سوريا: لوكوك يحذّر من “المعاناة والموت”
UNICEF/Can Remzi Ergen طفلة لاجئة من ذوي الإعاقة تجلس على كرسي متحرك تساعدها أختها بينما تتوجه هي وأشقاؤها إلى المدرسة في تركيا.

الأمم المتحدة- عشية انعقاد “مؤتمر دعم مستقبل سوريا والمنطقة” الذي تستضيفه العاصمة البلجيكية بروكسل نهار الثلاثاء، ناشد المسؤول الأممي، مارك لوكوك، مجلس الأمن تجديد منح الإذن للمنظمات الإنسانية نقل المساعدات عبر المعابر وفق قرار مجلس الأمن 2504.

مع انتهاء مفعول القرار 2504 بعد 11 يوما، تعرب المنظمات الإنسانية عن مخاوفها من عدم القدرة على الوصول إلى ملايين السوريين الذين يعتمدون بشكل أساسي على المساعدات التي تُنقل عبر الحدود للبقاء على قيد الحياة.

وفي إحاطته أمام مجلس الأمن يوم الاثنين، قال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، مارك لوكوك، إنه في أيّار/مايو الماضي وحده، عبَرت 1،781 شاحنة الحدود من تركيا إلى شمال غرب سوريا محمّلة بمساعدات، معظمها غذائية، وتكفي لـ 1.3 مليون شخص كل شهر.

وأضاف يقول: “يقدّر عدد من يحتاجون للمساعدة الإنسانية في شمال غرب البلاد بـ 2.8 مليون شخص – 70% من عدد سكان المنطقة. وقد نزح نحو نصف مليون شخص في بداية هذا العام”.

وأشار لوكوك إلى أن العائلات تشكل نحو ثلثي عدد السكان في شمال غرب البلاد، وتعيش الأغلبية العظمى منها في “مواقع الملاذ الأخير” وهي مخيمات ومواقع إقامة عشوائية لا تفي حتى بمعايير الطوارئ الدنيا للمأوى والماء والصرف الصحي.

وأضاف: “ثلاثة من بين كل عشرة أطفال في شمال غرب البلاد يعانون من قصر القامة… ويصل المزيد من الأطفال والرضّع إلى مراكز التغذية وتظهر عليهم علامات سوء التغذية الحاد”.

وشدّد المسؤول الأممي على أن مستويات المساعدات المقدمة عبر الحدود ليست كافية، داعياً إلى توسيع نطاقها. وقال: “إن الفشل في تمديد التفويض عبر الحدود سيقطع عمليات الأمم المتحدة الجارية حاليا، وسينهي عمليات تسليم الأغذية والدعم لمراكز التغذية وسيتسبب بالمعاناة والموت”.

يُذكر أن الأمين العام، أنطونيو غوتيريش، أشار في تقريره الأخير حول نقل المساعدات عبر المعابر السورية إلى أن استمرار تقديم المساعدات عبر الحدود يتطلّب تجديد التصريح عبر معبري باب السلام وباب الهوى لاثني عشر شهراً آخرين.

وفي حين أن المساعدات التي تُنقل عبر باب السلام أقل من تلك التي تُنقل عبر باب الهوى، إلا أن باب السلام يوفّر وصولاً مباشراً إلى أجزاء من شمال حلب، تضم بعضاً من أكبر تجمّعات النازحين في البلاد. وبحسب المنظمات الإنسانية، فإن 1.3 مليون شخص يعيشون في المناطق التي تصلها مساعدات من خلال معبر باب السلام، 62% منهم نازحون.

شمال شرق سوريا

ووفق المنظمات الإنسانية، يعيش نحو 900 ألف شخص في شمال شرق سوريا في مخيّمات نزوح مكتظة، من بينها مخيم الهول.

