سوريتنا- «دفعت 600 ألف ليرة سورية لوسيط يعمل في بيت الشعب، فخرجت من السجن على خلفية زواجي للمرة الثانية بعد انفصالي من زوجتي الأولى». هكذا وصف عبود الشاهر (40 عاماً) الطريقة الأسهل التي لجأ إليها للخروج من سجن “الإدارة الذاتية” الكردية بعد مخالفته قرار منع تعدد الزوجات، وزواجه مرة أخرى.
11 مخالفة لقانون منع تعدد الزوجات في 2016
وأوردت قوات آساييش المرأة ضمن إحصائية الجرائم المختلفة التي واجهت المرأة في عام 2016 تحت بند “مخالفة قوانين وأنظمة المرأة” (تعدد الزوجات)، حيث أبرزت الإحصائية عدد عمليات تدخل “الإدارة الذاتية” في مثل هذه المخالفات والتي بلغت 11 حالة.
وقال الشاهر وهو مزارع من سكان منطقة رأس العين شمال الحسكة لــ سوريتنا: «إنه تفاجأ بدورية من قوات آساييش المرأة التابعة للإدارة الذاتية الكردية تبحث عنه في جوار منزله، قبل أن يصلوا إليه بمساعدة الجيران، ثم نقلوه إلى السجن في مدينة رأس العين، حيث قضى شهراً كاملاً».
ماذا لو تزوج شخص مرة ثانية؟
وبموجب قوانين “الإدارة الذاتية”، فإنها تمنع جمع زوجتين تحت أي ظرف، وتتدخل لإجبار الرجل على تطليق الزوجة الأخيرة إذا كانت الزوجة الأولى في البيت، ومن يخالف تُفرض عليه غرامة من 100 ألف ليرة إلى مليون ليرة سورية، إضافةً إلى مدة حبس تتراوح بين شهر إلى سنة كاملة.
يمكن للزوجة الأولى أن ترفع دعوة خلع في “محكمة الشعب” كي يُسمح للرجل بالاحتفاظ بالزوجة الثانية، وفي حال تم الانفصال يلتزم الزوج بتوفير بيت للزوجة الاولى والأولاد مع مصروف شهري لكل فرد يٌقدر بـ 5 آلاف ليرة.
شكاوى الزوجات سبب في طلاقهن
وحول سبب انفصاله عن زوجته الأولى، رغم وجود 5 أولاد، أجاب الشاهر «لم يعد يطيق تحمل العيش مع زوجة تسببت بحبسه، وجميع النساء ممن دخلن إلى محكمة “بيت المرأة” وتقدمن بشكاوى ضد أزواجهن بسبب زواجه بأخرى، أصبحن مطلقات لأن العادات لا تسمح أن تشتكي المرأة على زوجها ثم يعيشون في بيت واحد».
ومن طرائف تطبيق “قانون منع تعدد الزوجات”، حسب ما يرويها أبو محمود، وهو رجل سبعيني لزائريه من الأهالي عقب خروجه من السجن لدى “الإدارة الذاتية”، تتلخص بتقدم زوجته بشكوى ضده لدى “بيت المرأة” على خلفية ضربه إياها بعصا يتكئ عليها.
ويقول أبو محمود: «إنه عاد من رعي الأغنام إلى المنزل في بلدة أبو رأسين فوجد سيارات دورية من الآساييش تطوق المنزل، ومع وصوله خاطبته إحدى المسؤولات بقولها: (مفكر الشغلة سايبة؟ ليش مافي بيت مرأة؟)”، ومن ثم تم تقييده ونقله إلى السجن».
خرج أبو محمود من “سجن النساء” بمساعدة عنصر في قوات سوريا الديمقراطية، يعمل مع القوات الأمريكية في منطقة الشدادي، وذلك بعد دفع مبلغ مالي كبير للوسيط، وقبل أن يخرج من مقر “بيت المرأة” قال للمسؤولات فيه: «أنتم المشكلة الأساسية سأتركها لكم، فلم تعد تلزمني»، مؤكداً أنه حالياً يدفع «مبلغ 16 ألف ليرة شهرياً كأجرة لمنزل استأجره لطليقته وبناتها وسط بلدة أبو راسين، وذلك وفق بنود قوانين المرأة».
ماهي محاكم الشعب؟
من جهة أخرى تعتبر محاكم الشعب مفهوم جديد أدخلته “الإدارة الذاتية” على القضاء في مناطقها، ويهدف إلى إشراك المجتمع بالقرار حتى لا تتفرد به الدولة، التي قد تضع قوانين لا تؤدي إلى حل المشاكل، فيكون لرأي المجتمع تأثيره على الحكم.
يبدأ إشراك الشعب بالقرار من تعيين القضاة، فلا يشترط أن يكونوا حقوقيين، إنما تتسع الدائرة للسماح بالاختصاصات المختلفة تقلد منصب القضاة، بمن فيهم غير الجامعيين، لضم شريحة كبيرة من المجتمع، ويشترط بهؤلاء القضاة أن يكونوا منتخبين من مجالس المدينة، ثم يقوم المحامون برفع أهليتهم القانونية بعد انتخابهم، ويتركز تأهيلهم على القضايا الاجتماعية، ويكون هؤلاء المنتخبون بمثابة هيئة محلفين.
ولا تقع مسؤولية القضاء على عاتق المحاكم وحدها في مناطق الإدارة الذاتية، وإنما يبدأ حل أية مشكلة من بيت الشعب، أما المشاكل التي تخصُّ المرأة مثل المشاكل الزوجية فتبدأ ببيت المرأة، حيث يوجد في هذه الدور كوادر تحاول حل الأمر بالصلح، وإن فشلت تحال القضية إلى المحاكم.
أول شخص يُعتقل لزواجه مرة ثانية
وكان المواطن ريزان محو، من قرية الشبك بالقرب من المالكية في محافظة الحسكة، أول شخص تعتقله الإدارة الذاتية في بداية اذار الماضي، بتهمة إقدامه على الزواج مرة ثانية، وهو ما يخالف القوانين المعلنة للإدارة والتي تفرضها على مناطق سيطرتها.
يذكر أن الإدارة الذاتية الكردية، منعت تعدد الزوجات في مرسوم صادر عنها منذ تشرين الثاني 2014، تحت عنوان “الأحكام العامة الخاصة بالمرأة”، تضمن إضافة منع تعدد الزوجات إلى إلغاء المهر باعتباره قيمة مادية هدفها استملاك المرأة، على أن يستبدل بمشاركة الطرفين في تأمين الحياة التشاركية، ومنع تزويج الفتاة دون رضاها أو قبل إتمامها 18 عاماً، واشتراط حدوث الطلاق بموافقة الطرفين.