رام الله/وكالات- تظاهرت نحو مائتي امرأة فلسطينية اليوم الإثنين، أمام مقر الحكومة الفلسطينية بمدينة رام الله وسط الضفة الغربية، بالتزامن مع انعقاد الجلسة الأسبوعية للحكومة، وذلك عقب ما أثارته قضية وفاة الشابة الفلسطينية إسراء غريب (21 عاما) بظروف غامضة، وطالبن الحكومة بضرورة إقرار قوانين تحمي النساء والأسرة من العنف.
وقررت الحكومة الفلسطينية في جلستها الأسبوعية اليوم، الشروع بمراجعة قانون العقوبات بشكل جدي وفعّال، لتوفير أعلى الضمانات للمحافظة على أمن المجتمع والممتلكات.
وأثارت قضية وفاة الفتاة إسراء غريب من بلدة بيت ساحور شرق بيت لحم جنوب الضفة الغربية في 22 أغسطس/آب الماضي، التي توفيت بظروف غامضة وسط اتهام عائلتها بالتسبب في قتلها، قضية رأي عام فلسطيني وتفاعل عربي ودولي، في حين أكدت النيابة العامة الفلسطينية أنها تتابع القضية وستكشف عن نتائج التحقيق حال إنهائه.
وفي المظاهرة أمام مجلس الوزراء الفلسطيني، رفعت النساء لافتات وأطلقن هتافات رافضة للعنف ضد المرأة، ودعون لإقرار قوانين لحماية الأسرة والمرأة. وهتفت المتظاهرات “لن نسكت لن نموت”، و”ع المكشوف وع المكشوف.. عنف أسري ما بدنا نشوف”، و”ارفع إيدك علي الصوت.. إسراء صرخت ليش تموت”، و”بدنا دولة حريات مش دولة شعوذات”، “احنا نساء فلسطين.. منارات الحرية”، و”ع المكشوف وع المكشوف تخلف ما بدنا نشوف..ظلامية ما بدنا نشوف”، ورددن “المرأة شريكة نضال.. مش للقتل والإذلال”، و”يلي قتلتوا إسراء.. انتوا السبب والبلاء”، و”فكر داعش يا إخوان.. أخطر أخطر من الاستيطان”، و”بدنا قانون يحمينا”، و”يا وزراء ويا هيئات.. بدنا حماية للبنات”.
وقالت رئيسة اتحاد لجان المرأة الفلسطينية، ختام السعافين، لـ”العربي الجديد”: “إن قضية إسراء فجرت قضية إقرار القوانين من جديد، وما فيها من مشاكل جدية لا تضمن حماية الأسرة من العنف”. ولفتت إلى وجود عدة مسودات من القوانين تم الإجماع عليها من المجتمع المدني وشاركت الحكومة في بعضها، معتبرة أنه لا بد من أن يقر الرئيس محمود عباس قانون حماية النساء من العنف.
وشددت السعافين على أن “الشعب الفلسطيني هو شعب حي ويتطور، ولا يجوز أن نعيش في عصر الجاهلية، وأن تكون إسراء ضحية أفكار ظلامية، صحيح أن لدينا في المجتمع الفلسطيني معدل جريمة أقل من تلك المسجلة في مجتمعات أخرى، ولكن هذا لا يعني عدم وضع قوانين تحمي المرأة والأسرة”.
مسودة لقانون العقوبات منذ العام 2012
خلال التظاهرة التي تزامنت مع انعقاد الجلسة الأسبوعية لمجلس الوزراء الفلسطيني، حملت النسوة لافتات تطالب بحقوقهن وتوفير الحماية لهن. وكُتِبَ على إحدى اللافتات التي وقعت باسم الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية “من حقنا قانون يحمينا ويحمي الأسر الفلسطينية، ونَعَم لإقرار قانون حماية الأسرة من العنف”.
من جانبها، قالت وزيرة الشؤون الاجتماعية الفلسطينية السابقة، ماجدة المصري، في حديث لـ”العربي الجديد” على هامش مشاركتها في المظاهرة النسائية: “إنني أول من تقدمت بمشروع إقرار قانون لحماية الأسرة من العنف، واليوم نحن نطالب بعد مقتل إسراء، بإقرار حماية الأسرة من العنف والمقدم منذ عام 2012، لكن تتم المماطلة في الاستجابة لمطلبنا”.
وخلال المظاهرة تلت أمينة سر الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، منى الخليلي، مذكرة باسم الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية والمؤسسات النسوية، تم تسليمها للحكومة الفلسطينية، وتسلمتها وزيرة شؤون المرأة الفلسطينية آمال حمد. وأشارت الخليلي إلى أنه “منذ بداية العام الجاري قتلت 18 امرأة فلسطينية، ما يستدعي مراجعة جادة للتعرف على الفجوات والأسباب الحقيقية وراء استمرار ارتكاب هذه الجرائم”.
