غضب شعبي في العراق بسبب قانون يبيح «زواج القاصرات»
لا لزواج القاصرات في العراق

العراق/ وكالات- أعرب العديد من النشطاء العراقيين ومنظمات دولية عن سخطهم بسبب تصويت مجلس النواب العراقي على تعديلات في قانون الأحوال الشخصية، والذي اعتبروه يسلب المرأة حقوقها.

ويعتزم مجلس النواب العراقي إجراء تعديل على مشروع قانون الأحوال الشخصية، المتضمن في أحد بنوده مادةً تبيح «زواج القاصرات»، الأمر الذي أثار موجة من ردود الفعل المنتقدة.

ومنذ مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، صوّت مجلس النواب العراقي بالموافقة «من حيث المبدأ» على تعديل مشروع قانون الأحوال الشخصية العراقي.

وقد أعتبرت بعثة الأمم المتحدة لدعم العراق «يونامي»، نهار الجمعة، إن «استجابة لردة الفعل العامة حيال مسودة قانون تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لعام 1959، فإن بعثة الأمم المتحدة لدعم العراق (يونامي) ارتأت أنه من الضروري الانخراط في مشاورات شاملة وواسعة النطاق حول هذه التعديلات بغية ضمان الاحترام الكامل لحقوق المرأة وحماية هذه الحقوق».

وأضافت، أن «تحقيق المساواة بين النساء والرجال والقضاء على كافة أشكال التمييز ضد النساء والفتيات من القيم الأساسية للأمم المتحدة ولحقوق الإنسان»، لافتة إلى أن «النساء والفتيات في العراق عانت كثيرا من انتهاكات لحقوقهن الأساسية وتعرضن لعنف في الصراعات المسلحة، ولا سيما في مناطق سيطرة تنظيم داعش الإرهابي، وهن يتطلعن إلى أن يصبح نيلهن لحقوقهن أولوية في سبيل تحقيق المساواة مع الرجال».

وتابعت البعثة، أن «هذا الأمر يتطلب فهماً شاملاً للإجراءات القانونية والقضائية التي تحول، في بعض الأحيان، دون تحقيق هذه المساواة، كما أن هناك حاجة ماسة إلى وضع استراتيجيات قانونية ومؤسسية للقضاء على التمييز ضد النساء والفتيات».

كذلك، قال الممثل الخاص للأمين العام في العراق يان كوبيش، وفقا للبيان، «أدعو مجلس النواب لانتهاز فرصة عملية تعديل قانون الأحوال الشخصية، الذي انتقدته مراراً الهيئات المنشآة بموجب معاهدات الأمم المتحدة، من أجل إجراء مشاورات واسعة النطاق حول مسودة التعديلات في جو من المشاركة من أجل تأكيد الالتزام بحقوق النساء والفتيات في العراق وضمان الاحترام الكامل لهذه الحقوق وحمايتها وتحقيقها فيما يخص المسائل المتعلقة بالزواج والقضايا الأخرى».

أما المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، هيذر ناورت، فأعلنت أيضاً رفض بلادها فكرة تزويج الأطفال القاصرات في العراق، كما رفضت أيضاً الخوض في تفصيلات مسودة تعديل قانون الأحوال الشخصية المطروحة في مجلس النواب. وقالت، ردا على سؤال بشأن موقف الولايات المتحدة من تعديل قانون الأحوال الشخصية في العراق، إن بلادها كانت «في خضم تقييم آثار الأعمال المسيئة لداعش المتمثلة في سجن الأطفال وتزويج القاصرات كمشكلات داخلية في العراق»، مضيفة «نقف بقوة ضد فكرة زواج شخص بالغ مع طفلة. القاصرة تبقى طفلة».

وذكّرت أن بلادها تتواصل مع بغداد بشأن السيادة والديمقراطية في العراق، فيما أشادت بفكرة الحوار بين بغداد وأربيل «من أجل اعادة العراق إلى مساره وحل القضايا العالقة سلمياً وثم الانضمام إلى التحالف الدولي لحرب داعش».

وقد أشارت تقارير إعلامية مطلع هذا الشهر أنه وبموجب المادة الثالثة من التعديل المقترح «يلغى نص البند (5) من المادة العاشرة من قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل ويحل محله ما يأتي: 5 ـ يجوز إبرام عقد الزواج لأتباع المذهبين (الشيعي والسني) كل وفقاً لمذهبه (…)».

ويقول المعترضون إن هذا التعديل يسمح لرجال الدين من المذهبين السني والشيعي بتزويج قاصرات في عمر تسع سنوات.

