حياة البدري/ رأي اليوم- تعد قضية المرأة في المجتمعات العربية من أهم الواجهات الر ئيسية بوجه الثقافة الديمقراطية، ومن ثمة ففقدان المساواة السياسية بين المرأة والرجل، هي مشكلة محورية بقضية الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم العربي.
فماهي العراقيل التي ثقف حجرة عثرة أمام تحقق المساواة السياسية بين المرأة والرجل، وماهي الأسباب الحقيقية التي تدفع البلدان العربية نحو اللاديمقراطية؟ وكيف السبيل نحو تحقق الديمقراطية السياسية بين المرأة والرجل؟
فرغم النضال الطويل الذي ناضلته المرأة العربية من أجل تحقيق العديد من المكتسبات ، لايزال الموروث الثقافي يعشش في العقليات ولاتزال المدارس والشارع وكل الفضاءات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والإعلامية… تكرس هذا المورث وتصفق له ، الشيء الذي يشجع على ترويج ثقافة التشييء والتبضييع وكافة الصور النمطية التي لاتزال تلقى التشجيع الممارساتي بالدول العربية للمفاهيم والمعتقدات التي تشرعن التمييز الكبير بين المرأة والرجل وتجيز حرمان المرأة لدورها الاجتماعي الكبير.
فلايزال العنف بكل أشكاله وأطيافه، من اجتماعي واقتصادي … إلى عنف سياسي يتربع بمعظم الدول العربية رغم مصادقتها على الاتفاقيات الدولية التي تجرم العنف وتنادي بالمساواة في كل القطاعات بما فيها السياسية ، بالرغم من وجود تشريعات تشرع المساواة وتطالب بها !!…
ولايزال عدم التفعيل هو سيد الموقف، ولايزال الخطاب المزدوج هو الخطاب الرائج ببلداننا العربية ولايزال التشدق بالمساواة وبحقوق المرأة في المنابر الإعلامية من إذاعات وتلفزة.. وبالتجمعات الحزبية والمدنية… وغيرها من المنابر مجرد يافطة نزين بها واجهة اللقاءات والحوارات وعبارة عن موضة تسيرعليها العديد من الأحزاب السياسية ، موضة سرعان ماتبلى وتركن بمجرد الوصول إلى تقسيم التركة الحزبية والمناصب الوزارية والبرلمانية…
نتيجة عدم التخلص من الموروثات والمعتقدات الراسخة والأفكار البالية والمهترئة التي لاتزال تقتات من الإرث التاريخي، الشيء الذي يجعل الأنظمة العربية تقدم نفسها في صيغة ذكورية ترفض المس بالعادات والتقاليد والثقافة الذكورية والمنظومة الدينية التي ترفض في معظم أبوابها، معالجة قضية المرأة والنظر إليها انطلاقا من كونها قضية اجتماعية صرفة، هذه المنظومة الدينية التي تستمد جذورها من تاريخ عريق لا يشمل التاريخ الإسلامي فحسب بل يضرب عميقاً حتى في المسيحية واليهودية .
فالمساواة والديمقراطية عنصران لايمكن الفصل بينهما، فإذا كانت هناك ديمقراطية أكيد ستكون هناك مساواة والعكس صحيح. ولتحقيق هذا التوأم لابد من تصفية آبارنا مادامت هي المنابع، من الخطابات المزدوجة والصور النمطية والأمية … وليس تصفية المياه عند كل مرة سقي.
ولابد من تعليم أبنائنا وبناتنا وأحفادنا لغة المساواة والمناصفة ومقاربة النوع في مقرراتنا الدراسية، من الابتدائي حتى التعليم العالي، وفي بيوتنا وإعلامنا المرئي والمسموع والمكتوب والالكتروني وفي الصورة التي باتت تكتسح كل الفضاءات ويتقاسمها الكبير كما الصغير والأمي كما المثقف والعربي وغير العربي… وفي شوارعنا وكل فضائاتنا… وبأحزابنا وهيئاتنا …
ولابد من تحالف المثقف والمبدع والسينمائي … مع المجتمع المدني، من أجل نشر ثقافة المساواة والمشاركة والمناصفة في اتخاذ القرار، من أجل تحقيق الديمقراطية التي هي في الأصل نتاج لمشروع ثقافي عميق يحتاج الاشتغال بشكل أكبر وأكثر إن أردنا ترسيخه بعقلنا الاجتماعي والسياسي.