عربيّاتٌ يقُدْنَ حركات التغيير في المنطقة
قناة بي بي سي عربي/برنامج دنيانا تقديم الإعلامية د. ندي عبد الصمد

جمانة علي/swnsyria- في إبريل (نيسان) الماضي، انتشرت صورة لافتة لامرأة ممشوقة القامة ترتدي ثوباً أبيض، وقد غطت شعرها بحجاب خفيف، وزين أذنيها حلق ذهبي كبير. وقادت تلك المرأة حشداً من رجال ونساء في ترديد هتافات مناهضة لحكومة الرئيس السوداني عمر البشير.

وأشارت كيم غطاس، زميلة بارزة غير مقيمة لدى معهد كارنيغي للسلام الدولي، ضمن موقع ذا أتلانتيك الأمريكي، لإطلاق لقب ملكة نوبية على تلك السيدة التي تحمل اسم آلاء صالح، وتبلغ من العمر 22 عاماً، والتي سرعان ما تحوّلت إلى أيقونة لحركة شعبية خرجت لإسقاط البشير – ولمشاركة واسعة للنساء في احتجاجات قادت، في نهاية المطاف، لخلع البشير.

لحظة استثنائية

وقد غطت وسائل إعلام عديدة جهود تلك المرأة، ونساء كثيرات خرجن معها، واعتبرت الصحافة مشاركتهن في المظاهرات بمثابة لحظة غير عادية، بل أقرب لأن تكون استثنائية.

لكن، وحسب الباحثة غطاس، من قبل السودان، كانت النساء في مقدمة المحتجين في بنغازي في ليبيا عام 2011؛ وفي اليمن في ذات العام، وحيث حازت امرأة يمنية، توكل كرمان، على جائزة نوبل للسلام. وشكّلت النساء أيضاً نقطة ارتكاز رئيسية في مواصلة الاحتجاجات والمقاومة المدنية ضد النظام السوري برئاسة بشار الأسد، وحيث أصبحت مئات بل آلاف من السوريّات رهائن في معتقلات النظام.

ورغم ذلك، يقول الموقع بأنه تمّ سحق تلك الاحتجاجات، وحيث لم تكن جديدة أو مجرد لحظات عابرة لنساء عربيات مارسن سلطتهنّ. فقد كانت نساء الشرق الأوسط نشطات منذ وقت طويل في عدّة حقول بدءاً من  الصحافة في بداية القرن العشرين، وصولاً للعمل في المصارف والسياسة في الوقت الحالي، ولكن غالباً ما تم تجاهل دورهن.

بديل 

وتشير الباحثة لظهور عدد متزايد من النساء العربيات اللاتي يقدّمن اليوم بديلاً للنمط الذكوري، وهو غالباً ما يكون صوتاً مستبداً يهيمن على مجتمعاتهنّ (وعلى نظرة الغرب للمنطقة). وبدأت هؤلاء النساء في كسر الصورة النمطية القديمة عن العربيات بوصفهن خنوعات وخاضعات ومنقادات.

وهذا ما برز بوضوح من خلال ما نُشِر مؤخراً ضمن كتاب “نساؤنا على الأرض، مقالات لنساء عربيات من العالم العربي” الذي حرّرته زهراء هانكير، صحفية لبنانية بريطانية. وضمّ الكتاب 19 مقالة كتبتها صحفيات عربيات أو أمريكيات من أصل عربي.

قوه هائلة

ترى كاتبة المقال أنّ ما يميّز تلك الكتابات كونها تعبّر عن منعطفات مؤثرة شهدتها منطقتنا، كما تبدو مضحكة في بعضٍ منها، ولكن ما يضيء من خلال كلّ منها هو القوة الهائلة للكتابة النسائية. وقد أغنت كتابات أولئك النساء العربيّات رؤى غربيين، وفهمهم لما يجري في المنطقة.

ومن بين تلك المبدعات الصحفية هناء علم التي غطّت أحداث العراق لصالح موقع ماكلاتشي بعد الغزو الأمريكي في عام 2003، وخاصة عندما كتبت من خلال تمترسها داخل مزارٍ قصفته مقاتلات أمريكية، أو نور ملص وهي تكتب لمجلة وول ستريت جورنال حول الحرب الأهلية في وطنها، سوريا، أو هويدا سعد، محرّرة لبنانية تكتب لصحيفة نيويورك تايمز من بيروت. وقد أبقت هويدا سعد على قنوات مفتوحة من داخل سوريا، وأبدت تعاطفاً شديداً مع مدنيين سوريين. ونتيجةً له، تقول الكاتبة ”هؤلاء هنّ نساؤنا على الأرض، ونحن جميعاً نقرأ مقالاتهنّ”.

