كفاح الزعتري/ ألمانيا/ ayyamsyria- وافق المجلس الاتحادي (البونديسرات) يوم الجمعة السابع من أيار/ مايو 2021، على إصلاح قانوني (Tattoos und religiöse Kleidungsstücke) ينظم بشكل أوضح مدى الوشم والجوانب الأخرى لظهور الجنود وضباط الشرطة وغيرهم من المسؤولين. كما يشير القانون الجديد إلى الرموز الدينية.
جاء القانون على خلفية قرار المحكمة الدستورية الاتحادية القاضي برد دعوى المقدمة من ضابط شرطة في برلين تم فصله بسبب وضع وشم يميني متطرف مناهض للدستور. وقضت من حيث النتيجة بشرعية الفصل، لكنها دعت إلى تنظيم قانوني أكثر وضوحاُ.
ارتداء السمات الدينية
كانت أيضاً المحكمة الدستورية العليا في ألمانيا قد أقرت بتاريخ 27 شباط/ فبراير 2021 قانونية حظر ارتداء الحجاب للمتدربات في مجال القضاء والقانون في قاعة المحكمة، في الدعوى المقدمة من فتاة ألمانية محجبة من أصول مغربية متدربة في مجال القضاء، مُنعت من الجلوس على كرسي القضاة إسوة بزميلاتها، بسبب ارتدائها الحجاب.
ينص القانون على أنه يمكن تقييد أو حظر ارتداء السمات الدينية “إذا كانت قادرة بشكل موضوعي على إضعاف الثقة في السلوك المحايد لموظف الخدمة المدنية”. يشار في الأسباب الموجبة، إلى واجب الدولة في الحياد ومن الأمثلة على ذلك الحجاب الإسلامي والكبة اليهودية والصليب المسيحي.” وهو ما أثار القلق بين النساء المحجبات.
احتجاجات
لم يحظ القانون الذي أُقر في البوندستاغ بتاريخ 22 أبريل/ نيسان 2021 باهتمام الإعلام والرأي العام، إلى أن احتجت ضده الجمعيات الإسلامية وانتقده مجلس التنسيق الإسلامي واعتبره “إشارة خاطئة للعديد من المسلمين في بلادنا”. كما اعتبرته عرائض على الانترنت تمييزياً تجاه النساء المحجبات ودعت إلى وقف القانون.
كما انتقدت مسؤولة الاندماج في مجلس الشيوخ في برلين، “كاتارينا نييفيدزيل” مشروع القانون معتبرة أنه “يوفر القانون الأساس لحظر بعيد المدى للحجاب” وقالت “هذا يعني أن النساء المسلمات على وجه الخصوص يتأثرن بالقيود المحتملة. ومن ثم لا يمكنهن ممارسة مهنتهن بحرية، أو لا يتم منحهن حق الوصول على الإطلاق؛ بدلاً من ذلك، يجب أن يتعلق الأمر بمواءمة الخدمة العامة مع تنوع المجتمع وإتاحة صور جديدة لموظفي الخدمة المدنية”
التأثير على الاندماج
عبد الصمد اليزيدي الأمين العام للمجلس الأعلى للمسلين في ألمانيا أصدر بياناً قال فيه: ” كيف نطالب المسلمات المحجبات الدراسة والاندماج ثم نحرمها من الوظيفة. مثلما نتقبل لبس المرأة بأي شكل علينا تقبل المرأة التي تغطي رأسها بقطعة قماش.” وبلقاء متلفز معه رفض أن يكون حجاب المرأة يخدش حياد الدولة، معتبراً إياه أحد أشكال حرية المعتقد التي تضمنها المواد الأولى والثانية والرابعة من الدستور الألماني.
كما أن القرار يجعل الحياة في ألمانيا على درجات وهذا يصيب الاندماج في مقتل، وفق تعبيره. وبنفس اللقاء اعتبر عبد الصمد قرار المحكمة قرار سياسياً يتقاطع مع توجهات اليمين المتطرف، “وأصابه بالصدمة مثلما أصابه الاعتداء الإرهابي في هانو قبل عام” الذي راح ضحيته 11 شخص إضافة لمنفذ العمل الإرهابي.
وجهات نظر
وجهة نظر مختلفة ترى أن حرية الدين والاعتقاد مصانة، لكن من يعمل في مجال القضاء، أن يبدي حياداً وهذا أهم من حرية العبادة المكفولة للجميع. ومن جهة ثانية، القضاة الذين أصدروا الحكم مستقلون وسبق وأصدروا العديد من الأحكام ضد الحكومة الألمانية عندما، تجاوزت أو خالفت القانون.
بقراءة محايدة للقرار، نجد أنه لم يخص الحجاب، بل أتى مطلقاً بحيث يشمل كل الرموز الدينية، القلنسوة اليهودية عمامة السيخ والصليب المسيحي أيضاً. وهنا تجدر الإشارة إلى أن المحاكم في ولاية بافاريا تضع منذ وقت طويل ولا تزال، صلباناً مسيحية بأمر من رئيس الوزراء البافاري، بخلاف كل المحاكم في ألمانيا، والآن يتحتم على تلك المحاكم إزالتها.
قرارات سابقة
يذكر أن المحكمة الدستورية الإتحادية في ألمانيا ومقرها مدينة كارلسروه أصدرت في 13 آذار/ مارس 2020 قرارها المتضمن “الحظر العام للحجاب بالنسبة للمعلمات في المدارس مخالف للدستور”، وجاء بحيثيات القرار، “تلك القوانين التي تمنع المعلمات من ارتداء الحجاب تتعارض مع الحرية الدينية، أن منع الحجاب فقط في حال تهديد السلم الاجتماعي في المدرسة.” لكن…” إن كان هناك تهديد للسلم الأهلي والهدوء في المدرسة، على المعلمة الالتزام بعدم ارتداء الحجاب في المدرسة”.
معروف في ألمانيا أن النساء المحجبات كانت تُمنع من العمل في سلك التعليم في عدة ولايات، إلى أن صدر القرار الآنف الذكر. الذي لاقى ترحيباً من ممثلي المسلمين في ألمانيا. السكرتيرة العامة للمجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا “نورهان سويكان” قالت: “رغم أن الحكم لم يتضمن منح الحرية المطلقة بارتداء الحجاب في المدارس، إلا أنه مفرح جدا”.
وعلى الصعيد الاجتماعي تمارس الفتيات والنساء المحجبات مختلف الأنشطة الرياضية كالسباحة بملابس خاصة “البوركيني”. فالحجاب العادي غير المسيس لا يلقى رفض سواء اجتماعي أو لدى أصحاب القرار.
*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.