ميس بركات/ سيريا ستبس- أصبحت الأخلاق والتربية اليوم في المراكز الأخيرة التي يبحث عنها الشاب خلال حلقة بحثه عن شريكة عمره، ليأتي راتب الفتاة والكم المادي الذي تستطيع إحرازه في مطلع كل شهر هو المقياس، والشغل الشاغل لشبابنا هذه الأيام، معوّلين ذلك على الظروف المعيشية الصعبة، وعدم قدرة الرجل على تحمّل أعباء الحياة الزوجية وحده، فقد أصبحت نظرة البعض إلى الزواج نظرة مختلفة ومتخلفة ومادية، فلم يعد الرجل يرى المرأة تلك الحبيبة الصديقة.. بل أصبحت بالنسبة له ذلك الممول الرسمي لزواجه، لنلحظ مؤخراً أن منازعات الأزواج على راتب الزوجة العاملة من أكثر الأسباب المطروحة للطلاق، لأن الزوجة ترى أحياناً أن زوجها يسلبها الحق في التصرف بهذا الراتب.
احتكار
إقبال الرجال، وحرصهم على الزواج من المرأة العاملة، بات يشكل هاجساً ومطمعاً لدى الجميع، ليغدو سوق الزواج من الموظفات رائجاً جداً، وترتفع أسهم المرأة الموظفة عالياً، ليتحول راتب الزوجة إلى نقمة عليها، وأحد مصادر الشقاء في حياتها الأسرية، فلا مجال هنا للسؤال عن: لمن يكون راتب الزوجة، أو من حق الزوج أن يحصل على جزء منه؟
بالطبع سنجد الإجابة التنظيرية أنه حقٌّ لها.. لكن في حقيقة الأمر ما الذي يقوله ا
لواقع..؟ هنا تختلف آراء الرجال بين من يفكر في الحصول على راتب الزوجة للإنفاق على المنزل، وبين من لا يفكر في راتب زوجته بشكل مطلق، وأغلب الأزواج الذين حاورناهم رأوا أن الحياة الزوجية تقوم على المشاركة، وبالتالي يجب الترفع عن الأمور المادية، التي يجب أن تنتهي بالتفاهم والتشاور، فالحياة الزوجية تفرض واجباتٍ على الرجل، وتبعاتٍ على المرأة، وإذا لم تلتزم الأسرة بما عليها من واجبات ستنهار الأسرة، وتجنباً لهذه المشكلات، لابد برأيهم من الاتفاق بين الزوجين من البداية، ووضع النقاط على الحروف، فيعرف مسبقاً من المسؤول عن الإنفاق، وإذا كان هناك تعاون من الزوجة، فما حجم هذا التعاون الذي ستقدمه، وماذا سيحدث في حال ترك الزوجة لعملها؟ إلى غير ذلك من أمور حتى يسير مركب الحياة الزوجية بسلام، في حين يرى القلة من الرجال أن الزوجة أحياناً تصرف على حاجتها الكمالية، لذا يجب أن يكون راتب الزوجة لبيتها وليس لها، وباعتقادهم أن أية موظفة عندما تأخذ راتبها يجب أن تنظر إلى ضرورات بيتها، وإلى احتياجاته، وليس إلى رفاهياتها.
