تطوّر التشريعات لتحسين حقوق المرأة!
تطوّر التشريعات لتحسين حقوق المرأة!/ انترنت

د. نزار بدران/ alquds- أظهرت دراسة حديثة، نُشرت بداية هذا العام، عن تطوّر التشريعات التي تسنّها 187 دولة في العالم، لتحسين حقوق المرأة، تقدّماً قليلاً إلى الأمام، خلال السنوات العشر الأخيرة، فالمؤشرات التي وُضعت لهذه الدراسة، والتي قام بها البنك الدولي، مثل الفقر والبطالة والصحة والإعاقة والأحوال الشخصية وضحايا الحروب وغيرها، تُظهر بشكل عام، أن المرأة تتمتع على مستوى العالم بـ 75% من الحقوق على سُلم 100%، أي تقدّمت بخمس نقاط عما كان عليه الوضع عام 2010. قليلٌ جداً من الدول، حصلت على نسبة 100%، أي أنها سنّت تشريعات تتطابق مع المعايير التي وضعتها الدراسة.

الحقوق النسوية

أظهرت معظم مناطق العالم تقدّماً بمؤشر الحقوق النسوية، ما عدا العالم العربي (الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حسب تسمية الدراسة)، والذي بقي على حاله بنسبة 47%، أي أنه تقريباً، ما عدا بعض الاستثناءات، لم يُغيّر بقوانين الأحوال الشخصية أو معاملات الطلاق والحضانة وتقاسم الإرث وأشياء عديدة أخرى، بل هناك بعض التراجع عن القوانين السابقة (بالإضافة للإهدار التام لحقوق المرأة السورية ودول حروب الثورة المضادة).

مقابل هذه النسبة المتدنّية، فإن كل مناطق العالم الأخرى، شهدت تحسّناً، أكبرها أمريكا الجنوبية، والتي انتقلت بالعشر سنوات الأخيرة من 70 إلى 79%، كذلك جنوب شرق آسيا من 65 إلى 70%، وجنوب آسيا من 50 إلـى 58%.

نحن نُعاني إذن بالدول العربية، من وضعية متحجّرة، مرتبطة بعدم الاكتراث السياسي الرسمي بالتغيير، ولكن أيضاً، من التناسي الاجتماعي لحقوق المرأة، وتنامي البُعد الديني بمفهومه الأصولي، وببعض الأحيان سلبية المرأة نفسها للدفاع عن حقوقها. هذه خصوصية بالدول العربية، ولا تجدها بدول إسلامية أخرى، كتركيا أو أندونيسيا وغيرها، هي آتيةٌ إذاً من الإرث الاجتماعي العربي، وتقاليده وعاداته، وليس من بُعدِه الإسلامي فقط. مثال ذلك جرائم الشرف، والتي تذهب ضحيتها بنات ونساء المجتمعات المحافظة، عنفاً وقتلاً وحرماناً من أطفالهن.

جريمة القتل إذاً من أخٍ لأخته، أو أبٍ لابنته، لا يمكن فهمها إلا من منظار ضعف الرجل القاتل، لأنه لا يقتل لمصلحة مادية معيّنة، بمقدار خوفه من المجتمع المحافظ، وما يُسمى السُمعة. هذا الشعور الذي يدفع إلى العنف بمستويات مختلفة، لا مثيل له عند المرأة، هي حرّةٌ من هذه العوائق، وخصوصاً أنها ضحيته الأولى والوحيدة.

جريمة الشرف

اعتراف مجموعة من التشريعات العربية، بمفهوم جريمة الشرف، هو بالحقيقة شرعنة للقتل بدون عقاب، فبينما تعتبر التشريعات الغربية مثلاً، أن قتل الأب لابنته، أو الأخ لأخته، هي جريمة مُشدّدة لكونها وقعت على شخص ضعيف من طرف من له سلطة عليه، ويكون عقابها أكثر بكثير من عقاب جريمة قتل أخرى بطريقة مختلفة.

هذه الجريمة لها مفهوم معاكس ببلاد العرب، أي أنها جريمة مخفّفة، لا تستحق المعاقبة تقريباً.

وحده العقاب الذي سيكون على مستوى الجرم، ما سيشكل رادعاً حقيقياً، جريمة الشرف هي دليل جُبنٍ من القاتل خوفاً من مجتمعه، ولن تتوقف إلا إذا دُفِع لجُبنٍ أكبر من عقابٍ قد ينال حياته، فهؤلاء القتلة هم أصلاً جبناء، وليسوا شجعاناً كما يتصوّرون.

وعلى هذا يمكننا طبعاً أن نقيس على هذا المثل أوضاعاً عديدة أخرى، مثل المساواة بالإرث، وحرية السفر، والعمل والدراسة وما إليه.

أرى أن مفهوم حقوق المرأة، المرتبط عضوياً بمفهوم حقوق الإنسان (إعلان الأمم المتحدة لعام 1948)، لا يكفي لتحديد مكانة المرأة بالمجتمعات الحديثة، بل عليها أيضاً أن تكون بموقع القيادة، والذي يصوغ القوانين، ويُحدّد الاتجاهات للمجتمع. وحدها المرأة من موقعها القيادي المؤثّر، من تستطيع أن تنقل المجتمع العربي التقليدي المُتشبّث بعادات الماضي، إلى مستقبلٍ حداثي حضاري.

هذا هو واجبها الآن وليس فقط حقّها. الرجل العربي، حتى ولو كان مظلوماً ويشارك بالحراك الثوري، وحتى لو وصلنا إلى مجتمع التعدّدية والديمقراطية، لن يستطيع بحكم تقاليد الشرف والذكورية الفارغة، أن يسير إلى الأمام بهذا المجتمع، نحو حرية كلّ أفراده، رجالاً ونساءً.

مشاركة المرأة حالياً في السودان والجزائر، في الحَراك الثوري والمساهمة بقيادته بجانب الرجال، وهذا واجبها، يعطيها الحقّ بهذين البلدين، أن تطالب عند إقرار الديمقراطية، بحقّها كاملاً بالمشاركة بالسلطة، هذه المشاركة المُستَحَقّة ستكون الضامن الحقيقي، للخروج من الورطة التاريخية، التي وجد بها الرجل العربي نفسه.

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”. 

تطوّر التشريعات لتحسين حقوق المرأة!/ انترنت

تطوّر التشريعات لتحسين حقوق المرأة!/ انترنت

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015