحدة بتخصيص 15 بالمائة كحد أدنى من جميع التمويل المتعلق بالسلام والأمن، للبرامج التي يتمثل هدفها الرئيسي في تلبية الاحتياجات المحددة للمرأة، والنهوض بالمساواة بين الجنسين. كما توصي الدراسة بزيادة التمويل الذي يمكن التنبؤ به، والمتاح الحصول عليه والمرن لمنظمات المجتمع المدني النسائية التي تعمل في مجال السلام والأمن على جميع المستويات.

تجربة فلسطين:

القرار 1325 يتحدث عن أثر الحروب على هجرة المرأة، وتقارير الأمم المتحدة تشير إلى أن 80% من مهجري العالم هم من النساء والأطفال، منهم مليونان ونصف امرأة من اللاجئات الفلسطينيات، ويشكل هذا نصف عدد اللاجئين الفلسطينين تقريباً الذين يقيمون في ستين مخيماً داخل فلسطين وخارجها، بالإضافة إلى الفلسطينيات اللاجئات في وطنهن التاريخي فلسطين المحتلة عام 1948، ممن أجبرن على الهجرة قسراً مع عائلاتهن من قراهن المدمرة عام 1948التي يبلغ عددها 418 قرية، وهن بالتالي مهاجرات من ديارهن على الرغم من وجودهن في وطنهن.

تجربة الأردن:

وفق دراسة أردنية نشرتها شبكة سلمى الإقليمية لمناهضة العنف ضد النساء في المنطقة العربية فإنه: “لا يزال تضمين النساء في الوفود الأردنية لصنع السلام ومنتديات حل النزاعات المجتمعية، ومستوى خبرات النوع الاجتماعي المقدمة لهذه المنتديات دون المستوى المطلوب. علاوة على ذلك، يواجه الأردن تحديات داخلية مهمة، فهناك برهان متزايد يشير إلى تصاعد العنف الأسري، والزواج المبكر وغيره من أنماط العنف القائم على النوع الاجتماعي بين النساء والفتيات اللاجئات، وتحديداً بالتزامن مع تقلص الدعم الدولي والإنساني. وأخيراً، ففي الوقت الذي بقي الأردن فيه مستقراً وسط التوترات الإقليمية، إلا أنه لم يسلم من تهديدات التطرف، ففي الوقت الحالي، يعد الأردن المصدّر الأول للمقاتلين الأجانب في سوريا نسبةً إلى عدد السكان. يفرض التطرف تهديداً حقيقياً على النساء والرجال في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فقد أدى انتشار التطرف والأيدولوجيا الإقصائية إلى تعرض النساء إلى أنماط متعددة من العنف والاستغلال، وتحديداً في العراق وسوريا. ولسوء الحظ، فإن أيديولوجيا التطرف تنتشر بشكل متزايد على الإنترنت وتنشط حالياً داخل حلقات ضيّقة من المجتمع الأردني، مما يهدد وضع المرأة في البلاد.

استجابةً لهذه التحديات، بدأ الأردن بتطوير خطة عمل وطنية حول قرار مجلس الأمن 1325 الصادر عام 2000، والمتعلق بالمرأة والأمن والسلام، والتوصيات اللاحقة في عام 2010، عندما أسَّست اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة الائتلاف الوطني لتنفيذ قرار مجلس الأمن 1325. وفي عام 2012، قدّمت اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة مسودتها الأولى حول خطة العمل الوطنية، لكن نظراً لمحدودية جهود التوعية والحاجة إلى المزيد من الانخراط المحلي في عملية تطوير الخطة، فقد بقيت هذه المسودة موضع مراجعة من قبل الحكومة الأردنية لمدة ثلاث سنوات. في عام 2015، قامت اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة بمساعدة هيئة الأمم المتحدة لتمكين المرأة والمساواة بين الجنسين بتجديد الجهود لتنفيذ قرار مجلس الأمن 1325 في الأردن من خلال تطوير وتبنّي خطة عمل وطنية جديدة.

تجربة العراق:

نشرت وزارة الدولة لشؤون المرأة في جمهورية العراق دراسة مطولة حول تطبيق القرار 1325 ركزت في مجملها على دور المرأة العراقية في الحروب طويلة الأمد وأثرها عل الواقع العراقي ككل. ومما جاء في الدراسة أن: “المرأة العراقية أدت دورها في مختلف الظروف التي مر بها العراق من نزاعات وحروب للحفاظ على النظام الاجتماعي وديمومته، وبالرغم من الانخراط المبكر للنساء العراقيات في عملية البناء والتنمية والدور الفاعل الذي يؤدينه في تشكيل مستقبل العراق والحفاظ على هويته ووحدته. وبالرغم من التضحيات التي قدمنها ومازلن يقدمنها يومياً وبدون أي تردد…. حيث يناضلن على كافة الأصعدة للحفاظ على الوطن والمجتمع والأسرة، ويواجهن في الخطة الوطنية لتنفيذ قرار مجلس الأمن 1325 التحديات والصعوبات التي ما زالت تشكك في حق النساء بالانخراط في المواقع القيادية والتعاطي مع قضايا الوطن الجوهرية باعتباره شأناً ذكورياً لا تجوز مناقشته أو محاولة تغيير اتجاهاته. ومنذ شاركت النساء بفعالية وحماس في الحراك السياسي باتجاه بناء وتعزيز الديمقراطية في القطاعين العام والخاص، واقتحمت المرأة العراقية السلطة التشريعية وإن كانت بأدوات دولية، ومع ذلك ما زال الجدل دائراً حول أهمية إشراك النساء في المفاوضات الاجتماعات المهمة والحيوية. وتتوقف درجة مشاركة النساء على مقدار ما يتمتع به المجتمع من حرية وديمقراطية من الناحية السياسية، وعلى ما يمنحه المجتمع من حريات اجتماعية للمرأة لممارسة هذا الدور بالشكل المطلوب”.

