صندوق النقد العربي يُصدر دراسة عن “محدّدات مشاركة المرأة في القوى العاملة”
صندوق النقد العربي

موقع (دنيا الوطن)- في إطار الجهود التي يبذلها صندوق النقد العربي على صعيد الأنشطة البحثية لدعم متخذي القرار في البلدان العربية في الموضوعات ذات الأولوية، أعدّ الصندوق مؤخّراً دراسة حول “محدّدات مشاركة المرأة في القوى العاملة في الدول العربية”.

اهتمّت الدراسة بالوقوف على طبيعة المحدّدات التي من شأنها زيادة مستويات مشاركة المرأة في سوق العمل في الدول العربية والتي تعتبر الأقل على مستوى العالم.

أشارت الدراسة إلى أنّ التمكين الاقتصادي للمرأة يعدّ من أهم العوامل التي تساعد على دعم النمو الاقتصادي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة. فمن شأن القضاء على عدم المساواة الاقتصادية بين الرجل والمرأة أن يُسهِم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي العالمي بما يتراوح بين 12-28 تريليون دولار بحلول عام 2025.

وفي هذا السياق، تُبيّن الدراسات أن تمكين المرأة اقتصادياً ومالياً من شأنه مساعدة البلدان المتقدّمة على التخفيف من تأثير شيخوخة السكان على سوق العمل، كما يعدّ أهم عاملٍ مساعد على الإطلاق في خفض الفقر في الدول النامية. على ضوء ما سبق، اهتمّت الدراسة بالوقوف على أبرز مُحدّدات مشاركة المرأة العربية في سوق العمل خلال الفترة (2016-1990). لتحقيق هذا الهدف، استعرَضَت الدراسة الدلائل الدولية من واقع الاسهامات البحثية السابقة التي اهتمّت بدراسة هذا الموضوع في عددٍ من الدول والأقاليم الجغرافية. وخلصت إلى أنّ المحدّدات الاقتصادية ممثلةً في مستوى التطوّر الاقتصادي مُقاساً بارتفاع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، وارتفاع نسبة مساهمة قطاع الخدمات في الناتج المحلي الإجمالي، تُعتَبر في عددٍ كبير من الدول من أهم مُحدّدات مشاركة المرأة في سوق العمل لما يصاحب ذلك من تطوّرات مُمكنة لزيادة مساهمة المرأة في سوق العمل فيما يُعرف بـ “فرضية المنحنى U”.

إضافةً لما سبق، بيّنت الدراسات أهمية عددٍ آخر من المُحدّدات الاجتماعية والديموغرافية والمؤسسية التي تلعب دوراً مهماً كذلك في تفسير نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل، من بينها مُعدّل الخصوبة ومُعدّل الإلتحاق بالتعليم الجامعي، حيث يؤثّر الأول بشكلٍ عكسي على مشاركة المرأة في القوى العاملة، في حين يؤثّر الثاني طردّياً في قدرتها على الانخراط في سوق العمل. فكلما ارتفع مُعدّل الخصوبة، وزاد عدد الأطفال لكلّ امرأة في سن الإنجاب أصبح من الصعب على المرأة تحقيق التوازن المطلوب ما بين إلتزاماتها الأسرية والعملية، مما يؤدّي إلى انخفاض مشاركتها في سوق العمل.

في حين أنّ ارتفاع مُعدّلات التحاق الإناث التعليم العالي (التعليم الجامعي وما بعد الجامعي) يحفّزهُنّ على المشاركة بنشاطٍ في سوق العمل. علاوةً على ذلك، تؤكّد الأدلة التجريبية أهمية العوامل المؤسسية في تحقيق زيادةٍ ملموسة في مشاركة المرأة في القوّه العاملة من خلال سياسات دعم الاسرة، والتدابير الهادفة إلى زيادة مستوياتٍ مرونة سوق العمل.

