سناء العاجي: “لا ينقصهم إلّا الإسلام!”
سناء العاجي/ MCD

مونت كارلو- وها هم أفلحوا، رغم أنهم ولوا شؤونهم لامرأة.شعب نيوزيلاندا الذي أبهركم جميعا… تقود حكومته امرأة، كما أن نائبتها امرأة والحاكمة العامة الممثلة لملكة بريطانيا في نيوزيلاندا امرأة…رئيسة الحكومة النيوزيلاندية، وهي من مواليد 1980، تعيش مع رفيقها الصحافي دون زواج، وقد أنجبا طفلة بضعة أشهر بعد توليها رئاسة الحكومة. حينها، قرر رفيقها أن يصبح رب بيت ويتكفل بتربية طفلتهما، بينما تقوم هي بمهامها كرئيسة حكومة.

نعم عزيزي… نعم عزيزتي…. هذا واقع ذلك الشعب الذي أبهركم وواقع رئيسة حكومته. فكم سنة ضوئية تفصلنا عن هذا الواقع سياسيا واجتماعيا؟

هذا ليس كل شيء، فالعلمانية التي يرفضها الكثيرون حولنا، هي التي أنتجت ذلك السلوك الإنساني الذي أبهرنا.
تخيلوا لو أن نيوزيلاندا قررت أن تحافظ على هويتها وتحميها من المد الأجنبي، كما يحاول البعض في بلداننا؟

النيوزيلانديون، حكومة وشعبا، ترجموا عمق القيم الإنسانية التي يفترض أن تجمعنا: قيم التعايش في إطار الاختلاف. قيم المواطنة. قيم المساواة. قيم الحقوق والواجبات.

لم يكن سلوك النيوزيلانديين تقديسا لدين بعينه، بل تقديسا للإنسان ولحقه في الاختلاف ولحقه في الحياة في إطار اختلافه الديني أو العرقي أو الجنسي.

لم يبحثوا عن مببرات للقاتل ولم يلوموا الضحايا كما يفعل الكثيرون بيننا.

بل وأكثر من هذا، ونحن نعبّر عن إعجابنا الشديد بهم وبسلوكهم، لنتساءل، حين سيقتل إرهابي مسلم ضحايا آخرين، وسيحدث هذا للأسف إن عاجلا أو آجلا… لنتساءل حينها: هل سنقبل وضع صلبان في أعناقنا تضامنا، كما فعلوا؟

هل سنفتح مساجدنا لليهود والمسيحيين والبوذيين كي يصلوا فيها كما فعل النيوزيلانديون؟ هل سنضع الورود في مكان الجريمة؟ أم أننا سنعتبرها مؤامرة غربية ضد الإسلام والمسلمين؟

متى سنعي بأن فصل الدين عن حياتنا العامة وعن الممارسة السياسية هو منقذنا من العنف والتطرف؟ متى سنعي أن طوق نجاتنا يوجد في القيم الكونية المتمثلة في المساواة بين الأفراد على اختلاف دينهم أو عرقهم أو جنسيتهم، وأن الدين قناعة وممارسة شخصية؟

متى سنقوم بخطوة واحدة… واحدة فقط، كي نشبه ولو قليلاً ذلك الشعب الذي أبهرنا؟

سناء العاجي/ MCD

سناء العاجي/ MCD

سناء العاجي: كاتبة وصحافية مغربية، لها مشاركات عديدة في العديد من المنابر المغربية والأجنبية. نشرت رواية “مجنونة يوسف” عام 2003 كما ساهمت في تأليف ثلاث كتب مشتركة: “رسائل إلى شاب مغربي”، “التغطية الصحافية للتنوع في المجتمع المغربي” و”النساء والديانات”. نشرت عام 2017 كتاب “الجنسانية والعزوبة في المغرب”، وهي دراسة سوسيولوجية قامت بها للحصول على شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع من “معهد الدراسات السياسية” في إيكس أون بروفانس بفرنسا.

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/ كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”. 

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015