“الهباري” زي المرأة الشعبي في الرقة غير قابل للاندثار
نساء من الرقة بالزي التقليدي/ المصدر: انترنت

الرقة/npasyria- تعتبر مدينة الرقة من أكثر المدن السورية من حيث التنوع في اللباس والزي الشعبي، وقد يكون هذا التنوع انعكاساً لما شهدته المدينة من هجرة العديد من العشائر والأسر العربية وغيرها إلى الرقة، وكلُّ منهم حاملٌ موروثه الشعبي معه،. وقد كان للمرأة النصيب الأكبر من هذا التنوع في الزي الشعبي، ومنه “الهباري”.

والهباري غطاء رقيقٌ وشفافٌ، وناعم الملمس، لأنه مصنوع من الحرير الخالص، وطوله نحو مترين، أما وزنه فلا يتعدى 100 غرام، ويسمى “هِبرية” وجمعها “هباري”.

فوزة المحمد، (55 عاماً)، وهي من سكان الرقة، تعتبر الهباري أهم لباس للمرأة في المنطقة. وارتدت “المحمد” الزي الشعبي أو “لباس العرب” كما تسميها، أول مرة عندما كان عمرها 18 عاماً، اقتداء بوالدتها وجدتها.

وبحكم العادات والتقاليد في منطقة الرقة في سبعينيات القرن الماضي فإن “المحمد” تزوجت باللباس الشعبي، وكانت الهبرية جزء منه.

وبالرغم من حداثة الموضة في الألبسة الدارجة في أسواق مدينة الرقة إلا أن هناك اهتمام كبير بالزي الشعبي عند أكثر نساء المدينة، وجزء مهم من ثقافتهم.

وكانت العادة أن تلبس المرأة في مناطق البادية السورية وحوض الفرات لباساً مؤلفاً من القماش الملون وثوب خارجي والهبرية، بالإضافة إلى الزبون وهو نوع يشبه العباءة وحزام يتوسط الجسم.

وتعتبر “المحمد” أن للهباري ميزة خاصة وهي أنها لا تغطي الوجه كاملاً، وتعطي منظراً جميلاً حيث تكون “الكذلة” ظاهرة ويكون متناسقاً مع أطراف الوجه والزي الآخر من اللباس الشعبي.

وتكون طريقة لبس المرأة للهبرية هو طويها ولفها على قمة الرأس فتصل مقدمة الهبرية إلى أعلى الجبين وتغطيه، وتطوى من جانبي الرأس بشكل لولبي ويشد طرفي العصبة إلى مؤخرة الرأس.

ويعكس شكل “الهباري” على وجه المرأة الأناقة والجمال، حيث تتدلى من تحتها الجدائل المضفورة الظاهرة والتي ترتكز على خصلة طويلة من الشعر وتسمى هذه الخصلة “كذلة”.

ويكون للمرأة في الرقة زي متنوع غير الهبرية ويتكون من الثوب الداخلي ويكون من القماش الملون غير الشفاف والثوب الخارجي وله أكمام عريضة تُعقَد على الظهر وتسمى “الشلاحيات”.

وأيضاً الزبون الذي يشبه العباءة، ويلبس بأكمام يستر الظهر ويكون مفتوحاً من الأمام، وعصابة الرأس “الهبرية”، والحزام الذي يربط به وسط الجسم ويكون مصنوعاً من القماش أو الجلد، والقديم منه الشعبي كان يصنع من نسيج الصوف ويسمى “الشويحي”.

وأثناء وجود تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) اختفى اللباس بشكل كامل نتيجة فرض لباس يسمى بـ “اللباس الشرعي”، والذي فرضوه على جميع السكان، فكان اللون الأسود هو الوحيد المسموح به للنساء. بينما توجب على الرجال تقصير ألبستهم تماشياً مع القميص المسمى بـ”الشيشاني” أو “القندهاري”.

وبعد طرد التنظيم من الرقة عاد الزي الشعبي للمرأة كما كان سابقاً، “بقيت بعض النساء تحافظن على لبسه، لأنه لا يمكن الاستغناء عنه، كونه عادة من عادات المرأة في الرقة”، وفقاً لـ “المحمد”.

وتغنى عدد من الشعراء الشعبيين في الرقة بالهباري حيث ورد ذكرها في بعض نتاجهم الشعري، منهم الشاعر الشعبي محمود الذخيرة: “يا زين لبس الهباري براس غالينا يدنجر ويغض النظر لمّن يلاقينا”.

وسمي الهباري بهذا الاسم اشتقاقاً من نوع من ورود تنمو في بادية الرقة تدعى “الهبري”، وهو ناعم الملمس، برتقالي اللون ينبت في فصل الربيع، بحسب الباحث والمؤرخ محمد العزو.

وللهباري أنواع أخرى، منها: “جناح الخضر”، وهو يجمع بين لوني الأخضر والأحمر. و”جناح الخضر” طائر أخضر اللون يعيش في منطقة زور الفرات في الرقة. وأيضاً “رشك الحنة”، ويجمع بين الأصفر والأسود والأبيض، وجاء تسميته من لون الحناء.

ومازالت الفتيات في الرقة ترتدين الهباري في المناسبات والأعراس بدلاً من ألبسة أخرى، لأنها صارت هوية وطابع منطقة الرقة.

نساء من الرقة بالزي التقليدي/ المصدر: انترنت

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبتها/كاتبها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015