تونس/ وكالات- للمرأة في شهرها وتزامناً مع الدور الريادي للأطباء في مواجهة “كورونا”، أصدر البنك المركزي التونسي، ورقة نقدية جديدة قابلة للتداول، تحمل صورة أول طبيبة في تونس والمغرب العربي، وهي الدكتورة توحيدة بن الشيخ.
فقد طرح البنك المركزي التونسي في 27 مارس/آذار الجاري عملة ورقية جديدة من فئة 10 دنانير مع استمرار تداول الورقة القديمة التي تحمل صورة الشاعر أبو القاسم الشابي. وتحمل الورقة النقدية الجديدة صورة أول طبيبة في تونس والمغرب العربي هي توحيدة بن الشيخ، تقديراً لدورها ودور المرأة التونسية في المجتمع، كما تزامن ذلك مع كارثة كورونا فكان بمثابة تحية للأطباء -الجيش الأبيض في معركة كورونا- الذين يعملون على مدار الساعة لمواجهة هذه الأزمة، ولتصبح توحيدة رائدة مجدداً، فهي أول امرأة تونسية بل وعربية توضع صورتها على أوراق العملة.
وقال مدير الخزينة العامة في البنك المركزي التونسي، عبد العزيز بن سعيد، إن الورقة الجديدة وهي من فئة 10 دنانير، خُصصت لتكريم الدكتورة توحيدة وتكريم المرأة التونسية بصفة خاصة والعاملين في القطاع الصحي بشكل عام.
وبدوره علّق رئيس البنك المركزي التونسي مروان العباسي، قائلاً: “إن إصدار ورقة نقدية جديدة يستغرق فترة تتراوح بين عام إلى عام ونصف”.
وبالتالي بدأ العمل على إصدار الورقة النقدية التي تحمل صورة أول طبيبة في تونس والمغرب العربي، منذ عام، لكن موعد إصدارها خلال العام الجاري 2020 مثّل فرصة كبيرة لتقديم تحية مزدوجة للمرأة التونسية، وللدور العظيم الذي يقوم به العاملون في القطاع الصحي، الواقفون بالصفوف الأمامية في الحرب ضد فيروس كورونا القاتل.
كما احتوت الورقة النقدية الجديدة، رسوماً للفخاريات البربرية التونسية وبعض قطع الحلي، لتكريم المرأة الحرفية التونسية.
أول طبيبة تونسية
ولدت توحيدة بن الشيخ في يناير/كانون الثاني 1909، وحصلت على شهادة البكالوريا عام 1920 لتصبح أول فتاة تونسية مسلمة تحصل على هذه الشهادة، سافرت بعدها إلى العاصمة الفرنسية باريس لدراسة الطب، وبعد إتمامها سنوات الجامعة قررت العودة إلى تونس في عام 1936، لكي تُفيد بلدها بالعلم الذي حصلت عليه، وتصبح أول طبيبة في تونس والمغرب العربي.
افتتحت توحيدة عيادة أطفال خاصة، ثم تخصّصت بعد ذلك في قسم النساء والتوليد، وترأست هذا القسم في مستشفى “شارل نيكول” بالعاصمة تونس من عام 1955 إلى 1964، ثم ترأست نفس القسم في مستشفى عزيزة عثمانة حتى اعتزالها ممارسة الطب عام 1977.
وكانت توحيدة عضوة بارزة ونشطة في بعض المنظمات والهيئات التونسية، مثل الهلال الأحمر والديوان الوطني للتنظيم العائلي، واستمر المجتمع التونسي في تكريمها حتى بعد وفاتها في ديسمبر/كانون الأول 2010.
رغم إنجاز توحيدة الذي لا يمكن الاستهانة به، فإنه على الخريطة الكبرى للوطن العربي سبقتها القليلات من الطبيبات في هذا الطريق المهني.
فقد اتُفِقَ تاريخياً على أنّ السورية سبات إسلامبولي هي أول امرأة عربية درست الطب، بل كانت من أوائل السيدات في العالم التي أنهت دراسة الطب عام 1880 تقريباً، بحسب جامعة بنسلفانيا، عادت بعدها إلى سوريا ومنها إلى القاهرة، ولكن الجامعة لم تستطع معرفة المزيد عن حياتها بعد ذلك، وإن كانت مارست الطب أم لا بسبب ندرة المواد المتاحة عنها.
نفس ندرة المعلومات تندرج على الطبيبة السورية ظريفة إلياس بشور؛ التي ذكر موقع منظمة المرأة العربية أنها أول طبيبة سورية عام 1911، تخرّجت في جامعة إلينوي بأميركا، ولكن لا يذكر إن كانت مارست مهنة الطب بالفعل أم لا.
وفي مصر -وتحديداً عام 1922- قُدّمت منحة لست فتيات مصريّات للدراسة بلندن، وكانت كوكب حفني ناصف وهيلينا سيداروس ضمن الفتيات اللواتي التحقن بدراسة الطب، ليبدأ مسارهما المهني بعد عودتهما في عام 1930، وأصبحتا من أوائل الطبيبات المصريات والعربيات اللاتي مارسن مهنة الطب بالفعل.
تخصّصت كوكب في قسم جراحة النساء، لتصبح أول طبيبة مصرية تجري عملية ولادة قيصرية، كما أنها شغلت منصب “حكيم باشي” والذي كان مقتصراً على الإنجليزيات فقط، وكانت أول طبيبة تنضم إلى نقابة الأطباء، كما أنها أسست أول مدرسة تمريض في مصر.
أما زميلتها الطبيبة هيلينا فقد عادت لتعمل في مستشفى “كيتشنر” بالقاهرة، وانتقلت منه للعمل في المستشفى القبطي بالقاهرة، وكانت أول طبيبة مصرية تفتتح عيادة خاصة لأمراض النساء والولادة.
ويبدو أن عام 1930 كان حافلاً بإنجازات المرأة العربية في المجال الطبي، فبالإضافة إلى الطبيبات السابقات تخرّجت أول طبيبة سورية في المعهد الطبي العربي بدمشق، وهي الطبيبة لوريس ماهر، وكانت الفتاة الوحيدة وسط أول دفعة تخرّجت في كلية الطب، والتي مارست بعد ذلك طب الأطفال بعيادتها الخاصة حتى وفاتها عام 1970، بحسب موقع منظمة المرأة العربية.
وبعد سنوات قليلة بدأت النساء العربيات في الالتحاق بكليات الطب، سواء في بلادهنّ أو في الدول الأجنبية، وبعد تخرّج توحيدة بن الشيخ التونسية، تخرّجت أول دفعة من الطالبات المصريات بكلية الطب المصرية عام 1935، وأصبحت آنا ستيان عام 1939 أول طبيبة عراقية، بينما كانت الطبيبة علجية نور الدين بن علاق أول فتاة جزائرية تحصل على شهادة جامعة جزائرية عام 1946.
*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.