جدارية ضخمة في بيروت للتأكيد على حقّ النساء في المشاركة السياسية وصناعة القرار
جدارية "مطرحك الطبيعي بالقيادة"/ جريدة الأخبار اللبنانية

بيروت/ VICE- ست سيداتٍ فقط من بين 128 عضواً هو حجم تمثيل المرأة في البرلمان اللبناني، وهي نسبة ضئيلة وغير عادلة كما يراها نشطاء في لبنان يحاولون العمل على تحسينها، لكن هذه المرة عبر الفن. في وسط العاصمة بيروت بالقرب من شارع الحمراء واسع الشهرة وقفت المرأة تُعبر عن حقها وقدرتها في القيادة على جدران إحدى البنايات الشاهقة عبر جدارية ضخمة تعبر عن قوة وثقة المرأة اللبنانية في نفسها، وسط فرحة وبهجة غمرت احتفالية افتتاح الجدارية حضرها عشرات الشابات والشباب تحت عنوان “مطرحك الطبيعي بالقيادة”.

على مساحة 23.5 متر طولاً، و19.5 متر عرضًا، واجهت الجدارية المارين في شارع المقدسي الموازي لشارع الحمراء، كرسالة إلى العابرين هناك بأن المرأة مكانتها أعلى مما تحمله الأفكار المُسبقة، “نحن نعمل منذ فترة طويلة على برامج تشجيع النساء على العمل السياسي، وكان منها حملات توعية تلفزيونية، ولكني أردت أن أصنع شيء يعيش لفترة طويلة ويمتد أثره للمدى البعيد، وليس مجرد مقطع فيديو نشاهده مرة واحدة”، تقول حنين شبشولي، واحدة من فريق تنظيم الفعالية. وتُضيف شبشولي التي تعمل مسؤول التواصل والإعلام بالجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات LADE، وهي الجمعية صاحبة فكرة الجدارية: “أردنا عمل جدارية يعتاد كل الناس على رؤيتها في الشارع وليس جمهور بعينه.”

ربما كان الأكثر إدهاشًا في الجدارية هو الرسائل التي تبعثها التفاصيل الصغيرة فيها، فتقول حنين “أردنا إرسال رسالة للنساء بطريقة غير تقليدية وتكون مصدر إلهام وقوة عن دور المرأة من الآن ولسنين مقبلة، فالارتفاع الشاهق للجدارية أردنا منه أن يتطلع المارين بجوارها إليها وأن تشعر النساء بأهميتها الحقيقية، ووقفتها وقفة قوة وثقة وتحدي للمجتمع، أما الميكروفون فهو معبر عن حقها في المشاركة وتوصيل رسالتها وأن يكون صوتها مسموع من كل العالم حولها”.

وتابعت: “أرضية الشطرنج في الجدارية جاءت انطلاقًا من كونها لعبة مشتركة بين الرجال وأشهر لاعبيها من النساء، أردنا أن نقول بأن المرأة لا يجب تضع نفسها في المكان الذي اعتاد الناس وإنما يجب تغيير الصورة النمطية والدور الاجتماعي للمرأة في مجتمعنا، مؤمنين بأن مطرح المرأة في أي مكان تختاره رغم التحديات القانونية والاقتصادية والمجتمعية والسياسية التي تقف أمام وصولها إلى المراكز القيادية”.

ليا أبو حبيب، الرسامة المشاركة في العمل والبالغة من العمر 26 عامًا، تحدثت عن الجدارية باعتبارها (صرخة للمجتمع) بضرورة الوعي بدور المرأة في القيادة، وقالت إن تلك الصرخة يعبر عنها الميكروفون الذي تمسكه بطلة الجدارية بيدها، وتضيف: “عندما طلبت مني الجمعية شيء يُعبر عن قوة المرأة وأحقيتها في القيادة اقترحت الأرضية الشطرنجية حيث يشتهر الرجال بلعبة الشطرنج وهم أغلب لاعبيه في العالم، ثم جاءت الأقماع المتناثرة والتي نثرتها المرأة بقدمها كدليل على القوة ونهاية عصر هيمنة الرجال على المواقع القيادية”.