صورة نمطية

وتقول هانكر ”في المقالات، لم تحاول أي من تلك الكاتبات تبديد الصورة النمطية حول من هنّ. وعوض ذلك، ركّزن على المهمة التي كنّ يشتغلن عليها، وعلى وظائفهنّ، وغالباً على بقائهنّ على قيد الحياة”.

وحسب كاتبة المقال “نجحت الكاتبات، من خلال التعبير عن تجاربهن ومشاهداتهن، ودون تعمّد ذلك، ودون الأخذ بعين الاعتبار قرّاء غربيين، في تقويض سرد سائد متجذّر في خطاب معيب لما بعد الاستعمار”.

وتعمل بعض المحرّرات في صحف محلية، مثل شمائل النور التي سافرت في عام 2015 إلى ولاية دارفور المنكوبة بحرب مدمرة للقاء قائد ميليشيات الجانجويد المخيف، أو أسماء الغول التي وقفت في وجه متطرّفين من حماس في غزة بقلمها، وهي تراسل صحيفة الأيام الفلسطينية.

وتجد بعض الكاتبات صعوبةً في التعامل مع أسرٍ لا ترضى عن مهنهِنّ الخطرة، وتعتمد أُخريات على آبائهنّ في مواجهة متطرّفين يحتجّون على عمل النساء.

ومن خلال تلك المقالات، يلتقي القارئ بمزيدٍ من النساء من ليبيا حتى اليمن من اللاتي سمحت لهنّ مرونتهنّ وقوتهنّ للصمود وسط أصعب الظروف. وتقول كاتبة المقال بأنّ هؤلاء صحفيات وناشطات، أو معلّمات، لكن لم يقتصر نشاطهنّ على العمل الوحيد للمرأة، ولا سعين للحديث بشكلٍ محدّد حول قضايا الجندر.

فكرة واضحة 

وتلفت كاتبة المقال لوجوب توضيح فكرة أنّ النساء العربيات لديهن الكثير مما يقولونه، وليس التعليق فقط على حياتهنّ كنساء وعلى قضايا الجندر. وهذا ما دفع صحفية لبنانية مخضرمة، ندى عبد الصمد لتقديم برنامجها الأسبوعي “دنيانا” على تلفزيون بي بي سي. وبدأ بث البرنامج منذ عام 2014، عندما بدأت المحطة البريطانية في تخصيص مزيدٍ من الوقت للنساء، بهدف تحقيق المساواة بين الجنسين عبر جميع برامجها.

وتقول كاتبة المقال بأنّ فوز رواية “سيدات القمر” للروائية العمانية جوخة الحارثي، بجائزة بوكر الدولية لهذا العام، له أهمية بالغة، ولعلّ وعسى أن يساعد في تغيير الصورة النمطية المتجذّرة في الغرب عن المرأة العربية بوصفها خنوعة وخاضعة وبائسة.

ولا يقتصر الأمر في برنامج “دنيانا” على استضافة مجموعة من النساء ونادراً ما يتواجد معهم رجل، بل يتجاهل البرنامج مناقشة قضايا الأمومة وتربية الأطفال، ويركّز عوض ذلك على قضايا سياسية أو اجتماعية. وعبر دنيانا، تناقش خبيراتٌ كلّ شيء بدءاً من البطالة بين الشباب إلى الأدب العربي المعاصر وصولاً لاستراتيجيات مكافحة الإرهاب.

ووصل عدد المشاركات في برنامج عبد الصمد أكثر من 720 امرأة من جميع البلدان العربية، وحتى أنّ عبد الصمد ذاتها دُهِشت مما يبدو عدد لا نهائي من الخبيرات العربيّات المُستعدّات للظهور في برنامجها. وهي ترفض مشاركة ساسة في برنامجها، وفيما تعتبر بعض النساء بارزاتٍ في بلدانهنّ، فهنّ لسن من الشهيرات.

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”. 

قناة بي بي سي عربي/برنامج دنيانا تقديم الإعلامية د. ندي عبد الصمد

قناة بي بي سي عربي/برنامج دنيانا تقديم الإعلامية د. ندي عبد الصمد

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015