وفي الأثناء، اعتبرت عضو مجلس النواب النائبة غيداء كمبش، أن مشروع تعديل قانون الاحوال الشخصية المطروح داخل قبة مجلس النواب يمثل «تهديداً» لحقوق المراة والطفولة ويثير النعرات الطائفية، مؤكدة أن القانون لن يمر لوجود رفض شعبي كبير تجاهه. وقالت إن «قانون الاحوال الشخصية المطروح حاليا داخل قبة مجلس النواب يمثل تهديدا لحقوق المراة والطفولة ويثير النعرات الطائفية»، مؤكدةً أنه «لن يقر لوجود رفض شعبي وبرلماني كبير لبنوده، سيما أنه اثار جدلا واسعا بين الاوساط الشعبية من خلال منصات التواصل الاجتماعي».

وتساءلت كمبش، «عن أسباب طرح هكذا قانون للمرة الثانية مع اقتراب نهاية الدور البرلمانية»، لافتاً إلى أن «القانون ولد غضباً شعبياً وردود افعال سلبية سيكون لها تاثير كبير في رفض تمرير القانون رغم وجود جهات متنفذة تحاول تمريره». وأكّدت، أن «هناك قوانين مهمة يجب ان تحظى بالاهتمام من قبل مجلس النواب لاقرارها بالفترة المقبلة لما يخدم الصالح العام والعمل على سن قوانين تتلاءم مع بنود الدستور العراقي من ناحية حماية حقوق كل شرائحه وخاصة المرأة والطفولة».

وبدوره أوضح المرصد العراقي لحقوق الإنسان أن “التعديل في المادة العاشرة يسمح بزواج القاصرات بعمر الـ 9 سنوات ويسمح للزوج بتعدد الزوجات بدون إذن الزوجة، ويسمح له بأخذ الرضيع بعمر السنتين من أمه ويجبر الزوجة على السكن مع أهل زوجها، وهذه التعديلات بمثابة نكسة لمكتسبات المرأة العراقية التي حصلت عليها قبل نصف قرن”.

كما اعتبر المرصد أن مجلس النواب العراقي يسعى ومن خلال التعديلات المطروحة على قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 إلى “شرعنة اغتصاب القاصرات وزج المجتمع بمشاكل نتيجة التعديلات المقترحة”.

وأشارت دراسةٌ بعنوان “العقلية الذكورية وتعنيف المرأة في مشروع تعديل قانون الاحوال الشخصية” نشرها موقع إلكتروني نهار الجمعة، إلى أن “الأوضاع الاجتماعية للنساء والفتيات في العراق تعرّضت إلى انتهاكات خطيرة على مر العقود الأخيرة جراء الحروب العبثية التي أقدم عليها النظام السابق وتركت آثارها في ظواهر عديدة, ابرزها الترمل بفقدان الزوج وتحمل الزوجة اعباء الإعالة وتضيق فرص العيش الكريم في التربية والتنشئة الاجتماعية للفتيات وللأسرة بصورة عامة, وأشد أوضاع المرأة تراجعاً ما حصل لها بعد عام 2003 بدءاً من الاحتلال ومرورا بصعود التيارات والحركات والأحزاب الدينية والطائفية إلى السلطة, وصولاً إلى عودة أثر الأعراف والتقاليد القبلية والعشائرية, وكان للحروب الداخلية وما سببته من تهجير ونزوح وتشتيت للمكونات, وتدهور الحياة الاقتصادية وتدني مستويات العيش وانتشار البطالة على نطاق واسع وفي أوساط النساء المتعلمات وفي المجتمع بصورة عامة, أثره الواضح في تصدع منظومة الاستقرار القيمي وتدهور في المعايير وانحسار لخيارات التكافئ والتكافل الاجتماعي وقد جعلت من الحياة الاجتماعية أكثر قتامة.”

وأضافت الدراسة “يكفي أن نشير هنا غلى حجم الكارثة الاجتماعية عندما نتحدث عن نسبة العوانس وقد بلغت اكثر من 80%, كما بلغ عدد الأرامل والمطلقات حسب احصائيات 2016 بحدود المليونين, وبلغ حجم الأيتام والأرامل خمس السكان, وتصاعد نسبة السكان دون خط الفقر الى 35%, إلى جانب زواج القاصرات حيث تم تسجيل 500 حالة زواج دون 18 سنة, وبعضها لا يتجاوز 11, 12 سنة في بغداد لوحدها من قبل منظمات حقوق الانسان والطفولة في العام الماضي.وهذه الزيجات غير مسجلة رسمياً لدى مؤسسات الدولة”.

كما اعتبرت منظمات محلية ودولية هذا القانون انتكاسة لحقوق المرأة العراقية وانتهاكاً للقوانين الدولية وقوانين حماية الطفل. ودعت في بياناتٍ عديدة أصدرتها مؤخراً جميع المنظمات الدولية المعنية بحماية حقوق الطفل والمرأة إلى التحرك الفوري للتصدي لهذا القانون والذهنية التي تقف وراءه.

لا لزواج القاصرات في العراق

لا لزواج القاصرات في العراق

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015