وأكدت الخليلي ضرورة الإسراع بإصدار قانون حماية الأسرة من العنف، ومراجعة مكونات منظومة الحماية الاجتماعية وما تتضمنه من إجراءات ورفع مستوى التنسيق بين الشركاء بهدف توفير الحماية اللازمة للنساء والفتيات وتعزيز المحاسبة والمساءلة، وكذلك ضرورة مراجعة عمل مراكز الحماية وتوحيد المقاربات والتدخلات.
ودعت المذكرة إلى تفعيل أدوات الوقاية من العنف من خلال تطوير أنظمة التعليم وتبني سياسات وتدابير فاعلة مستندة للقانون الأساسي الفلسطيني والاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها دولة فلسطين، وكذلك تعزيز الوعي المجتمعي باتجاه رصد وتوثيق والإبلاغ عن حالات العنف، والعمل على رفع مستوى الوعي الأسري من خلال وضع برامج موجهة تستند إلى مبدأ المساواة بين الجنسين، وهذا يتم بتكامل العمل ما بين المؤسسة الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني.
وطالبت المذكرة، الحكومة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية بعدم التهاون مع أية ممارسة اجتماعية من شأنها تشريع العنف، وخاصة الاستخدام المسيء للدين تحت مسميات مختلفة أهمها الشعوذة وبث الفكر الظلامي من خلال استغلال دور العبادة للتحريض على النساء وخلق ثقافة تشرع العنف والتمييز.
كما شددت على أن وضع حد للعنف لا يقتصر على إقرار القانون، بل يتطلب جهدا وطنيا بتبني سياسات ثقافية واجتماعية واقتصادية مستندة إلى مبادئ حقوق الإنسان والمواثيق الدولية، معتبرة أن “الجميع مطالب حكومة ومؤسسات ومجتمعا مدنيا بالعمل بشكل قوي وفاعل وتحمل المسؤولية تجاه المجتمع الفلسطيني وتحقيق العدالة وإقامة الدولة الفلسطينية، دولة القانون”.
من جانبها، أكدت وزيرة شؤون المرأة الفلسطينية آمال حمد، بعد تسلمها المذكرة، في كلمة لها أمام المشاركات: “انطلاقا من مسؤوليتنا الاجتماعية والقانونية اتخذنا مجموعة من الخطوات لحماية المرأة الفلسطينية، وسنتعاطى مع المسيرات والمذكرة بجدية، وسنخرج إلى العلن بالحقيقة كاملة بما يتعلق بوفاة إسراء غريب”.
وتابعت: “ناقشنا في جلسة الحكومة مجريات قضية إسراء، وكان هناك توجه واضح في جملة من القضايا، منها الاهتمام الحقيقي والجدي لمتابعة حيثيات القضية لدى النائب العام وسيتم مكاشفة المجتمع الفلسطيني والمدني بكل حيثيات ومجريات التحقيق، وسنحاكم كل من ارتكب جريمة إن وجدت، والقانون سيأخذ مجراه بمسؤولية مجتمعية ووطنية”.
وأشارت حمد إلى أنه تم نقاش نظام الحماية الاجتماعية، وتم الحديث عن وضع سياسات تربوية واجتماعية والخروج برؤية توعوية كاملة تحمي المجتمع الفلسطيني، وقالت: “ناقشنا التشريعات والحديث عن قانونين هامين هما قانونا حماية الأسرة والعقوبات”.
وفي مستهل جلسة الحكومة الأسبوعية، أكد رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية أنه تم اعتقال عدد من الأشخاص بما يتعلق بقضية الفتاة إسراء غريب للتحقيق معهم. وقال اشتية إنّ “التحقيق في هذه القضية ما زال مستمراً، ونحن في انتظار تقرير الفحوصات المخبرية، فيما سيتم الإعلان عن النتائج حال استكمالها”.
ويشهد المجتمع الفلسطيني العديد من جرائم القتل تحت مسمى ” قضايا الشرف”، ويتم استغلال قانون العقوبات الأردني المعمول به في الأراضي الفلسطينية منذ العام 1960. إذ أقصى عقوبة يمكن أن تفرض على الجاني في مثل هذه الجرائم هي السجن لمدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر.
وتقدم مادة 98 من قانون العقوبات رقم 16 لسنة 1960 عذرا مخففا للعقوبة على الجاني معللة ذلك: ” يستفيد من العذر المخفف فاعل الجريمة الذي أقدم عليها بصورة غضب شديد- ناتج عن عمل غير محق وعلى جانب من الخطورة يأتي به المجني عليه.” ويعرف هذا العذر بعذر ” الاستفزاز أو ثورة الدم”.
*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.