للنساء رأي
في المقابل نجد الكثير من الزوجات يعتبرن أن راتبهن ملكهن ومن حقهن صرفه على أنفسهن، متذرعاتٍ بحجة أنهن غير مطالبات بالمساهمة في مصروف البيت، فترفض الكثير من الزوجات صرف راتبهن على المنزل والأولاد ليحولوا في النهاية إلى آلاتٍ عاملة مرهقة طوال الوقت دون مقابل، فعلى عاتق الرجل تقع مهمة الصرف على الأسرة، فالمرأة العاملة برأيهن مستقلة اقتصادياً عن زوجها في مجتمع شرقي يرفض أن تقوم المرأة فيه بإعالة زوجها، فراتب الزوجة لها ولخصوصيتها، وهو أمان لها في المستقبل، وأن حق التصرف فيه لها وحدها، ولا يستطيع أحد أن يجبرها على الصرف على أي بند خارج نطاق اختصاصها إلا بإرادتها، وبعض السيدات ينظرن إلى هذا الموضوع من زاوية أن الزوج هو الوحيد الذي يتحمّل مسؤوليات الحياة الزوجية كاملة، فلا يطمع في مال زوجته، وهو واقعٌ يرفضه الأزواج، خاصة ذوي الاحتياج، وأصحاب الدخول المتدنية، ما يتسبب في إشعال نزاعاتٍ زوجية قد لا تنتهي، وتكون من أكثر منغصات الحياة الزوجية، وقد تنتهي بعض هذه المشاكل بالطلاق، وفي المقابل نرى أن نسبة لا يستهان بها من أولاء النساء لا يتمتعن بحرية التصرف في رواتبهن، ولا يحق لهن حتى مجرد التفكير بكيفية صرفه أو شراء ما يرغبن به، أو هن بحاجةٍ له.
أصناف الرجال
نتيجة الظروف الاقتصادية، وزيادة تكاليف المعيشة، كثيراتٌ يدخلن سوق العمل، لتشارك كل واحدة زوجها أعباء تلبية احتياجات أسرتها، وثمة كثيرات هن أكثر فاعلية من الرجل في تحمّل الأعباء من الزوج نفسه، فتصرف كل راتبها على بيتها وأطفالها، وثمة رجال يحاسبون المرأة على كل ليرة تصرفها، حتى لو كان راتبها الخاص بها، ويستدعينا السؤال حول نظرة الراغبين للزواج، والتي صنفها لنا مضر سليمان، “إدارة موارد بشرية”، لعدة تصنيفات: فهناك من يرغب في الزواج من موظفة طمعاً براتبها، ويعتبرها مصدر دخل ثابتاً يرفع عن كاهله الكثير من الأعباء، ويطالبها بالمشاركة في كل مصروف المنزل، وهناك من يستغل راتب الزوجة لتحقيق أحلامه الشخصية، كشراء سيارة، لا يستطيع أن يشتريها من راتبه، أو غير ذلك من أحلامه التي لا تنتهي، أما الصنف الثالث، وهو قليل، فيؤمن بضرورة مساهمة المرأة في المجتمع لتحقيق ذاتها، والإفادة من قدراتها في نفع الآخرين، لاسيما إذا كانت متخصصة في مجالات يحتاج إليها المجتمع.
وأضاف سليمان: إن الراتب أصبح قضية المجتمع، وأعتقد أن المرأة مثل الرجل تماماً يجب أن تتحكم به، ولماذا يكون هذا الراتب محور الاهتمام؟ المرأة يجب أن تساعد زوجها في مصاريف بيتها برضى منها دون أن تجبر، والكثير من النساء يجبرن على هذا في كثير من البيوت، وقد قمنا بتضخيم هذا الأمر، فالمرأة مثل الرجل تماماً، فلا يعتبر راتبها مشكلة، أو أن يكون مسار تساؤل أو اهتمام، ويرى الكثيرون ألا تأخذ المرأة راتباً ضخماً، أو يتجاوز رواتب الرجال، مع أنها تتعب جداً في هذا العمل، وتقوم ببذل الكثير من الجهد، وقد تقوم بصرف الكثير من الأموال في المواصلات، لذا يجب أن نضع حداً لهذه التساؤلات، ويجب أن يكون راتب المرأة لها، وراتب الرجل للرجل، ويجب أن يتم الاتفاق على هذا بين الرجل والزوجة كما يحلو لكليهما، وبما لا يضر البيت، ويمكن أن تساعد الزوجة زوجها إذا كان راتبه ضعيفاً، أو لا يكفي لسد احتياجات المنزل.