دمشق/ جريدة الثورة- منذ أن خطت الهيئة السورية لشؤون الاسرة أولى خطواتها وهي تعمل مع الجهات الحكومية وتقدم خدماتها بجهود وخبراء وطنيين محققةً حضوراً لافتاً في ملفات تلامس حياة الأسرة السورية بشكل عام. وبسبب ظروف الأزمة برزت لدى الهيئة أولويات وطنية تتطلب برامج جديدة لمعالجتها. حيث كان لاستراتيجيات تأقلم الأسر السلبية الأثر الكبير في تفاقم العديد من المشكلات الاجتماعية مثل عمل الأطفال والزواج القسري والزواج المبكر، والتسرب المدرسي وضعف التماسك الاجتماعي وغير السلبي في أنماط الصحة الانجابية وحركات النازحين داخليا وخارجيا، بالإضافة لازدياد الفئات الهشة من الأطفال والشباب والنساء، والأشخاص الذين يعانون من اعاقات وكبار السن، ما جعل أغلب مشاريع الهيئة تصب في هذا الاتجاه.
من الواقع
وفي حديث موسع مع الدكتور أكرم القش مدير عام الهيئة السورية لشؤون الاسرة حول أبرز الأنشطة التي عملت عليها الهيئة خلال العام الماضي وأهم مشاريعها المستقبلية؟ أكد القش:أن المدخلات الجديدة في البيئة الاجتماعية والاقتصادية السورية أدى الى ضرورة الاسراع في مشروع تحديث وثائق السياسة السكانية المحلية في المحافظات بشكل عام والذي بدأ في محافظات حمص وطرطوس والسويداء لينتقل على مستوى سورية ككل، مشيرا إلى مشروع اعداد نظم معلومات سكاني الكتروني متعدد الوظائف لمتابعة ورصد المؤشرات السكانية التنموية بشكل دوري، ودعم البرامج الاستهدافية السريعة للاستجابة للظروف الحالية. وتنفيذ مشاريع لتمكين الاسر المتضررة وتحسين أوضاعها المعيشية من خلال مساعدتهم لخلق مشاريع صغيرة وذلك في محافظة حمص واللاذقية وطرطوس وريف دمشق والسويداء. كما كان للهيئة دور في إطار الدعم الحكومي الموجه لإعادة الحياة الطبيعية إلى محافظة دير الزور، حيث تم اعداد خطة تنمية بشرية تعمل على التدخل الاجتماعي السريع للفئات الأكثر تضررا من الحرب وعلى التدخل البرامجي لتطوير مؤشرات التنمية الاجتماعية في المحافظة.
إحصائية جديدة على الطريق
لم تعد الحالة السكانية في سورية بعد الحرب كما كانت عليه عام الـ2011 وضمن اطار عمل الهيئة في اللجنة الفنية التي تتابع عمليات المسح، أكد الدكتور القش أن المكتب المركزي للإحصاء هو الجهة الوحيدة المخولة بإصدار الرقم السكاني، وأنه خلال فترة الأزمة نفذ المكتب أكثر من مسح سكاني لمتابعة حركة السكان وصولا إلى المسح الذي يعلمون عليه حاليا بالتنسيق مع كل الجهات الحكومية، والذي ستصدر نتائجه خلال الشهر القادم لتعويض وسد الثغرات التي لم تستطع اللجنة القيام بها عام 2014 وهذا المسح ينفذ على مستوى سورية، وتعتبر الهيئة جزءاً من اللجنة المشاركة.
مراكز في كل المحافظات
وحول موضوع الدعم النفسي فقد افتتحت الهيئة السورية لشؤون الأسرة في العام الماضي وحدة حماية الاسرة التي تقدم الخدمات النفسية والاجتماعية للأطفال والنساء المعنفات، وتستقبل حالات للإقامة وخاصة الحالات التي تأتي من المشافي أو من مراكز الشرطة ووزارة العدل. وأوضح مدير الهيئة أن آلية عملهم مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل تأتي في اطار رصد حالات الاعاقة على مستوى سورية وبالتنسيق مع الجمعيات الأهلية تم وضع تصنيف شامل للإعاقة، ويتم العمل حاليا انشاء مراكز اجتماعية تقدم الرعاية المباشرة للمعاقين والجرحة، حيث تشرف الهيئة على مركزين للإعاقة في جرمانا وفي حلب لتقديم الدعم لحالات الإعاقة على اختلافها كما يوجد آليات متنقلة تصل إلى المعاق في منزله للحالات التي يصعب أن تصل إلى المراكز. ويوجد أكثر من مركز لاستقبال الحالات في كل محافظة.
