فلورنس غزلان/ الحوار المتمدّن- قال غاندي رجل انتصار الهند، رجل السلام والتسامح: “إن النصر الناتج عن العنف مساوٍ للهزيمة، إذ أنه سريع الانقضاء”. كما أضاف: “دائماً مايكون وراء الغضب حجة، لكنها نادراً ماتكون سليمة”.
ومن هنا أنطلق لتلمّس الأسباب التي تسهل على الرجل ارتكاب الجريمة ضد المرأة، وتدفعه لتعنيفها، وغالباً قتلها، ــ لأن الإحصاءات العالمية أثبتت أن أكثر من 90 بالمئة من النساء اللواتي يفقدن حياتهن يفقدنها على يد الشريك أي الزوج وأحياناً أحد أفراد العائلة “أب، اخ، عم”,
ــ يقتلونها بذريعة الشرف، لأن شرف الرجل معلق بين فخذي المرأة!، أما مايحمله من غثّ وعفن في رأسه، فلا يُحسب اجتماعياً في باب “الشرف”.. إن سرق وخطف وقتل… يظلّ حاملاً راية الشرف لمجرد أنه “رجل” … وأيّ رجولة؟؟؟
ــ يقتلونها ككافرة وقاصر، إن خرجت على طوع الدين الذي ولدت به ولم تختاره، تحت مسمى “كافرة”… فماهو دور الرجل في تعريف الكفر والإيمان؟…، خاصة حين تقرّر الزواج بشخصٍ أحبته ومن غير مذهبها… وأن بلغت سن الرشد، فلا يحقّ لها أن تقرر مصير حياتها ومستقبلها… لأنها “قاصر”! حتى لو بلغت من العمر عتيا.. ولا تستطيع السفر مع أولادها… حتى لو كانت أمهم التي أنجبتهم للحياة، بينما يمكن للعم أو الأخ الأكبر حتى لوكان سنه دون السن القانونية؛ فيحقّ له أن يصبح وكيلاً على أمه وأخوته أكثر من الأم!!! هذه هي قوانين الأحوال الشخصية التي تحكمنا في سورية “العلمانية”! وأيّ علمانية هذه؟
ــ يحقّ للرجل تأديبها!، وضربها “ضرباً غير مبرح”… ولكم أن تعرفوا متى يكون مبرحاً… وهذا يعني أن أهلها لم يحسنوا تأديبها وجعلها زوجةً “مطيعة، خاضعة “… تصلح لأن تكون عبدة، تعمل وتطيع ولاترفض فراش الزوج… وإن فعلت فيحقّ له اغتصابها، وإجبارها على تلبية رغباته متى شاء، فقد اشتراها بحلال ماله!… والتأديب يأخذ وجوهاً عدّة “التقريع والكلمات التي تمسّ بكرامتها” وعليها ألا ترد الجواب وإن ردّت فهي قليلة الأدب ويحلّ “تأديبها وضربها”!!!. إذن عليها الإنصياع فقط.. فهو السيد القَّوام عليها والأعلى منها بدرجات ــ “الرجال قوّامون على النساء بما فضل بعضهم على بعض” ــ حتى لو حملت شهاداتٍ علمية، ومكانة اجتماعية، ووظيفة مهمة، فحين تعود للمنزل تعود لوظيفتها الأهم.. “زوجة، مطيعة”!!، لا أبالغ أبداً ــ فقد تعرّضت أكثر من سيدة “جامعية”، وبمؤهلات عالية إلى الضرب والإهانة.
