UNWomen- منذ أن بدأت جائحة كوفيد-19 تتفشّى بين الناس، لعبت النساء في الدول العربية أدواراً هائلة في الاستجابة للمرض، بما في ذلك كعاملات في مجال الرعاية الصحية في الخطوط الأمامية، ومقدّمات رعاية في المنازل، وكقيادات للتعبئة وفي المجتمع.
كما تأثّرن بشكل غير متناسب على إثر الإجراءات الرامية للحدّ من انتشار الفيروس، ليس هذا فحسب بل ظهر أيضاً العنف المنزلي كأثر إضافي للجائحة في المنطقة.
وفي محاولةٍ لفهم تبعات الجائحة بشكل أفضل وتقييم آثاره في شأن المساواة بين الجنسين والعنف ضدّ المرأة، أجرى المكتب الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في الدول العربية (ROAS) دراسة استقصائية عبر شبكة الإنترنت في مصر والعراق والأردن ولبنان وليبيا والمغرب وفلسطين وتونس واليمن، تركّز على أدوار الجنسين والمواقف والممارسات المتعلّقة بالمساواة بين الجنسين والعنف ضدّ المرأة.
وقد شارك ما مجموعه 16,462 مشاركة ومشارك في الدراسة.
وفقًا للدراسة، المُعَنوَنة “تقييم سريع حول تأثير جائحة كوفيد-19 على الأعراف الاجتماعية القائمة على النوع الاجتماعي والعنف ضدّ المرأة”، يتفق حوالي نصف المجيبات والمجيبين من جميع البلدان التسعة التي شملها الاستطلاع على أنّ النساء يواجهن حالياً خطراً متزايداً للعنف من أزواجهنّ جرّاء الجائحة، مع ملاحظة أنّ أقل من 40 في المئة من النساء اللواتي يتعرّضن للعنف يطلبن المساعدة من أي نوع أو يبلّغن عن الجريمة.
ووجدت الدراسة أيضاً أنّ ما يقرب من واحد من كل ثلاثة مشاركين (رجال ونساء) يعتقد أنه يجب على النساء تحمّل العنف أثناء جائحة كوفيد-19 للحفاظ على تماسك الأسرة.
من ناحية أخرى، وجد التقرير أيضاً أنّه قد أبدى أكثر من نصف المجيبات والمجيبين، في جميع البلدان التي شملها الاستطلاع، مواقف إيجابية بشأن الاستعداد للإبلاغ عن حوادث العنف المنزلي؛ فقد أعرب ثلثا المجيبات والمجيبين على الأقل عن الرغبة في الانخراط في الأعمال التي من شأنها منع العنف ضدّ النساء في مجتمعاتهم، مع وجود رجالٍ راغبين أكثر من النساء في اتخاذ الإجراءات.
تشير النتائج الأولية للدراسة أيضاً إلى أنّ كوفيد-19 قد زاد من عبء الرعاية غير مدفوعة الأجر والعمل المنزلي لكلٍّ من الرجال والنساء في المنطقة. بينما تبدو المهام المنزلية مثل التنظيف والطهي، على وجه الخصوص، بشكل شبه حصري من مسؤوليات المرأة، تمّ توزيع مسؤوليات الرعاية غير المدفوعة الأخرى بشكلٍ أكثر توازناً، لا سيما بين الأزواج من المجيبات والمجيبين.
كانت النساء عادةً أكثر عرضةً لتولّي مسؤولية الاعتناء الجسدي بالأطفال، والرجال أكثر عرضةً لتقديم الدعم التعليمي.
بالإضافة إلى ذلك، أفاد المشاركون الذكور في جميع البلدان التسعة بزيادة الوقت الذي يقضونه في رعاية أفراد الأسرة من كبار السن أو ذوي الإعاقة أو المرضى.
