“دور المنظمات النسوية السورية: الواقع والصعوبات” في ندوة لحرمون
ندوة “دور المنظمات النسوية السورية: الواقع والصعوبات“

harmoon- عقد “مركز حرمون للدراسات المعاصرة“، عبر البث المباشر، نهار يوم الثلاثاء 5 كانون الثاني/ يناير 2021، ندوةً بعنوان “دور المنظمات النسوية السورية: الواقع والصعوبات“، شارك فيها كل من سوسن زكزك، الباحثة والناشطة في عدد من الجمعيات النسوية/ دمشق؛ غالية الرحال، مؤسسة منظمة مزايا/ إدلب؛ وضحى عثمان، مديرة جمعية رفقًا/ أنقرة؛ وأدارتها الكاتبة والإعلامية السورية ديمة ونوس.

سلّطت الندوة الضوء على توجّه كثير من السيدات والناشطات والسياسيات السوريات لإنشاء منظمات نسوية، نتيجة معاناة المرأة السورية بسبب الحرب، وقبلها معاناتها من القوانين التمييزية، ومن ممارسات النظام وسياساته القمعية، إضافة إلى معاناتها بسبب قمع التيارات الإسلامية الأصولية والمتشددة. حيث شجّعت القرارات الأممية على مشاركة المرأة السورية في العملية السياسية، وكان ذلك حافزًا مهمًا للعديد من منظمات المجتمع المدني المحلية العاملة في الشأن السوري، لتبني خططًا وإستراتيجيات لتمكين المرأة وتأهيلها ورفع قدراتها للمشاركة في مواقع القرار في سورية المستقبل، وتأسيس منظمات نسوية عديدة متخصصة في دعم قضايا المرأة ومناصرتها، وقد وضعت برامج ومشاريع لذلك، وسعت لإبراز دورها الفعال في المجتمع، وحملت مسؤولية إشراك المرأة في كل مفاصل الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، والدفاع عنها وإشراكها في عمليات التغيير والتنمية في سورية المستقبل. وناقشت الندوة دور المنظمات النسوية وفاعليتها في تغيير واقع المرأة السورية على الأرض، ومدى نجاحها في مناصرة قضاياها أو إخفاقها، وأوجه الإخفاق، وما هو المرجو منها.

في بداية الندوة، تم استعراض أبرز الأهداف التي سعت لها المنظمات النسوية السورية، والنتائج التي حققتها بعد 10 سنوات من عمر الثورة حتى يومنا هذا. وقالت سوسن زكزك: إن “المنظمات النسوية السورية حاولت أن تعمل على مسألتين: الأولى كيف يمكن للنساء السوريات أن يشاركن بشكل أكبر في العملية السياسية؟ وكيف يمكن أن تنعكس رؤيتهن في مجمل هذه العملية السياسية؟ والمسألة الثانية كيف يمكن تمكينهن في أماكنهن المختلفة، سواء داخل سورية أو في بلاد اللجوء”. وأشارت إلى أنه لا يمكن القول إن المنظمات النسوية حققت ما كانت تصبو إليه، لكنها في ظل الظروف الموجودة عملت ما باستطاعتها، من أجل تحقيق هذه الأهداف.

وتناولت الندوة أوجه الاختلاف بين المنظمات النسوية السورية، من حيث الأهداف والإنجازات على أرض الواقع، ومؤسسات النظام السوري. ورأت زكزك أن هناك اختلافات كبيرة، أولها أن هذه المنظمات ليست “بوقًا” لأحد، بينما الاتحاد العام النسائي التابع للنظام السوري لم يستطع إلا أن يكون “بوقًا” للحزب الحاكم، مثله مثل باقي النقابات. أما الأمر الآخر، فإن المنظمات النسوية السورية عبّرت بشكل حقيقي عن احتياجات النساء السوريات. وأضافت أن “نسبة مشاركة النساء السوريات، قبل آذار/ مارس 2011، كانت قليلة جدًا في سورية، بينما يمكن القول إن الحركة النسوية بادرت منذ البداية لتصوغ أهم التطلعات التي يريدها الشعب السوري للتخلّص من أي بنية قمعية، وفي بداية العام 2013، كان لدى الحركة النسوية السورية 44 مبدأ فوق دستوري، وهناك وثيقة شاركنا فيها تحمل اسم “نتطلع إلى دستور ديمقراطي”، وكان يمكن أن تشكّل برنامج عمل مختصر لتطبيق الديمقراطية في سورية، وللقضاء على البنى القمعية، سواء عند النظام أو عند البنى الأصولية المتشددة”.

وأشارت زكزك إلى أن هناك منظمات نسوية سورية عملت على تمكين المرأة في المجالات النمطية، كما عملت مع النساء السوريات اللاجئات على مستويات التمكين السياسي والتمكين الاجتماعي، حتى بات بإمكان هؤلاء اللاجئات وضع تصور حول سورية المستقبل.

وفي رد على سؤال: ما الذي قدّمته هيئات المعارضة السياسية السورية للمنظمات النسوية؟ وهل استمرت في تهميشها وإبعادها؟ أجابت وضحى عثمان: “لا يمكن القول إن قوى المعارضة بالفعل أعطت المرأة حقها الذي كانت تطمح إليه، لكن هذه القوى أعطت المرأة مساحة قليلة للعمل، من أجل الحصول على دعم دولي، ولإرضاء الأطراف الأخرى من الجهات الدولية لتحقيق مكاسب ما. وفي الحقيقة، لم تُدعم المرأة عن قناعة مطلقة، على أن بعض من يعمل في المعارضة كان لديه إيمان حقيقي بدور المرأة، وبأنها من الممكن أن تكون جزءًا من بناء السلام والمجتمع السوري وصناعة القرار في سورية”.

