حسن الأشرف/independentarabia- حصل الفيلم النرويجي “نينجا بيبي” على الجائزة الكبرى لمهرجان “سينما المرأة” الذي اختتمت فعالياته ليلة السبت، الأول من أكتوبر (تشرين الأول)، بمدينة سلا المغربية، وهو فيلم من إخراج ينجفيلد سف فليك وإنتاج العام الماضي.
وتحتفي الدورة الـ15 من المهرجان بالسينما الأفريقية من خلال عرض أفلام وتجارب سينمائية نوعية من بلدان أفريقية تتناول قضايا المرأة.
وافتتح الفيلم السنغالي “أتلانتيك” لمخرجته ماتي ديوب فعاليات هذا المهرجان، وهو فيلم يرصد قساوة الحياة التي تكابدها النساء بعد هجرة أزواجهن إلى بلدان أخرى في إطار الهجرة السرية، وقد توج بالجائزة الكبرى وجائزة لجنة التحكيم في مهرجان “كان”.
وإضافة إلى مشاركة 10 أفلام سينمائية في المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة، تسعة منها من إخراج نسائي، تم عرض أفلام وثائقية تتناول موضوع مواجهة المرأة أشكال التمييز والعنصرية من أجل إرساء المساواة بين الجنسين.
تجارب نسائية
قالت الفنانة المصرية ليلى علوي لـ”اندبندنت عربية”، إن مهرجان “سينما المرأة” بمدينة سلا المغربية صار موعداً ثابتاً ومهماً يرصد التوجهات والتجارب السينمائية المؤثرة التي يكون محورها المرأة، سواء كانت ممثلة أو مخرجة أو موضوعاً للفيلم.
ووفق الممثلة المصرية فإن “سينما المرأة أصبحت قائمة بذاتها، وفرضت نفسها بقوة على المواعيد واللقاءات السينمائية في العالم بأسره، بالنظر إلى مكانة المرأة في المجتمع، وما حققته من منجزات ومكاسب في خضم التحديات التي تواجهها يومياً في أفريقيا وفي كل مكان”.
في السياق ذاته كرم المهرجان عدداً من الوجوه السينمائية المعروفة من قبيل الراحلة سارة مالدورور، وهي مخرجة فرنسية من أصل غوادلوبي، وتوصف بأنها رائدة السينما الأفريقية، وأيضاً المخرجة المغربية الفرنسية من أصول يهودية سيمون بيتون، والفنانة المصرية المعروفة ليلى علوي.
واحتفى المهرجان بإصدار “صورة المرأة في السينما العربية” الذي قالت عنه عزة كامل، روائية ونائبة رئيس هيئة أمناء مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة، إنه يتناول صورة النساء في السينما العربية من خلال ما تم تقديمه من أعمال تعنى بقضاياهن.
وشدّدت كامل على ضرورة أن تعتني السينما بمواضيع وقضايا المرأة وتتناول تفاصيل الواقع الذي تعيشه، وما تعانيه من قبيل مظاهر العنف والتمييز العنصري، وذلك في قوالب فنية وسينمائية ممتعة تجذب الجمهور الشغوف بالفن السابع.
أزمات وقضايا
وتعليقاً على اختيار السينما الأفريقية موضوعاً للدورة الحالية للمهرجان يقول الناقد الفني والسينمائي مصطفى الطالب إن سينما القارة السمراء ما زالت تتخبط في أزمات عدة، فهناك أزمة الإنتاج إذ إن القارة بأكملها لا يتجاوز إنتاجها السينمائي سنوياً 100 فيلم، باستثناء سينما “نوليوود”، نسبة إلى الإنتاج السينمائي النيجيري الذي يأتي بعد بوليوود (السينما الهندية).
ويضيف الطالب لـ”اندبندنت عربية” أنه إلى جانب أزمة الإنتاج توجد أزمة القاعات السينمائية، وأزمة التمويل التي تدفع بعض السينمائيين الأفارقة إلى استجداء تمويل خارجي بشروط الجهة الأجنبية المانحة في ظل هيمنة المنصات الرقمية.
واستطرد الطالب بأن المواضيع المطروقة في السينما الأفريقية تتمحور حول الهجرة سواء في شمال القارة أو جنوبها أو دول الساحل، ثم موضوع الفقر والهشاشة الاجتماعية، وكذلك موضوع المرأة بحكم الواقع المزري الذي تعيشه النساء في أفريقيا.
ولفت المتحدث إلى أن بدايات السينما الأفريقية كانت مناضلة تطالب بالتحرر والاستقلال والحقوق المدنية، إذ اتخذ عدد من المخرجين والمخرجات الأفارقة الصورة أو السينما وسيلة للتغيير الاجتماعي والنضال الثقافي والسياسي، وأيضاً للمطالبة بالمساواة بين الرجل والمرأة، ورد الاعتبار للأخيرة التي كانت تعيش التهميش والجهل والأمية والعبودية”.
تغريب ومحلية
أبرز الناقد السينمائي مصطفى الطالب أن معالجة موضوع المرأة في السينما الأفريقية عرف توجهين رئيسين، الأول تغريبي بمعنى أن تحرر المرأة الأفريقية يمر عبر تمردها على مجتمعها وثقافتها الأصلية ومعانقتها النموذج الغربي، أو بعبارة أخرى “النموذج الكولونيالي”.
وأكمل “يتم ذلك عبر هجرة المرأة الأفريقية (بطلة الفيلم) إلى أوروبا وبخاصة فرنسا التي تدرس بها حيث يتغير فكرها وطريقة عيشها، وعند عودتها تبدأ في التمرد على وسطها العائلي والاجتماعي، فتتعرض للمضايقات والتهديد أحياناً وتصبح ضحية المجتمع، وهذا التوجه غالباً ما نجده في الإنتاجات السينمائية ذات التمويل الخارجي، بخاصة في سنوات السبعينيات والثمانينيات وبداية تسعينيات القرن الماضي”.
أما التوجّه الثاني في المعالجة فيعتمد، بحسب الطالب، على رؤية واقعية نابعة من واقع المرأة الأفريقية وثقافتها، إذ يكون النضال والتمرد من الداخل وليس الخارج، بمعنى محاولة الحفاظ على ما هو إيجابي في هذه الثقافة، وطرح ما هو سلبي وخرافي وتقليدي فيها.
وزاد الطالب بأن “بطلة الفيلم مثلاً تسافر إلى الخارج، لكن لدى عودتها تحاول التوفيق بين ما اكتسبته هناك وجذورها الثقافية والاجتماعية”، مبرزاً أن “هذا التوجه الوطني التحرري ظهر بموازاة الوعي بضرورة التحرر من مخلفات الاستعمار الذي استغل الثروات الأفريقية على حساب الإنسان، والحصول على السيادة السياسية والاقتصادية”.
وتابع أن “التوجه الوطني التحرري ظهر أيضاً مع الوعي بضرورة رد الاعتبار للثقافة الأفريقية الغنية بتنوعها وتعدد روافدها الإثنية، والدور الجيو استراتيجي الذي يمكن أن تلعبه القارة على المستوى العالمي، وهذا سيؤثر مستقبلاً في السينما الأفريقية خصوصاً، والإبداع الفني ذي النزعة الأفريقية على وجه العموم”.
*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبتها/كاتبها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.