وفي هذا الصدد، علّق المدير الإقليمي بالنيابة لهيئة الأمم المتحدة للمرأة للدول العربية، معز دريد قائلاً ” بالفعل أدّت جائحة كوفيد-19 إلى تعميق أوجه عدم المساواة بين الجنسين الموجودة مسبقاً، والتي تتفاقم بشكلٍ أكبر في سياقات الهشاشة والصراع وحالات الطوارئ. وزيادة خطر تعرّض المرأة للعنف في ظلّ تدابير الإغلاق المفروضة، يعدّ مصدر قلقٍ على وجه الخصوص. ومع ذلك، على الرغم من التحدّيات الكبيرة، تشير الدراسة إلى إحراز تقدّم في نواحٍ أخرى، فلا تزال تتحمّل النساء عبء الرعاية غير مدفوعة الأجر إلى حدٍّ كبير، بيد أن الجائحة دفعت الرجال إلى الانخراط بشكلٍ أكبر في رعاية الأطفال وكبار السن”.
وبالإضافة إلى ذلك، أجرت هيئة الأمم المتحدة للمرأة دراسة ثانية بين منظمات المجتمع المدني (CSOs) لتقييم تأثير كوفيد-19 على مجريات عملها، بما في ذلك استمرار خدمات هذه المنظمات والآثار المترتبة على العنف ضدّ المرأة في المنطقة. وشارك في هذا الاستطلاع/الدراسة أكثر من 220 منظمة من البحرين ومصر والعراق والأردن والكويت ولبنان وليبيا وموريتانيا والمغرب وفلسطين وتونس والمملكة العربية السعودية والسودان والإمارات العربية المتحدة واليمن.
وقد ذكرت أكثر من 50 في المئة من منظمات المجتمع المدني النسائية التي شملتها الدراسة الاستقصائية، أنّ العنف المنزلي قد ازداد في منطقة الدول العربية خلال فترة الإغلاق، مما يشير إلى زيادة الضغط على إثر المصاعب المالية، والبقاء المطوَّل في الأماكن المغلقة، فضلاً عن وقف الخدمات أو أنظمة دعم النساء كأسبابٍ رئيسة.
كما أشارت منظمات المجتمع المدني إلى زيادة العنف على الإنترنت ضدّ النساء والفتيات، مع تزايد نشاط الجُناة على الشبكات الاجتماعية.
علاوةً على ذلك، أفادت منظمات المجتمع المدني التي شملتها الدراسة، أنّه بينما أدّت الجائحة إلى زيادة عدد حالات العنف ضدّ المرأة المُبَلَّغ عنها في المنطقة، اقترن هذا الاتجاه بتعطيل الخدمات الأساسية للناجيات من العنف بسبب تدابير الإغلاق، بما في ذلك خدمات الصحة والشرطة والعدالة والخدمات الاجتماعية. فعلى سبيل المثال؛ ذكرت الجهات المُجيبَة في بعض البلدان أن الملاجئ والخطوط الساخنة تأثّرت بالجائحة (بنسبة 15 في المئة و 29 في المئة على التوالي)، حيث تلقّت الخطوط الساخنة عدداً أكبر من المكالمات، وكان عليها التكيّف لتقديم خدمات الاستشارة عن بُعد.
كما وجدت الدراسة أيضاً أنّه كما رأينا في الأزمات الأخرى، كان لجائحة كوفيد-19 وتدابير الإغلاق ذات الصلة تأثيرٌ كبير في الأقليّات والسكان الأكثر تهميشاً دون هياكل الدعم المناسبة.
وصفت منظمات المجتمع المدني النسائية اللاجئات والمهاجرات والنساء ذوات الإعاقة، فضلاً عن الأقليّات العِرقية والأقليّات الجنسية، أنهنّ يواجهن “تأثيراً مزدوجاً” للجائحة؛ بسبب نقاط الضعف الموجودة مسبقاً.
يمكنكنّ/م الاطلاع على الدراساتين كاملتين عبر الروابط التالية:
تقييم سريع: حول تأثير جائحة كوفيد-19 على الأعراف الاجتماعية القائمة على النوع الاجتماعي، والعنف ضد المرأة – موجز من 9 دول عربية (https://arabstates.unwomen.org/ar/digital-library/publications/2020/08/brief-the-effects-of-covid-19-on-violence-against-women-and-gendered-social-norms)
تأثيرات جائحة كوفيد- 19 على العنف ضد النساء والفتيات في الدول العربية من خلال عدسة منظمات المجتمع المدني النسائية (https://arabstates.unwomen.org/ar/digital-library/publications/2020/08/brief-impact-of-covid19-on-vaw-in-the-arab-states-through-the-lens-of-women-csos)
*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.