وتتابع ليا تفسير دلالات عناصر اللوحة: “وضع السيدة يدها على خصرها دليل على الثقة بالنفس، والإيمان الداخلي بالأحقية والقدرة على فعل المرأة ما تريد وما تطمح، وفي خلفيتها يأتي الحلم، حيث جاءت فكرة انعكاس ما تفعله المرأة إذا تولت المواقع القيادية لمستقبل أكثر عمرانًا، وتقدم وهو ما يظهر في وجود البنايات المُشكّلة لوجه المرأة في الخلفية الحالمة”.

أما البطل الثاني في رسم اللوحة الجدارية فكان إيلي زعرور، الرسام والفنان التشكيلي صاحب 34 عامًا، فأوضح أنه شارك في هذا العمل لإيمانه بأهمية وضرورة مشاركة المرأة في القيادة السياسية والعمل العام، لأن الفن الشيء الوحيد القادر على تغيير العالم والصورة الذهنية للناس ومن بعدها الموسيقى”، وأضاف: “مجتمعنا معبأ بالأفكار الرجعية غير الحقيقية بعضها مجتمعي والأخر ديني، رغم أن التاريخ يشهد للمرأة بالاستحقاق الكبير للقيادة السياسية”.

كريستونال، شاب إسباني (37 عامًا)، وقف أمام الرسم مبتهجًا بالمشهد، سألته عن سبب وجوده فقال: “لقد رأيت الجمع هذا بالصدفة، وعندما عرفت السبب فرحت كثيراً، فهي فكرة عظيمة وضرورية لأن المرأة لم تأخذ حقها في القيادة السياسية ومثل هذه الفعاليات خطوة مهمة قد تسير ببطء ولكنها ستأتي بمردود كبير”. وأضاف: “لا أرى أن المشاركة الواسعة للمرأة في القيادة سيحرم الرجال من فرصهم لأن القيادة شيء تنافسي وتعزيز وجود السيدات سيُثري التنافس ويوصل الأحق ويكشف كثير من المهارات والخبرات المحجوبة عن الناس”.

أما ماريا، صديقته الاسبانية (30 عامًا) فتقول “جئنا في إجازة إلى بيروت ولم نكن نعلم الكثير عن وضع المرأة هنا، ولكننا أخذنا فكرة جيدة من منظمي هذا المهرجان، وهو حدث مهم ومدهش فالمرأة لم تأخذ حقها في القيادة حتى الآن ليس في الشرق الأوسط والعالم العربي وحسب، ولكن أيضًا في إسبانيا وأوروبا بشكل عام، وهو ما يتطلب الكثير من العمل مثل الذي نراه الآن”.

كان الحضور متنوعاً بشكل كبير خاصة في أعمار الشابات والشباب، وأمام لافتة الإعلان عن الفاعلية وقفت كارما صاحبة (17 عامًا) برفقة صديقاتها، “لدينا في لبنان أفكار مسبقة عن المرأة وقدراتها السياسية وهو شيء خاطئ، وعندما تلقيت دعوة للحضور اليوم جئت مبكراً فرحة بهذا النشاط، فالمرأة في بلدنا تستحق أكثر بكثير مما هو عليه الآن، والرسم وسيلة أجمل وأعظم في زيادة الوعي تجاه هذه القضية الهامة” تقول كارما.

أما بترا رافع (22 عامًا)، فقد حضرت كإحدى عضوات جمعية “أحلى فوضى” التي تعمل فيها كمتطوعة، وبنظرة إعجاب تقول “إنني أفتخر بمثل هذه الأشياء، فالكثير من الرجال يعتقدون بأن النساء غير قادرات على القيادة، وهو ما يظهر جلياً في نسبة تمثيل المرأة في البرلمان، وحتى الموجودات داخله جئن عبر حسابات سياسية وليست منافسة عادلة، والأفكار الرجعية عن دور المرأة في السياسة والذي يرى الكثيرين بأنه سيصنع خلل في واجباتها الأخرى يجب أن يتغير.”

وتُضيف بترا: “الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات” تُضيف بترا قائلة “كل شخص يمر من أمام الفعالية يسأل وجميع الحاضرين يشاركون في الإجابة على الأسئلة، وهو ما رأيته بوابة جيدة للوعي والمعرفة، واختيار الرسم في إيصال الرسالة اختيار عبقري، فهي الرسالة الأسرع والأوضح والمناسبة لأصحاب ذوق مختلف”.

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”. 

جدارية "مطرحك الطبيعي بالقيادة"/ جريدة الأخبار اللبنانية

جدارية “مطرحك الطبيعي بالقيادة”/ جريدة الأخبار اللبنانية

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015