وأوضح لوكوك أنه خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2020، وصلت العمليات الإنسانية داخل سوريا إلى أكثر من 5.5 مليون شخص، من بينها المساعدات التي تُنقل عبر خطوط النزاع إلى شمال شرق البلاد. وهذا يشمل مساعدات غذائية إلى 3.2 مليون شخص، ودعماً غذائياً إلى نصف مليون طفل، وماء وصرف صحي إلى 1.3 مليون شخص، و4 مليون عملية جراحية، و2.5 مليون علاج طبي.

وبسبب الوضع الاقتصادي المتدهور، تمّ توزيع 40 مليون دولار من النقود والقسائم إلى أكثر الناس هشاشة، من بينهم ذوو الإعاقة وكبار السن والأسر التي يُعيلها شخص واحد.

من جانبها، أرسلت منظمة الصحة العالمية شحنتين من المستلزمات الطبية إلى شمال شرق البلاد برّاً، وتواصل تسليم المساعدات جوّاً. وأضاف لوكوك: “لكن بعد أكثر من خمسة أشهر على وقف التوزيع عبر معبر اليعربية، لم تصل المستلزمات الطبية إلى معظم المرافق التي اعتمدت في الأساس على المساعدات الطبية عبر الحدود”.

كوفيد-19 وارتفاع أسعار الأغذية

حتى صباح الاثنين (29 حزيران/يونيو)، وثّقت السلطات السورية 256 حالة إصابة بكوفيد-19 بينها تسع وفيات. وتمّ تسجيل ست حالات في شمال شرق البلاد، بينها وفاة واحدة. ورغم انخفاض نسبة الإصابات، إلا أنّ عدد الاختبارات محدود للغاية، وتمّ إجراء نحو 8 آلاف اختبار فقط حتى الآن.

وقال لوكوك: “إنّ النظام الصحي السوري غير مستعد لتفشّي المرض على نطاق واسع”.

وتزامناً مع ذلك، ترتفع أسعار الأغذية والدواء والوقود وغيرها من السلع الأساسية في البلاد. وقد شهد سعر صرف الليرة المتقلّب خسارةً في الأشهر الستة الماضية، أكثر مما كانت عليه في السنوات التسع الأولى من الأزمة.

وبحسب برنامج الأغذية العالمي فثمّة زيادة بنسبة 200% في سعر متوسّط سلة الغذاء الوطنية منذ العام الماضي، وأعداد أكبر من السوريين لم تعد قادرة على إعالة نفسها وأُسرها. ويقدّر برنامج الأغذية العالمي أن 9.3 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وهو أعلى مستوى تمّ تسجيله في سوريا على الإطلاق. كما يقدّر عدد المحتاجين للمساعدات الغذائية من الأطفال والحوامل والأمهات المرضعات بنحو 4.6 مليون، و3.7 مليون منهم في حاجة ماسّة.

وقال لوكوك: “في جميع أنحاء البلاد، يخبرنا الأشخاص الذين ناضلوا خلال تسع سنوات من الصراع المدمّر؛ أنهم وصلوا الآن إلى نقطة الانهيار”.

ورحّب لوكوك “بالتأكيدات العلنية” التي قدّمتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بأن برامج العقوبات الخاصة بسوريا لا يمنع تدفّق الإمدادات الإنسانية، ولا يستهدف الأدوية والأجهزة الطبية.

595 هجمة على المؤسسات الصحية

من جهة أخرى، وثّقت منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان 595 هجمة فردية على أكثر من 350 مرفقاً خلال الأعوام التسعة الماضية. وفي كلمة لها أمام مجلس الأمن، قالت سوزانا سيركين، مديرة السياسات في منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان، إنّ هذه الهجمات ترقى إلى جرائم ضدّ الإنسانية، وأضافت تقول: “إنها حصيلة مؤلمة قاتمة تتحدّى عمل مجلس الأمن، ومع انتشار واسع للإفلات من العقاب نخشى أن يتواصل هذا العدد بالارتفاع في ظلّ هشاشة وقف إطلاق النار الحالي، والارتفاع الأخير في الأعمال العدائية في شمال حماة وجنوب إدلب”.