الحاجات أكثر من الإمكانيات
ويبين القش أنهم متواجدون في كل المحافظات من خلال اللجان الوطنية التي تضم أعضاء وممثلين من كافة الجهات المعنية، وأن الصعوبات ظهرت خلال الأزمة متمثلة بازدياد الطلب على الحاجات بشكل يفوق الامكانيات، وصعوبات بالتنسيق وبالروتين الإداري للتمويل. بالإضافة إلى الصعوبات المتعلقة بالدراسات والآليات لأن الاثر الاجتماعي مهما كانت الجهود المبذولة فيه لا يظهر بسرعة، بل يحتاج إلى فترة لكي تعطي نتائجه ثمارها على الأرض. وأمام الطلبات الكثيرة يبقى هناك نوع من التساؤل.
استراتيجية جديدة
بعد الدراسة التشخيصية لواقع الشباب خلال الفترة الحالية التي عملت عليها الهيئة مع الجهات المعنية بمشكلات الشباب والجهات الحكومية والتي تضمنت التعليم والعمل الصحة والحماية الاجتماعية، والمشاركة الاجتماعية، ينطلق العمل لصياغة استراتيجية وطنية للشباب تتناول الصعوبات والتحديات ووجهات النظر المختلفة من خلال خطة عمل تدخلية لتمكين الشباب في المجتمع كل بحسب اختصاصه وبحسب إدارة الهيئة سيتم اشهار الخطة الوطنية للشباب ومناقشتها مع بداية الشهر الثاني من العام الحالي.
أولويات الدعم
لاشك أن دعم المرأة والطفولة هي من أوليات عمل الهيئة ويتم حاليا العمل على وضع المصفوفة التنفيذية حول المشكلات الأكثر الحاحا والبرامج التدخلية المقترحة لدعم المرأة في المجال التعليمي والصحي والمشاركة السياسية والمجتمعية وكذلك في مجال الحماية ومناهضة العنف. ولا يقل الأمر أهمية بالنسبة لحماية الطفولة فهناك دراسة لأسوأ عمل الأطفال يتم من خلال توصيف الظاهرة وتحليل أهم اسبابها وعواملها وانعكاساتها على الطفل والمجتمع. بالإضافة لتتبع تنفيذ الخطة الوطنية لاستراتيجية الطفولة المبكرة التي بدأت عام 2014 وتستمر حتى عام 2020 ويتم من خلالها دعم الأطفال في مجاور الصحة والتربية والحماية والثقافة.
وبالإطار نفسه تم اجراء مسح تقييم سكاني سريع لعدد من مراكز الإقامة المؤقتة في دمشق واللاذقية وطرطوس لتشخيص واقع الاسر المقيمة ورصد الظواهر والمشكلات الاجتماعية الناجمة عن ظروف النزوح والإقامة المؤقتة وبالتالي الوصول الى بيانات واقعية على مستوى كل مركز من المراكز.
تهويل الأرقام
ما تقدم من معطيات يدفعنا للبحث عن الرقم الاحصائي الذي توصلت إليه الهيئة من خلال مجالات عملها المختلفة وهنا أكد الدكتور أكرم أن البيانات والأرقام متوفرة وموجودة تعمل عليها جميع الجهات ولا يوجد نقص بالمعلومات ولكن هناك حذر من تداول الأرقام اعلاميا ومن نشرها حتى لا تتم قراءته بشكل خاطئ من قبل اشخاص وجهات تتصيد بالماء العكر، وهناك تجربة حول التهويل الاعلامي الذي حدث بخصوص أعداد اللاجئين السوريين في دول الجوار، كما كان هناك هجوم خلال فترة الأزمة على كل رقم يصدر من جهات حكومية على الرغم من أن جميع أرقامنا دقيقة بنسبة 95% في حين تصدق الأرقام الصادرة عن الجهات المغرضة. وفي كل الأحوال ما يهمنا هو الاستفادة من الرقم ووضعه في خدمة العمل.
بيت الأسرة السورية
هذا وقد رسمت الهيئة السورية لشؤون الأسرة الخطة الوطنية التي ستعمل عليها خلال عام الـ 2018 والتي جاء في مقدمتها إعداد تقرير حالة السكان في سورية ومتابعة العمل على تحديث وثائق السياسة السكانية في بقية المحافظات وإعداد سلسلة دراسات ديناميكية السكان في المحافظات السورية، وإجراء مسح بالعينة لمدينة حلب. وإطلاق دليل دعم نفسي اجتماعي شامل للأطفال والنساء، ودليل آخر للأطفال في حالة الإراءة ، ووضع خطة تدخلية في مجال مكافحة أسوأ أشكال عمل الأطفال. وبين مدير الهيئة أنه سيتم التحضير لإعداد ومناقشة تقرير سيداو 2018، وسيتم العمل على بيت الاسرة السورية في محافظة حمص كمشروع تجريبي يقدم خدمات متنوعة للأطفال والنساء من دعم نفسي اجتماعي ورعاية صحية وأنشطة وتمكين وتدريب. بالاضافة إلى متابعة العمل على اعداد نظام المعلومات السكاني التنموي وافتتاح مكاتب للهيئة في بعض المحافظات مثل اللاذقية وحمص وحلب ومتابعة العمل على البرنامج الوطني لدعم المرأة وعلى إعداد الإطار الوطني متعدد القطاعات للشباب.