لبنان/UNHCR- تجلس الشقيقتان السوريتان تقلا وسارة قلّومه في أعلى الدرج خارج شقة أسرتهما الصغيرة شمال العاصمة اللبنانية بيروت، وهما منحنيتان على كتبهما المدرسية، ولا تزالان في زيهما المدرسي الأزرق بعد فترة طويلة من انتهاء الدروس لذلك اليوم.
الدرج هو المكان الوحيد الذي تجدان فيه المساحة الكافية والعزلة المطلوبة للدراسة – وهو مجرد مثال واحد على تصميمهما على التغلب على الصعاب وتحقيق النجاح الأكاديمي.
كانت الفتاتان طالبتين مجتهدتين في بلدتهما معلولا – التي تعيش فيها جماعة ناطقة باللغة الآرامية، وتقع على بعد حوالي 50 كيلومتراً شمال شرق العاصمة السورية دمشق. ولكن عندما وصل النزاع في البلاد إلى أبواب البلدة في عام 2013، فرت الأختان مع أسرتهما ووصلوا إلى لبنان المجاور كلاجئين.
وإدراكاً منه لحالتهما، عرض رجل لبناني تغطية رسوم التحاقهما بمدرسة الصليب المقدس الكاثوليكية الأرمنية في الزلقا. وهذا يضعهما بين أقلية في لبنان، حيث وجد تقرير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لعام 2016 حول تعليم اللاجئين أن 40% فقط من الأطفال السوريين اللاجئين في سن الدراسة مسجلون حالياً في التعليم الرسمي.
تقول سارة البالغة من العمر 14 عاماً: “كنا من الطلاب المتفوقين [في سوريا]. لم نرغب في ترك المدرسة، أردنا مواصلة تعليمنا، لذا أشكر الله على إرساله لنا شخصاً ساعدنا على مواصلة تعليمنا هنا“.
بالإضافة إلى التكيف مع المناهج الدراسية اللبنانية غير المألوفة لهما، بذلت الأختان أيضاً جهوداً كبيرة لتعلم اللغات الإنكليزية والفرنسية والأرمنية. وتقول مدير المدرسة ريتا بوياجيان بأن قدراتهما وقابليتهما في التطبيق العلمي تجلت بوضوح سريعاً.
وتضيف: “خلال عام، رأينا أنّ هاتين الطالبتين مختلفتان ومميزتان جداً. وقد أصبحتا من أبرز طلابنا في كافة المواد الدراسية. أعتقد أنهما لو لم تتمكنا من الالتحاق بمدرستنا، أو لو بقيتا تحت القصف [في سوريا]، أو لو وصلتا إلى هنا، ولم تتمكنا من الالتحاق بمدرسة ومواصلة تعليمهما، لكننا كمجتمع- ليس فقط كمجتمع لبناني أو أرمني- بل كمجتمع عالمي- لخسرنا الكثير”.
تأمل بويجيان أنه إذا استمرت الأختان في التفوق في دراستهما وحققتا نتائج جيدة في امتحاناتهما، فستتمكنان من الحصول على منح دراسية للالتحاق بالجامعة في لبنان أو في الخارج. الشقيقة الأكبر تقلا، التي تبلغ من العمر 15 عاماً، صوبت بالفعل نظرها على شهادة من شأنها أن تمكّنها من المساعدة في جهود إعادة الإعمار في سوريا عندما يصبحون قادرين على العودة إليها.
تقول تقلا: “أود أن أكون مهندسة مدنية. أريد استكمال تعليمي هنا والعودة إلى سوريا للعمل وبناء المنازل. أود أن أقول للذين يشاهدونني أن المدرسة هي كل شيء وعلى الرغم من الصعوبات التي قد تواجهها، يجب أن تكون أقوى. لا تستسلم. واجه كل شيء، لأنك الوحيد الذي ستبني مستقبلك”.