رنا غندور/ وكالة أنباء المرأة- تبلغ نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 26٪ وهي من أدنى النسب في العالم. وبنسبة أقل في المناصب الإدارية العليا، حيث يشغل الرجال 98.5٪ من مناصب مجالس الإدارة في المنطقة.
لكن التغيير حاصل في الوقت الذي تتزايد فيه أعداد النساء العربيات، حتى في المجتمعات الأكثر التزاماً بالتقاليد، ممن يشغلن مناصب وزارية وإدارية وتنفيذية، فضلاً عن قيادة إحدى النساء لسوق المال في إحدى دول مجلس التعاون الخليجي.
وقد حققت النساء في العالم العربي نجاحات كبيرة في قطاعات التجارة والصناعة، وتقدّمن كسيدات أعمال أيضاً، بسبب زيادة فرص الحصول على التعليم، والفرص التي يوفّرها اقتصاد المعرفة وتتيحها الخدمات الرقمية.
مع ذلك، ينبغي لوتيرة التغيير أن تتسارع أكثر، فتمكين المرأة سيكون نقطة تحوّل للمنطقة، وهو ما يجب أن تسعى إليه الحكومات والمنظمات. بالإضافة إلى أن المساواة بين الجنسين تحسّن الناتج المحلي الإجمالي، وتوفّر مستوى أعلى من الرضا والسعادة للشعوب.
هناك العديد من النساء الموهوبات والمؤهلات في المنطقة، اللاتي تجب مساعدتهن للارتقاء إلى مستوى التحدي واغتنام الفرص التي تقدمها الشركات. لكن قبل ذلك، لابد أن يكون هناك تغيير ثقافي، بحيث لا تعيق الاعتراف بمنجزات المرأة تحيّزات تلقائية أو يُختزل الهدف في إظهار زيادة في النسبة فقط. كما تحتاج المنظمات إلى الاعتراف بالقيمة التي تضيفها المواهب النسائية في العالم العربي للاقتصاد ككل وللشركات أيضاً، والاستثمار في تعيينهن وتطويرهن. ودور الرجال والتزام القيادة والقيادة الشاملة، على وجه الخصوص، ضروري لهذه العملية.
كسر الحواجز
يرتبط العائق الاكبر الذي يحول دون وصول المرأة إلى مناصب قيادية- وهذا يعدّ حقيقة في كل مكان- بثقافة مؤسسية ذكورية غير شاملة بما فيه الكفاية. والممارسات الناتجة عن التحيّز الواعي واللاواعي، تؤدي إلى الفشل في تطوير وتعزيز القيادات النسائية، وعدم كفاية المساءلة القيادية، وانعدام النماذج التي تمثل القدوة للنساء، كذلك انعدام الدعم الكافي والتوجيه.
ونحن بحاجة إلى تغيير المفاهيم والتصدي للقوالب النمطية من خلال الوعي، بالإضافة إلى تبني قوانين المساواة بين الجنسين، الذي نفتقده في عالمنا. كما يمكننا الاستفادة من السياسات والممارسات التي جربت واختبرت في الغرب، ونجحت في السماح للنساء بالمشاركة في الاقتصاد، وتقدم مستقبلهن الوظيفي وإدارة أدوارهن العائلية.
إن الأمر الأهم بالنسبة إلينا في المنطقة، هو مشاركة الرجال في الحوار. وهنا يجب على الرجال الوقوف ضد جميع أشكال التمييز بين الجنسين، وإدراك أن هذه ليست قضية نسائية فقط، بل قضيتهم أيضاً. ولا يجوز أن يظلوا متفرجين سلبيين.
النساء بوصفهن مُحَفّزات
في المقابل، تحتاج المرأة إلى أداء دور نشط في تقدمها. والسعي لطلب بيئة أكثر شمولية توفر المرونة والقدرة على المنافسة. والمشاركة وتقديم حلول مبتكرة لمشكلة التوازن بين العمل والحياة. فالنساء اللواتي لا يرتقين على السلم الوظيفي بسبب العقبات التي تعترضهن، يواجهن خطر الوقوع في حلقة مفرغة: حيث إن الإشادة بهن تكون بسبب التمسك بمعتقداتهن، أما العكس فيجعل من الصعب تحقيق التكافؤ بين الجنسين في المناصب التنفيذية. كما أن ذلك يؤدي إلى غياب نماذج عليا للمرأة في مكان العمل، والتي تحد في ذاتها من التنوع بين الجنسين.
وينبغي لها تبني وجهة نظر طويلة الأجل لمهنتها، وألا تسمح للاعتبارات قصيرة الأجل أن تؤثر على حياتها المهنية على المدى الطويل. كذلك أن تختار مهنة وليس وظيفة، وثقافة وليس شركة، ومستقبلاً وليس دورًا.
يجب على النساء تغيير سلوكهن في سبيل تعزيز مسيراتهن المهنية، من خلال تطوير أنفسهن والتواصل بذكاء وطلب ما يردن، سواء أكان زيادة أو ترقية أو مهمة صعبة. ويجب ألا يخجلن من المخاطرة، وأن يتميزن بأنفسهن.
تشير البحوث إلى أن نجاح النساء مرتبط بمدى ثقتهن بأنفسهن وشعورهن بالقوة. وبالتالي فإن هذه الأنماط السلوكية من أهم العوامل المحددة للنجاح في مكان العمل.
* رنا غندور سلهب هي الشريك المسؤول عن إدارة المواهب والتواصل في (Deloitte Middle East)