ــ إنها عورة وكلّ مايحمله جسدها “عورة”… ساقاها، ذراعاها، رأسها، صدرها… حتى صوتها فهو عورة!!، ولهذا وجب وضعها في “قارورة” وقد قيل عن النساء “قوارير” يسهل كسرها… أما الرجل فهو قاسٍ وصلب ولايجوز لرجولته أن يكون ليناً ظريفاً مبتسماً، كلامه عسل ولغته رقيقة، فحينها يفقد بعض “رجولته وهيبته”!، ويصبح مائعاً أو يلقّب “بالمرأة”!، وهنا ندرك كم هي محترمة! ومتى تتمتع بكونها إنسانة إذن؟
ــ وإن أنصفها مجتمعها فيقول عنها “أخت رجال”!، وزوجة فلان وأم فلان… اسمها يختفي… ويصفها بالمرأة “الوفية، الأرملة العظيمة التي حافظت على اسم زوجها وربّت أولادها تربية حسنة… عظيمة حين تضحّي بحياتها… مخلصة حين تقبل بكل الآلام والمعاناة وتصبر وتطيع… ربما ترون في هذه الصفات بعض الإيجابية، لكنها إيجابية “تستلب حقّها” في الحياة كبشر… تلغيها كي يعيش الأولاد أو تصبر على الزوج المريض والمسجون والمعاق… وووو،
ــ وبالمقابل كم من الرجال يضحّي ويصبر وينسى نفسه ويكون وفياً لزوجةٍ واحدة…؟ لأنّ من حقّه أن يتزوّج بأكثر من واحدة.. فحولته تحتاج لأربعة نساء، لم لا؟، طالما أنّ الإسلام أكرمه ومنحه الحق… “يحلّ لكم مثنى وثلاث ورباع وما ملكت أيمانكم”!!، …لكن للآيات بقية… “وإن لم تعدلوا فواحدة… ولن تعدلوا”… هذه الأخيرة تُرمى بعيداً عن شبق حبيب النساء، أما في تونس العربية والمسلمة، فقد أخذ الراحل بورقيبة بالجملة الأخيرة “ولن تعدلوا” ومنع الزواج بأكثر من واحدة.
ــ من حقّه أن يرثها، ومن حقّه أن يأخذ نصيباً ضعف نصيبها في الميراث “وللذكر مثل حظ الأنثيين”، لكن تونس مابعد الثورة تغلّبت على هذا القانون؛ فقد صادق قبل أيام مجلس الوزراء التونسي على حقّ المرأة المساوي للرجل بالميراث… للتذكير فقط، استقلت تونس بعد سورية بقليل، وكان عدد سكانها يساوي عدد سكان سوريا، الآن تونس 11 مليون نسمة وسوريا 23 مليون!، لماذا ياترى؟؟؟؟ وقامت الثورة بسوريا بعد ثورة تونس… لكن تونس نجحت كون شعبها لم يحمل السلاح…
ــ لايحقّ للمرأة السورية أن تمنح أولادها وزوجها جنسيتها، حتى لو تزوّجت من عربي ومن مسلم، وكم من الأطفال مُغفَلي الأب جاءوا للحياة نتيجة زيجات “الصيف” من مصطافين عرب ومسلمين وبعقد “شيخ” وبعد أن “قضى منها وطراً” عاد لبيته وزوجته وأولاده في بلده وترك… تلك التي استأجرها للتصييف مع ولدٍ لا أب له!!!، وتتكرّر الحالة مع العديد من الفتيات القاصرات في مخيمات اللجوء.
ــ حين تكون المرأة متعلمة، جميلة، لها شخصية قوية، تختار وتناقش وتبدي رأيها بحرية وبكل مايمس الحياة يسمونها “مسترجلة”!… الرجولة يا أخوتي لاعلاقة لها بالمظهر الجنسي. “شنبات ولحية، وأكتاف عريضة، وقوة عضلية”.. البغل قوي وعنيد.. وذَكَر أيضاً… هذه ذكورة لا رجولة…
لاتستغربوا لماذا تكثر حالات الطلاق والانفصال عن الزوج في بلاد اللجوء ــ خاصة في الغرب ــ لأنّ المرأة تشعر بقيمتها، بإنسانيتها، بحقوقها المصانة، كما أنها تتحرّر من الضغط الاجتماعي… الجيران، الأهل، الأقرباء… أهل الحي، القرية، إمام المسجد… إلخ… وتكتشف أن القوانين تحميها وتصون حقوقها، ولا يوجد قانون أحوال شخصية مازال يضعها في أسفل السلم مع “العبيد”.. وإنما قانون يساويها في العمل، العلم،الميراث، حضانة أطفالها.. إلخ.
“إنها هنا سيدة نفسها… إنسانةٌ غير ناقصة لا بالعقل ولا بالدين..”