إرم نيوز- أشارت صحيفة “الغارديان” البريطانية، إلى أن بوست الصحفية الأوكرانية ناستيا ميلنيتشينكو، الذي نشرته على موقع “فيسبوك”، شجع نساء أخريات على نشر قصص التحرش الجنسي والعنف التي تعرضن لها. بالرغم من أنه غالباً ما يُنظر إلى حالات التحرش الجنسي بوصفها موضوعًا مثيرًا للنكات في روسيا.
وقالت الصحيفة، إن المئات من النساء الروسيات والأوكرانيات نشرن العديد من قصص التحرش الجنسي والعنف والاغتصاب على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد الانتشار الواسع الذي حظي به “بوست” لصحفية أوكرانية بداية هذا الأسبوع.
وبدأ ظهور هذا الترند، بعد أن نشرت الصحفية الأوكرانية ناستيا ميلنيتشينكو “بوست” على موقع “فيس بوك”، حيث روت عددًا من حوادث التحرش الجنسي والعنف الذي تعرضت له منذ أن كانت في السادسة من عمرها وحتى مرحلة البلوغ.
وكتبت على هاشتاج بعنوان # لست خائفة من الكلام “لسنا بحاجة إلى التماس الأعذار، لسنا الملومين ولكن ينبغي دائمًا إلقاء اللوم على الذين ينتهكون، أنا لست خائفة من الكلام بشكل علني. وأنا لا أشعر بالذنب”.
تمت مشاركة الـ”بوست” مئات المرات، وتلقت المئات من التعليقات، وجاء الكثير من هذه التعليقات من جانب نساء أخريات نشرت قصصهن وكان بعضها غير لائق، وتدريجيًا بدأت نساء آخريات نشر قصصهن الخاصة باستخدام نفس الهاشتاج، ثم امتدت الموجة إلى الإنترنت الروسي، وقالت العديد من النساء إن هذه هي المرة الأولى التي يتحدثن فيها عن مثل هذه الحوادث.
وأوضحت الصحيفة، أن هذه الظاهرة تعتبر انطلاقة جديدة بالنسبة لروسيا وأوكرانيا، حيث غالباً ما يعد العنف المنزلي والاعتداء الجنسي من الموضوعات المحرمة أو يتم التعامل معها على أنها جزء من أمور الحياة العادية، ولكن هذه القصص بشكل عام تشكل نسيجاً مثيراً للقلق من العنف والترهيب والاعتداء وتتضمن ظروفاً صعبة وإهانات لفظية إلى اعتداءات جسدية واغتصاب.
وكتبت إيكاترينا رومانوفسكايا، البالغة من العمر 41 عامًا، على موقع “فيس بوك”: “هناك الآلاف من حلقات الاعتداء الجنسي. المئات من ذكريات الماضي التي تنطوي على الغرباء وزملاء العمل والأصدقاء والأقارب وأصدقاء العائلة ورؤساء العمل والمعلمين والأطباء”.
وأطلقت رومانوفسكايا، التي تعرضت لاعتداء شخص غريب عليها بسكين في العام 2000 وكادت أن تموت، مؤخرًا حملة تمويل جماعية لتطوير خاتم مزود بـ “زر الرعب” لمساعدة النساء على الشعور بالأمان عندما يخرجن وحدهن.
ونشرت قصة الهجوم الذي وقع عليها قبل بضعة أسابيع، وكتبت عن الموجة الحالية من المشاركات على مواقع التواصل الاجتماعي، قائلة إنها كانت مهمة للتحدث علناً.
وكتبت: “كونك لا تخشي التحدث، لا تعد مجرد مشاركة أو مواساة، ولكنها الخطوة الأولى نحو إيجاد مَخرج، إنها لا تتعلق بالشجاعة أو التميز ولكنها وسيلة للتوصل إلى حل”.
وكان رد فعل الرجال الروس والأوكرانيين على هذه الظاهرة الفيروسية غير واضح ومحدد، حيث قال كثيرون إنهم صدموا، وأنه لم يكن لديهم فكرة بأن العنف والتحرش منتشران على نطاق واسع جدًا بهذا الشكل.
وصرح الفنان ارتيم لوسكوتوف لموقع afisha.ru: “كل هذا الظلام والجحيم يبدو أنه أكبر مما كنت أظنه، أنا في الحقيقة لم أتوقع أن الكثير من النساء والفتيات اللاتي عرفتهن كن ضحايا للعنف والتحرش، وبعضهن كن في سن صغيرة، من الصعب تصور كيف يمكن أن تعيش مع هذه الصدمة وكيف يمكن أن تعيش صامتًا، ومن المهم جدًا – بفضل بوست الصحفية الأوكرانية – أن أصبح العديد من الناس قادرين على التحدث”.
ولكن لم يتفق الجميع مع هذه الظاهرة، حيث أجرت وكالة الأنباء الشهيرة “لايف نيوز”، مقابلة مع خبير بمعهد موسكو للتحليل النفسي، الذي قال إن العديد من هذه القصص قد تكون مزيفة، ولا يجب نشرها على شبكة الإنترنت، لأنها قد تؤدي إلى زيادة عدد حالات الاغتصاب.
وكتب المدون أنطون نوسيك، بوست عبر فيه عن شعوره بالأسف لضحايا العنف، ولكنه في نفس الوقت اتهم النساء باختراع الكثير من القصص.
وغالبًا ما يُنظر إلى حالات التحرش الجنسي بوصفها موضوعًا مثيرًا للنكات في روسيا، وفي العام 2008، رفض قاض في سانت بطرسبرغ قضية تحرش جنسي في أماكن العمل، وحكم بأنها كانت جزءًا طبيعيًا من العلاقات الإنسانية، ونص الحكم على أنه: “إذا لم يكن لدينا تحرش جنسي، فلن يكون لدينا أطفال”.
ومع ذلك تتغير المواقف تدريجيًا، وحثت رومانوفسكايا تلك النساء اللاتي ما زالت صامتة إلى المشاركة وعدم الشعور بالذنب، وقالت: “أجد نفسي تقول مرارا وتكرارا: لا، إنها ليست غلطتك، ليس بي ما هو الخطأ، لقد حان الوقت للعالم أن يسمع ويعترف ويجد حلاً للمشكلة”.