كما أوردت الدراسة نفسها أن “النساء عرضة للخطر بشكل خاص خلال أوقات الحرب. بالإضافة إلى خطر التعرض لإصابات مباشرة، إذ تقع عليهن مسؤوليات إضافية لصعوبة رعاية أسرهن في مثل هذه الظروف والتي قد تتفاقم بسبب وفاة الزوج أو أفراد العائلة، فضلاً عن الأضرار العاطفية والمالية التي تنتج عنها. إن الحرب العراقية، كما معظم الحروب التي وقعت في الجزء الثاني من القرن العشرين، لم تقتصر على صراع يقع على جبهة بعيدة: بل أدت إلى انهيار النظام ونظم المعيشة والأعراف الاجتماعية وكان لها تأثير خاص على النساء، سواء على أشخاصهن أو أدوارهن االاجتماعية. وقد حولت الحروب الطويلة المدى حياة العوائل العراقية إلى مآسي وآلام”.

وركزت الدراسة على وجود خطة عمل وطنية في العراق تهدف إلى  المساهمة في بناء واستدامة السلم والأمن في العراق من خلال تعزيز الشراكات مع المجتمع المدني وتحقيق العدالة الاجتماعية في جميع مجالات الحياة، وزيادة المشاركة الفعالة والنسبية للمرأة في مواقع صنع القرار على المستوى المحلي والوطني، وفي جميع لجان المصالحة ومفاوضات بناء السلام.

تجارب نسائية متفرقة:

زينب بلانديا تعتبر إحدى صانعات السلام، وقادة المجتمع السوداني، حيث تنتمي إلى منطقة جبال النوبة التي تشهد حرباً متواصلة في ولاية جنوب كردفان. التجربة التي مرت بها زينب عندما أدى النزاع المسلح إلى اقتلاعها من بيتها، شجعتها على البحث عن أساليب لتجسير الانقسامات بين المجموعات المختلفة، فقامت بتأسيس جمعية “الرؤيا” التي تتولى تدريب النساء كسفيرات سلام من أجل بناء الثقة ما بين المجتمعات المتحاربة في جنوب كردفان، ودعم  النساء من خلال برامج التعليم والتدريب. ومنذ اندلاع العنف المسلح مجدداً في المنطقة، قامت بتنفيذ برامج لدعم الجهود المحلية لبناء السلام.

أما الناشطة الليبيرية الحقوقية ليما غبوي، فقد ساهمت من خلال حركتها “المرأة من أجل السلام والأمن” في وضع حد للحرب الأهلية الثانية في ليبيريا، وفي عام 2002 نفذت مع مجموعة من النساء الليبيريات “إضراباً عن ممارسة الجنس” حتى انتهاء العنف والحرب الأهلية، وبعدها بعام نجحت هذه المجموعة بقيادة “غبوي” في انتزاع وعد من الرئيس تايلور بحضور محادثات السلام التي جرت في غانا آنذاك.

وفي ولاية مانيبور بشمال شرق الهند حيث توفي أكثر من 10,000 شخص نتيجة للعنف المسلح، أنشأت بعض النساء شبكة نساء مانيبور الناجيات من الصراع المسلح، وذلك حتى تضمّد الجراح التي سببها الصراع المسلح داخل مجتمعهنّ، وتدعم الشبكة التعليم وتساعد الأطفال وترفع الوعي بخصوص آثار العنف والسلاح في مجتمعهنّ.

وفي الذكرى الأولى للحرب على غزة، بدأت نساء إسرائيليات من اليهود والعرب صياماً جماعياً، مطالبة بحل سياسي للنزاع مع الفلسطينيين، حيث نصبت نساء من حركة (النساء يصنعنّ السلام) خيمة أمام مقر رئيس الحكومة الأسبق بنيامين نتانياهو وباشرن صياماً لمدة خمسين يوماً.

أما في سوريا، فما يزال تمثيل المرأة منكفئاً وغير متوافق مع ما يجري على الأرض. وعلى الرغم من كثرة المؤسسات النسوية التي تعنى بواقع المرأة، إلا أن عملها ما زال قيد التجريب.

هناك تجربة السيدة غالية الرحال التي أسست مع مجموعة من النساء مركز “مزايا”، في حزيران/ يونيو 2013، حيث أقام المركز دورات تدريبية مهنية وتوعية وتعليمية للنساء النازحات إلى مدينة كفرنبل، لجعلهن قادرات على الكسب وسنداً لعوائلهن.

ويعتبر المركز تحدياً صارخاً لواقع الحرب السورية الدائرة. وقد تعرضت “الرحال” لمحاولة اغتيال، فالمجموعات التي تسيطر على إدلب وريفها لا ترغب في عمل النساء وتحد من خروجهن باسم الدين.

نخلص إلى أن النسوة العربيات ما زلن يتيمات على مائدة القرار 1325، وما زلن أسيرات السياسات الحكومية، وظروف الحرب والأزمات الاقتصادية التي تعصف في العديد من البلاد العربية.

المرأة العربية والقرار 1325

المرأة العربية والقرار 1325

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015