قانون حماية الأسرة: رجلٌ عارٍٍ أم امرأة عارية!
قانون لحماية الأسرة في فلسطين!

رولا سرحان/ فلسطين/alhadath- العريُّ، ليس بالضرورة، أن يُحيلَ هنا إلى العُري الجسدي فقط، وإن كان هو أول ما يتبادرُ إلى الذهن، بفعل الغريزة، أقوى المحركات النفسية الوجودية في الإنسان. العُريُّ صفةُ “انتهاء”، أي صفةُ وصولٍ إلى البغية أو الغاية، لأنها تقتضي أولاً التجريد؛ التجريد النفسي- الداخلي ثم التجريد المادي- الخارجي.

والتجريدُ النفسي يقوم على التهيأة النفسية بشقيها السالبِ والموجبِ، فكلمة (أحبك) مثلاً، تكونُ تجريداً نفسياً سالباً وفي ذات الوقتِ موجباً، لأنه مبنيُّ بالأساسِ على مقصد القائل وغايته. وفي كلتا الحالتين تحصلُ عملية التعرية المهيأ لها بالتجريد في كلمة “أحبك”، التي ستنتهي بالتعرية في السرير في إطار شرعي وقانوني، أو في السرير بلا إطار شرعي أو قانوني.

وبالتالي يكون التجريدُ عمليةً تمهيدية أيضاً لخلقِ البدايات القائمة على الخضوع؛ فالعريُّ يُحيلُ دائماً إلى عملية خضوعٍ، فالشعب العاري من حقوق المواطنة هو شعبٌ خاضعٌ لحكم استبدادي، والشعب العاري من السيطرة على مقدراته وموارده هو شعبٌ محتل، وينسحبُ هذا الأمر في القياس على المرأة العارية من الحقوق، والأسرة العارية من المقدرات المالية (الفقيرة).

لكن الرجلَ العاري من الرجولة هو التعبير الذي يُحيلُ إلى تناقضات الرجل بمعنى: أنه كي يكون الرجلُ متمتعاً بالرجولةِ غير المنقوصةِ فإن على المرأة أن تكون عاريةً: عرياً معنوياً وعُرياً مادياً؛ نفسياً وجسدياً.

وضمن عاملِ الإثارة القائمة على ادعاء بالاستنادِ إلى الشرع “والإسلام”، و “قيم المجتمع”، والذي يجري من خلاله تغطية عري المعارضين لقانون حماية الأسرة، نجدُ ادعاءاتهم تستندُ إلى حجج ليست من الإسلام بل من تأويلاته.

لقد رسخت “الممارسة الثقافية/الاجتماعية للإسلام” – ولا أقول الإسلام- في المجتمعات العربية نظرات تنميطية للمرأة فهي: المحظيَّة، أي إمَّا أن تكون أُما، زوجة، أختا، ابنة، ابنة أخ أو أخت، أو ابنة عم أو خال، أي من “الحريم السياسي الجديد” والتي مهمتها إرضاء شهوات السلطان/ الأمير/ القائد/ السياسي/ الزوج والخضوعِ له في إطار قانوني وشرعي لإكمال صورته السياسية في المجتمع.

وإما أن تكون المرأةُ جارية، أي مهامها تنفيذية، أي قائمة على تقديم الخدمات، وغالباً ما تكون في إطار خدمة الرجل بدايةً وانتهاء بخدمة المنظومة الأبوية، لذلك نرى تقسيم الأدوار الجنوسية في المجتمع تربي المرأة منذ الصغر على الأدوار التنفيذية فهي عاملة في منزل –سواء منزل الغرباء أو منزل العائلة-، أو سكرتيرة، أو معلمة للأولاد، أو بائعة في متجر ملابس، أو موظفة كاش، أو عاملة في المستوطنات ولدى الأعداء.

وإما أن تكون المرأة “بائعة هوى” أو لديها القابلية لأن تكون “بائعة هوى”. وإذ لم تكن ضمن إحدى الفئتين الأخريين فهي تلقائياً وضمنياً ستكون ضمن هذه الفئة التي تشملُ: المطلَّقات، الأرامل، أو النساء المستقلّات مادياً، الفتيات في السكن اللواتي يعشن بعيداً عن بيت العائلة، المرأة المدخّنة، المرأة التي لا ترتدي الحجاب، المرأة التي قرّرت خلع الحجاب، الفتاة التي تدرس في الدول الأجنبية، المرأة التي قرّرت رفع قضية تُطالب بالخلع، المرأة التي رفعت قضية تُطالب بميراثها الشرعي وهي عزباء أو متزوّجة، المرأة التي وجّهت شكوى ضدّ زوجها للشرطة لأن زوجها ضربها أو عنَّفها، المرأة التي قرّرت الزواج ثانيةً بعد أن طلَّقها زوجها، المرأة التي قرّرت ألا تتزوّج أصلاً، المرأة التي تُسافر لقضاء عطلة مع صديقاتها في الخارج، المرأة التي تعود بعد صلاة العشاء إلى المنزل، المرأة التي تعمل عارضة أزياء، أو تعملُ راقصة تعبيرية أو باليه أو تمارس أي مهنة فنية وإن كانت رسّامة.

وهذه هي التنميطات الثلاثة، التي تُحيلُ الفئة الأخيرةُ منها إلى رجلٍ عارٍ ما لم تكن امرأتهُ خاضعة عاريةً جسدياً ومادياً، وقبلهما نفسياً وقابلةً للسيطرة عليها من قبله. هذا هو باختصار تلخيصُ حجج الرافضين لقانون حماية الأسرة المُتغطّين بالدين وبـ “قيم المجتمع”.

قانون لحماية الأسرة في فلسطين!

قانون لحماية الأسرة في فلسطين! 

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015