أوضحت الدراسة أنّ فجوة النوع تعتبر أحد أهمّ التحدّيات التي تواجه الاقتصادات العربية. في هذا السياق، اهتمّت الدراسة بتوصيف الوضع الراهن لنفاذ المرأة للتعليم وسوق العمل في الدول العربية. بيّنت الدراسة أنه على الرغم من أنّ المؤشرات تُظهر حدوث تقدّم ملحوظٍ على صعيد رأب الفجوة بين الجنسين لاسيما على صعيد الالتحاق بالتعليم الأساسي، لا يزال هناك تفاوتاً كبيراً وملحوظاً ما بين الجنسين فيما يتعلّق بإلتحاق الإناث بمرحلة التعليم الثانوي والجامعي، وهو ما يؤثّر على نوعية مُخرجات التعليم التي تحصل عليها المرأة في عددٍ من الدول العربية، ويحدّ في الكثير من الحالات من فرص نفاذها إلى سوق العمل الذي يتطلّب مستوياتٍ تعليمية ومهاراتٍ أساسية لا تتوفر لعددٍ كبير من الخريجات اللاتي توقّفن عن التعليم في مراحل مبكرة.

على صعيد المشاركة في سوق العمل، تُظهر المؤشرات الصادرة عن منظمة العمل الدولية انخفاض نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل بالوطن العربي مقارنةً بالمتوسّط العالمي، ومقارنةً بالمتوسّط المُسَجّل في باقي الأقاليم الجغرافية الأخرى، حيث لم تزد نسبة مشاركة المرأة العربية في قوّة العمل عن 18.9 في المائة من إجمالي الإناث في سن العمل  في عام 2017، مقارنةً مع 48.7 في المائة للمتوسط العالمي.

وتعتبر هذه النسبة منخفضةً كذلك بالقياس بباقي الأقاليم الجغرافية التي ترتفع فيها نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل إلى ما فوق 50 في المائة.

ومن جانبٍ آخر، تزداد التحديات التي تواجه أوضاع مشاركة المرأة في سوق العمل في الدول العربية على ضوء ارتفاع معدّلات البطالة بشكلٍ عام في هذه البلدان حيث يُشَكّل معدّل بطالة المرأة في الدول العربية البالغ نحو 16.7 في المائة خلال عام 2017 نحو قرابة ثلاثة أضعاف معدّل بطالة المرأة المُسَجّل على مستوى العالم البالغ نحو 6 في المائة في نفس العام.

ولمّا كان التمكين الاقتصادي للمرأة يعدّ من أهم العوامل التي تساعد على دعم النمو الاقتصادي وتحقيق أهداف التنمية المُستدامة، وإدراكاً من الحكومات العربية لأهمية تمكين المرأة على عددٍ من المستويات ولا سيما الاقتصادية منها، تبنّت الحكومات العربية العديد من المبادرات الهادفة إلى تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة في سوق العمل وحفز مستويات المشاركة الاقتصادية للمرأة، وسعت إلى الاهتمام بتوفير فرص عملٍ للإناث لا سيما تلك اللواتي تقطن في المناطق النائية، واللواتي تندرجن في فئات السكان الهشّة، كما عمل بعضها على تعديل القوانين واللوائح وبيئات الأعمال بما يساعد المزيد من الإناث على الإنخراط في سوق العمل.

وبهدف الوقوف على المحدّدات الأكثر قدرةً على تفسير مشاركة المرأة في سوق العمل في الدول العربية، استخدمت الدراسة أسلوب التحليل الوصفي والعاملي وأساليب التحليل القياسي؛ بهدف الوقوف على محدّدات مشاركة المرأة العربية في سوق العمل لعينةٍ تتكون من 19 عشرة دولة عربية للفترة (1990-2016) وقد أشارت نتائج النماذج التي تم استخدامها إلى ما يلي:

– تأكيد تحقق فرضية المنحنى U بالنسبة للدول العربية؛ وهو ما يعني اختلاف مستويات مشاركة المرأة في سوق العمل باختلاف مستويات التطوّر الاقتصادي، حيث تزيد مشاركة المرأة في سوق العمل مع زيادة مستويات الدخول، وتحوّل هيكل الناتج باتجاه قطاع الخدمات الذي يوفر فرصاً أفضل لعمل الإناث.