وقالت سيركين إنّ الاكتظاظ وسوء التغذية والثغرات المستمرة في الماء والصرف الصحي والطواقم الطبية المؤهّلة والموارد الطبية الأساسية، من الأكسجين إلى أدوات الوقاية الشخصية؛ كلّ ذلك يزيد من احتمالية انتشار الفيروس كالنار في الهشيم في شمال غرب البلاد. وقالت: “هناك ما معدّله 0.14 طبيباً لكلّ ألف شخص في شمال غرب البلاد، مقارنةً مع 1.3 لكل ألف في سائر البلاد”.

وبحسب المنظمات غير الربحية في شمال شرق سوريا، فإن 11 مرفقاً صحياً على وشك الإغلاق أو تعطيل الخدمات بشكل كبير، ويواجه 86 مرفقاً نقصاً في الحزمات الصحية الأساسية التي تقدّمها عادة الأمم المتحدة عبر معبر اليعربية.

وقالت سيركين: “ندعو المجلس إلى تمكين دخول المساعدات الإنسانية عبر جميع القنوات المتاحة، وتجديد قرار المساعدات عبر المعابر لتأمين الوصول إلى المساعدات المُنقِذة للحياة لأربعة ملايين سوري بحاجة إليها”.

سوريا ترفض القرارات

وفي كلمته أمام المجلس، جدّد بشّار الجعفري، مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة، رفض الحكومة السورية لهذه القرارات التي “تخرج عن الدور الإنساني المفتَرَض” بحسب تعبيره، مشيراً إلى أنّها “تهدف لخدمة أجندات الحكومات المُعادية وتنتهك سيادة ووحدة الأراضي السورية على أساس الادّعاءات المسيّسة التي تقدّمها أوتشا”. وأضاف أنّ هذه القرارات تتجاهل الجهود “الهائلة” التي تبذلها مؤسسات الدولة السورية وشركاؤها في العالم الإنساني.

وقال الجعفري: “إن القرار 2165 كان استثنائياً، وإجراءً مؤقتاً، اتخذه مجلس الأمن في ظروف معيّنة لم تعد موجودة. لا يمكن السماح باستدامتها أو تقويتها، عبر إضافة معابر أخرى، تخدم الاحتلال وتهدّد سلامة ووحدة الأراضي السورية”.

وفيما يتعلّق بالمؤتمر الرابع لدعم سوريا والمنطقة الذي ينعقد في بروكسل، أشار الجعفري إلى أنّ بلاده لا تعترف بأي مؤتمر أو اجتماع حول سوريا بدون مشاركتها والتنسيق الكامل معها.

القرار 2504

تجدر الإشارة إلى أنه من خلال اعتماد قرار مجلس الأمن رقم 2156 (2014)، وتمديداته اللاحقة من خلال القرار رقم 2191 (2014)، و2258 (2015)، و2332 (2016)، 2393 (2017) و2449 (2018) والنافذ حتى 10 كانون الثاني/يناير 2020، قرّر مجلس الأمن منح الإذن لوكالات الأمم المتحدة وشركائها لاستخدام الطرق عبر خطوط النزاع والمعابر الحدودية في باب السلام، وباب الهوى والرمثا، واليعربية بهدف إيصال المساعدات الإنسانية، ومن ضمنها المستلزمات الطبية والجراحية، إلى الأشخاص المحتاجين في سوريا.

وفي 11 كانون الثاني/يناير 2020 اعتمد مجلس الأمن القرار 2504؛ الذي يقضي بتمديد آلية إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا عبر معبرين فقط من تركيا، وهما باب الهوى وباب السلام لمدة ستة أشهر، وإغلاق معبر اليعربية في العراق والرمثا في الأردن.

UNICEF/Can Remzi Ergen طفلة لاجئة من ذوي الإعاقة تجلس على كرسي متحرك تساعدها أختها بينما تتوجه هي وأشقاؤها إلى المدرسة في تركيا.

UNICEF/Can Remzi Ergen
طفلة لاجئة من ذوي الإعاقة تجلس على كرسي متحرك تساعدها أختها بينما تتوجه هي وأشقاؤها إلى المدرسة في تركيا.

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015