من جهة ثانية، أكّدت غالية رحال أنّ منظمات المجتمع المدني لا تملك أي حرية أو حقوق، خاصة في سورية، وأضافت أنه لا يمكن توحيد منظمات المجتمع المدني، إذا لم تكن حرّة في فعالياتها بالكامل، وأكدت أن “الممول لا يمكن له أن يحكمني، في حين أن كل الممولين لديهم مبادرات معينة، ونحن -كمنظمات مجتمع مدني- نعمل على تقديم ملفنا ومشروعنا”. وقالت إن المنظمات النسوية لا تملك أي هيكلية أو أي أدوات يمكن لها أن تقدم الحماية للمرأة من أي نوع من أنواع التعنيف، ولا يمكن القول اليوم إن المنظمات النسوية نجحت في عملها، داخل سورية أو خارجها. ورأت أن “مستقبل المرأة السورية اليوم مرتبط بحل سياسي، فإذا كان هناك حلّ سياسي فستكون المرأة في وضع آمن، وستكون في مكان لا تعاني فيه صعوبة تأمين التعليم أو الغذاء أو التدفئة لأطفالها، وستكون في مكان لا تتعرض فيه حياتها لأي تهديد”.

بينما رأت سوسن زكزك أن مستقبل النساء السوريات مرتبط بالحل السياسي، وبماهية هذا الحل التي ستمكّن النساء من مواجهة الذكورية، ومن مواجهة الإلغاء والإقصاء أيضًا، وقالت إن “الحل السياسي إذا لم يضمن قيام دولة ديمقراطية؛ فلا يمكن ضمان حقوق النساء، فهناك ارتباط كبير بين حقوق النساء والدولة الديمقراطية”.

وفي هذا الجانب، قالت وضحى عثمان: إن “الأمور اليوم ذاهبة باتجاه الحل السياسي الذي سيراعي كل مكونات المجتمع السوري، ومستقبلًا سيكون هناك مجتمع سليم يحترم كل التكوينات فيه، وعندما نكون في مجتمع سليم، فمن المؤكد سيراعي المجتمع أدق تفاصيل المرأة وسيعطي المرأة حقوقها وهذا ما نطمح إليه”.

وقبل ختام الندوة، طُرحت أسئلة المتابعين على الضيوف، وكان السؤال الأول: “هناك من يرى عدم وضع قضية المنظمات النسوية في أطر المعارضة والنظام، وأن تتموضع في الساحة بناءً على مدى عطائها ومساهماتها، فهل يمكن ذلك؟”، ردّت غالية رحال: “يمكن ذلك في حال كانت حرّة، ولم يتدخل في شؤونها أحدٌ سواء أكان من المعارضة أو من النظام”.

أما سوسن زكزك، فردّت قائلة: “أتصوّر أن هذا الشيء مطلوب وضروري، فإذا أردنا التكلّم عن الداخل السوري، فإن القوانين السورية التمييزية ذاتها تحكم جميع سورية، ومن مصلحة النساء السوريات -بغض النظر عن المواقف السياسية- تعديل هذه القوانين، والنهضة بأوضاع النساء، ويجب على كل المنظمات أن تعمل على هذا الأساس”.

وفي ردّ على سؤال: “هناك من يرى أن التمكين السياسي للمرأة الذي تقوم به المنظمات النسوية دون التمكين الاقتصادي هو مجرد عبث؟”، أجابت غالية رحال: “أوافق على ذلك، فأنا أسكن في مخيم بين نساء تحت خط الفقر، ولا يمكنني أن أقوم بدعوة امرأة إلى تمكين سياسي، وهي تفكّر من أين ستؤمّن مصاريف حياتها المعيشية لها ولأطفالها”، مشيرةً إلى أنّ “المرأة السورية، في حال قُدّمت لها الأدوات اللازمة لتكون في موضع السياسة، ستكون في المرتبة الأولى”.

ورأت سوسن زكزك أن التمكين السياسي للمرأة من دون التمكين الاقتصادي هو تمكين ناقص، لكن لا يجب أن نتوقّف عن التمكين السياسي، في حال لم يكن هناك تمكين اقتصادي، وأكّدت أن المرأة اليوم بحاجة إلى التمكين بكل أشكاله، وأضافت أن موضوع التمكين السياسي هو تمكين شامل؛ “حتى نخلق نساء مهتمات بالحياة العامة وقادرات على الفعل في هذه الحياة العامة وفي الشأن العام، وعلى التأثير في السياسات التي تصنعها الدولة أو سلطات الأمر الواقع”.

سوسن زكزك، باحثة في قضايا الجندر، وناشطة في عدد من الجمعيات النسوية السورية.

غالية الرحال، مؤسسة منظمة مزايا في الشمال السوري.

وضحى عثمان، كاتبة وباحثة اجتماعية، مديرة جمعية رفقًا في تركيا وسورية.

ندوة “دور المنظمات النسوية السورية: الواقع والصعوبات

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015