– تتأثّر المشاركة الاقتصادية للمرأة بمجموعةٍ من المحدّدات الاقتصادية والمؤسسية والاجتماعية والديموغرافية. وتعتبر المحدّدات الاقتصادية الأكثر قدرةً على تفسير مستويات مشاركة المرأة في سوق العمل (قادرةً على تفسير 51 في المائة من مجمل الظاهرة) لا سيما فيما يتعلّق بمتوسط نصيب الفرد من الناتج الذي يُعتبر أقوى عامل مُفَسّر لمشاركة المرأة في سوق العمل.

– تأتي المحدّدات الديموغرافية في المرتبة الثانية، وتعدّ مسؤولةً عن تفسير 28 في المائة من مجمل الظاهرة، ويعتبر معدّل الخصوبة أقوى العوامل ضمن هذه الركيزة، ويؤثّر سلباً على مشاركة المرأة العربية في سوق العمل.

– كذلك تلعب المحدّدات الاجتماعية دوراً مهماً في تفسير مشاركة المرأة في سوق العمل بأهمية نسبية تقدّر بنحو 21 في المائة، ويعتبر التعليم الجامعي أقوى عامل مُفَسّر ضمن هذه المجموعة من المحدّدات حيث يؤثّر إيجابياً على مشاركة المرأة في سوق العمل.

على ضوء ما سبق، وفي ظلّ التحدّيات المستقبلية التي ستواجه أسواق العمل في الدول العربية مع تنامي التأثيرات المتوقّعة للثورة الصناعية الرابعة، والتي من المتوقّع أن تؤدّي إلى تزايد فجوة النوع وإلى فقدان عددٍ أكبر من الإناث للوظائف، يتعيّن على الدول العربية تبنّي مجموعة من السياسات التي تستهدف التمكين الاقتصادي للمرأة بشكلٍ عام وزيادة مستويات مشاركتها في سوق العمل بشكلٍ خاص، وذلك بما يشمل:

– إيلاء المزيد من الاهتمام بزيادة مستويات إلتحاق الإناث بالتعليم الجامعي عالي الجودة وبما يتلاءم مع المجالات التي من شأنها تنمية مهارات المــرأة العربيــة في مجالات العلوم والرياضيات والهندسة والرياضيات وغيرها من المجالات المطلوبة لسوق العمل بما يتماشــى والصناعــات والوظائـف المستحدثة فـي إطـار الثـورة الصناعيـة الرابعـة.

– تبنّي استراتيجيات قومية لتمكين المرأة وتوجيه مشاركة المرأة نحو الوظائف الأكثر طلباً في سوق العمل في المستقبل وذلك بعد تأهيلها بشكلٍ مناسب خلال مراحل التعليم المختلفة.

– دمج المرأة في سوق العمل من خلال تشـجيع المـرأة علـى الانضمام للقوى العاملة وتعزيـز التدريـب التقنـي المُخَصّـص للفتيـات وتدريـب العاملات، والقضـاء علـى الأميّة الرقميـة فـي أوسـاط الإناث.

– الاستفادة من تقنيات المعلومات والاتصالات في زيادة فرص تمكين المرأة اقتصادياً وولوج مجال الاقتصاد المعرفي.

– دمـج البعد الخاص بريادية الأعمال عند المرأة في سياسات تشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والإهتمام بزيادة مستويات نفاذها إلى التمويل.

– مراجعة الأطر القانونية لدعم حقوق المرأة في التملك.

– توجيه السياسات نحو توفير وظائف عمل ملائمة للإناث من خلال تشجيع خلق بيئات الأعمال المرنة التي تتيح العمل بنظام الدوام الجزئي، والعمل عن بعد على غرار تجربة العديد من الدول من بينها دول الاتحاد الأوروبي واليابان.

– التركيز على تبنّي سياسات لتوفير المزيد من فرص العمل للإناث في المناطق النائية، واللواتي ينتمين إلى الفئات الهشّة، والمُطَلّقات، وذوات الاحتياجات الخاصة، لارتفاع العبء المُلقى على عاتق هذه الفئة من المجتمع، وصعوبة ولوجهِنّ لسوق العمل.

صندوق النقد العربي

صندوق النقد العربي

أترك تعليق

المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015